بقلم/ عباس السيد
كيف استغل الأتراك والفرس واليهود الدين وبنوا أمبراطوريات ودول هي الأقوى في المنطقة .؟!
وكيف أصبح العرب وهم بلد المنشأ ، مستوردين ل " المشتقات الدينية " ؟!

يصدر العرب النفط الخام برخص التراب ، ثم يستوردون مشتقاته والمواد البتروكيماوية المصنعة منه بأسعار باهضة. هذه الحقيقة ، مجرد فصل في سيرة العرب وتأريخهم في إضاعة النعم وإهدار الفرص.

قبل النفط ، أنعم الله على العرب بالإسلام ، استفادوا منه وصدروه إلى الخارج . لكنهم اليوم يستوردون مشتقاته ، كما يستوردون مشتقات النفط .

إسلام سني ، وإسلام شيعي ، بهائي ، اسلام معتدل ، محافظ ، متنور ، منفتح ، مطربش ومعمم…. إلخ.

كل الدول العربية أصبحت أسواقا مفتوحة للمشتقات الدينية المكررة والمعالجة في الخارج ، وعلى وجه الخصوص ، في تركيا وإيران .

هذا ليس تشكيكا بإسلام إخواننا في إيران أو تركيا ، فنحن العرب لم نقدم نموذجا أفضل منهم .

وعندما حاولت ” بلد المنشأ ” المعروفة حاليا بالسعودية ، الإستغناء عن المشتقات الدينية المستوردة وتكرير الإسلام محليا ، أنتجت السلفية الوهابية التكفيرية ، وعادت بالناس إلى ما قبل الإسلام.

بعد حوالي قرن من الإنتاج والتسويق للمنتج الإسلامي السعودي ، أتضح وجود عيوب خطيرة في المنتج السلفي الوهابي.

وعلى طريقة شركات تصنيع السيارات حين تكتشف عيبا في منتجاتها ، هاهو النظام السعودي يقوم بسحب منتجاته الوهابية من الأسواق المحلية والخارجية .

كبار علماء المذهب أو المنتج ، والخبراء والفنيين في هيئة الأمر بالمعروف كلهم يخضعون الآن للفحص ، ومن استعصى إصلاحه يرسل إلى سجن الحائر ، لإستبدال ” المذر بورد “أو المحرك بأكمله.

دولة الإمارات ، الجار الأقرب لبلد المنشأ وحليفها الأبرز ، لم تنتظر كثيرا نتائج التعديل على المنتج السلفي الوهابي . وقبل أيام، أفتتح بن زايد أكبر كنيسة مسيحية في الشرق الأوسط.

السودان هي الأخرى ، حاولت استخدام المنتج السعودي ، لكنها تحولت عنه سريعا ، وعادت إلى المنتج التركي

ولولا رواج المشتقات الدينية المعالجة في الخارج – التشيع في البحرين والتسنن الإخواني في قطر ، لخرجت الدولتان عن الاسلام ، ويكفي الدولتين كنيسة واحدة أو معبد كبير .

وفي حين تعمل السعودية لاستبدال المنتج الوهابي على أرضها ، تمنع اليمنيين من العودة إلى منتجاتهم المحلية – الزيدية والشافعية – وتحاول إرغماهم على استخدام المشتقات السعودية الوهابية ، ريثما توافيهم بالنسخة المعدلة.

تركيا وإيران :

وحدهم الأتراك والإيرانييون ، يعرفون اهمية الإسلام وكيفية إستغلاله كمادة روحية وسياسية وثقافية وإجتماعية . يعرفون كيف يصنعون منه دين ودولة ، يوحدون من خلاله شعوبا وأمما وأعراق ، يصيغون منه أيدلوجيات ، ويصنعون امبراطوريات .

تخرج الأنظمة العربية عن الإسلام وتتقرب إلى النصارى واليهود ، بينما يبدي النظامين في طهران وأنقرة إهتماما كبيرا بالإسلام ، ومقدساته ، بغض النظر عن حقيقة هذا الإهتمام، الله وحده أعلم بالنوايا. وليس لنا كبشر سوى قراءة الأحداث والواقع ومقارنة المواقف.

بالإسلام ، أستطاع الأتراك العثمانيون بناء إمبراطورية عظمى منافسة للإمبراطورية البريطانية ، واحتلوا أجزاء شاسعة من أوروبا ، ولذلك لم يأبه الأتراك لأي إنتقادات عندما حولوا كنيسة آياصوفيا في اسطنبول إلى جامع.

رمى الأتراك علمانية أتاتورك خلف ظهورهم ، ولولا مراعات أردوغان ورفاقه لبعض الإعتبارات ، لأصدروا فرمانا بإيداع تمثال أتاتورك سجن مرمرة .

قبل تحول الأتراك وصحوتهم الإسلامية ، خلع الإيرانيون الشاه الذي حاول تغريب إيران ، وأسقطوا نظامه العلماني . وأعلنوا : الجمهورية ” الإسلامية ” في إيران. وهاهي إيران الإسلامية تفرض نفسها كقوة لا يمكن تجاوزها في المنطقة . ومن استطاعوا بناء إمبراطورية عظمى بدين زرادشت ، يمكنهم بناء إمبراطورية أعظم بدين محمد.

وكما يهدر العرب نعمة النفط ، يهدرون نعمة الإسلام ، ونعمة الجغرافيا ، وكل النعم التي من الله بها عليهم ، مع أنها كفيلة بجعلهم الإمبراطورية الأعظم في العالم.

إسرائيل واستغلال الدين :

إسرائيل هي الأخرى عرفت كيف تستغل دين موسى. . أحيا اليهود دينهم، جمعوا شتاتهم ، بعثوا لغتهم بعد موتها ، وجعلوا من الدين ايدلوجية سياسية للدولة التي بدأت في جيوب وأزقة القدس ، وهاهي تتوسع غربا نحو النيل وشرقا نحو الفرات.

باليهودة ، تبدو إسرائيل الآن ثالث ثلاثة في المنطقة المعروفة بالشرق الأوسط ، وهي في حالة تنافس محموم مع تركيا وايران للهيمنة على المنطقة.

رغم الإعتراف الدولي بكيانهم الغاصب والمحتل ، يفتش الإسرائيليون في النصوص الدينية والأساطير ، ويحفرون الأرض بحثا عن أي شرعية دينية. أنفقوا ملايين الدولارات والسنوات علهم يحصلون على حجر من هيكل سليمان ، بينما تنشر الوهابية فرقها في كل مكان لتدمير أي معلم إسلامي ، حتى مدينة النبي لم تنج من البلدوزر الوهابي .

من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس