بقلم/ حسن الوريث
نشر أحد الزملاء الصحفيين صورة لزميل إعلامي وهو يعمل في جمع القمامة والقوارير البلاستيكية وأعلن فيها مناشدة لمساعدة هذا الزميل وفي نفس الوقت ينتقد فيها أداء نقابة الصحفيين اليمنيين التي اتهمها بالتقصير وعدم قيامها بواجبها تجاه الإعلاميين والصحفيين وبينما كنت أتابع الصورة والمنشور سألني ابني وصديقي الصغير عبد الله الذي كان بجواري عن هذه الصورة وصاحبها .

قلت له يا صغيري العزيز.. هذه صورة لأحد الزملاء الإعلاميين وهو يعمل في جمع القمامة والقوارير البلاستيكية لبيعها لكسب المال لان الكثير من المؤسسات الإعلامية أصابها الشلل واستغنت عن الكثير من الموظفين والكوادر العاملة فيها ما جعلهم يتجهون إلى مهام وأعمال أخرى بعيداً عن الإعلام والصحافة إضافة إلى غياب نقابة الصحفيين واتحاد الإعلاميين اليمنيين وعدم اهتمام الحكومة بالإعلام .. فبادرني على الفور بقوله اليوم شاهدت في التلفزيون احتفال بتكريم الذهباني الذي قالوا بأنه إعلامي فكيف تقول بأنهم لا يهتمون بالإعلاميين ؟ اجبته وعلى الفور أيضاً أتعرف يا صديقي العزيز المثل الذي يقول وما ضر الشاة سلخها بعد ذبحها ؟ هذا هو حال الإعلامي في بلاد اليمن فالزميل الإعلامي أحمد الذهباني لم يلتفت إليه أحد وهو في حياته وظل يضارع المرض والألم وكل أولئك الذين شاهدناهم في حفل التأبين يتشدقون بمناقبه لم نشاهد منهم احد في حياة الذهباني بل أنهم أجبروه على البقاء في منزله ولم يستفيدوا حتى من خبرته المتراكمة وتجربته الكبيرة في المجال الإعلامي رغم أنه رفض البقاء في الرياض رافضاً كل المغريات التي قدمتها له دول العدوان وعاد إلى بلده التي أهملته ووضعته على الرف مثله مثل كل الإعلاميين الذين يقبعون في منازلهم ينتظرون الموت كما فعل الذهباني ومن قبله عبد الملك العيزري ومن قبلهما الكثير والكثير من الزملاء الذين عانوا وحرمت البلاد منهم وهي في أمس الحاجة إليهم .

قال لي صديقي الصغير والعزيز لقد تحدثنا في هذا الموضوع من قبل وقلنا أن الإعلامي في بلاد اليمن عبارة عن بيان نعي يصدر عند وفاته لكن من هو المسئول عن هذا الوضع السيء للإعلاميين والصحفيين ؟ . قلت له بالتأكيد يا صديقي الصغير أن المسئولية تبدأ من المجلس السياسي الأعلى الذي شكل لجنة اعلامية استشارية له لكنه لم يوقضها من سباتها والحكومة التي استمرت على نفس منوال من سبقها في اهمال الإعلام مروراً بوزارة الإعلام التي نسمع جعجعتها لكننا لا نرى طحينها واتحاد الإعلاميين الجنين الذي ولد مشوهاً ونقابة الصحفيين التي ماتت وشبعت موتاً وصولاً إلى المؤسسات الإعلامية التي تشبهت بأمها وزارة الإعلام كل هذه الجهات هي المسئولة عن هذا الوضع المتردي للإعلاميين والصحفيين وفي الحقيقة بأن الوضع ليس وليد اللحظة لكن كل الحكومات المتعاقبة على البلد أهملت الإعلام وجعلت منه مجرد بوق للتطبيل لها ومن ثم ترميه وتهمله إلى أن يدركه الموت وفي حالة تكرمت فإنها وفي اربعينيته تقيم له حفل تأبين تصرف عليه المبالغ الكبيرة بينما الإعلامي وأسرته يعودون إلى منزلهم بمجرد شهادة أو درع لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يوفر حتى قيمة إيجار المنزل .

عاد صديقي الصغير ليسالني مرة أخرى هل يعقل أن يستمر الوضع هكذا وأن يظل الإعلامي في اليمن مظلوم والجهات المختصة والمعنية تتفرج عليه ؟ قلت له يا صغيري العزيز عندما تشعر الدولة والحكومة بمسئولياتها الحقيقية سيتغير الوضع وعندما يتم تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب سيتحسن الوضع لكن والأمر هكذا محسوبيات وقرابات ووساطات فلا تتفاءل أبداً وسيظل الإعلام اليمني مجرد ناقل للأحداث وليس صانعاً لها أو مؤثراً فيها كما سيظل الإعلامي اليمني في أجندتهم مجرد بيان نعي أو حملة ترفيه تلفزيونية في حديقة السبعين أو مجرد جامع للقمامة التي ربما تدر عليه أكثر من العمل في الإعلام الذي افرغ من مضمونه تماماً ..

 فقال لي ابني وصديقي الصغير في ختام الحوار .. نتمنى أن يسمع الجميع معاناة الإعلام والإعلاميين وأن تعمل الجهات المختصة على تغيير سياساتها وتهتم بالإعلاميين الذين هم قادة الراي في البلدان المتطورة بينما هم في بلدنا وبدلاً من البحث عن الأخبار والأنباء ويسهمون في صناعة الأحداث ويؤثروا في المجتمعات يبحثون عن القمامة في الشوارع  .  

حول الموقع

سام برس