بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
تابعت خلال الفترة الماضية مايجري على الساحة السياسية في بلادنا وكان لدي شغف كبير في أن أجد بعض الجهود او المبادرات أو المقالات التي يمكن أن تطرح رؤيا متوازنة تعمل على مساعدة اليمنيين في تحقيق السلام الذي يرغبون في الوصول اليه لكن للاسف وجدت ان معظم الجهود والمبادرات والمقالات والتغريدات وما يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي معظمها تمثل وجهات نظر محددة مع طرف معين من أطراف الصراع وتمثل وجهة نظر أصحابها وهناك أيضا بعض المقالات والافكار الاخري التي تهاجم جميع الاطراف ولا تقدم رؤيا حول الحل والخروج من المأزق الذي تمربه بلادنا.

ان الاهتمام بما يجري في اليمن لم يعد دولياً فحسب بل تحول لسباق إقليمي وتحوّل الأمر إلى ما يشبه صراع بين القوى الإقليمية وحلفائها على الأرض أدي الى خلق بيئة لخلافات سياسية وأمنية تهيئ للمزيد من الفوضى في مناطق النزاعات فما أن تشتد المواجهات بين الأطراف اليمنية على الجانبين تنتهي كما جرت العادة بتفاهمات اقليمية وإن كانت على مضض أحياناً دون معرفة فحواها ويشعر المتابعون للشأن اليمني بالقلق من أن الخلاف بين الجهات الإقليمية قد يطيل الحرب في اليمن ويخلق دورات صراع مستمرة بين اليمنيين

لا يجب أن نكون متشائمين بمستقبل السلام والحل السياسي الشامل في بلادنا و لا أقل تفاؤلا بمصير أي تفاهمات مهما بلغت حالة الاحتقان السياسي وخروج الاصوات من هنا وهناك وكأننا داخل حلبة صراع إيديولوجي خطير و فكري و ثقافي يستهدف الجميع


ان السبيل الوحيد للمضي قدمًا ليمن مستقر هو عملية سياسية شاملة تجمع جميع أصحاب المصلحة اليمنية من خلال حوار شامل يرعي مصالح اليمن وشعبها من خلال إعادة بناء الثقة بين الاطراف الرئيسية ويكون هناك أرادة ورغبة سياسية من هذه الاطراف في اخراج اليمن من هذا الوضع المأساوي الى حال أفضل

لقد عانى اليمنيين من التناقضات والاختلافات الدخلية وفشلت معظم الحكومات المتعاقبة في تلبية طموحات معظم اليمنيين بسبب الفساد والمركزية وتكوين شبكات نفوذ ومحسوبية سياسية أدت الى استياء الغالبية العظمي من أبناء الشعب اليمني بسبب تركز السلطة والثروة لدي مجموعة قليلة من المتحكمين بالسلطة ومن لديهم علاقات جيدة بهم والغالبية العظمي من اليمنيين يعانون من الفقر والتهميش السياسي والاقتصادي


أن الوقع السياسي في اليمن اليوم أصبح مفتت وقائم علي أرتكازات مناطقية وطائفية ومذهبية يمكن أن تؤدي إلي مزيد من الصراعات والانقسامات والاختلافات السياسية والتحالفات التي تتغير بين ليلة وضحاها وستكون أثارها مخيفه إذا ماتم الاستمرار في دعمها وتغذيتها ليس على اليمن فقط وإنما عبر الحدود

في المحصّلة الأزمة الوجوديّة الحقيقيّة في اليمن هي غياب المشروع الوطني بينما المشاريع المناطقية والمذهبيّة ليست أيضا في أفضل الأحوال إلا أنها أصبحت أداة لإضاعة حقوق المواطنين ومن الممكن أن تقود في أيّ لحظة إلى حرب أهلية ومن غير الممكن أن تكون هي أساس أيّ إنقاذ بات اليوم أكثر من ضروري

ظلت القوي الرئيسية في اليمن مترددة في أن تشارك في نقاشات حول الماضي أو حول كيفية منع تكرار العنف والاحتراب وظلت تعتمد المناورات السياسية والتكتيك فيما بينها للحصول على أعلى المكاسب الشخصية وكان هناك غياب شبه كامل للمساعي من النخب السياسية والاطراف السياسية للكشف عن الحقيقة والاعتراف بأهمية الوصول الى حل سياسي شامل وتحقيق السلام و بناء الدولة وفقا للواقع والاعتماد على المعايير الدستورية والقانونية التى تكفل الحقوق المتساوية لجميع اليمنيين وبعيدا عن الاسباب التى أدت الى اندلاع الحرب واستمرارها


أن الاجواء العامة في هذه الفترة فيها كثير من الغموض والتوتر وتبادل الاتهامات وفي تقديري ان الجهود والتحركات الاقليمية والدولية من أجل السلام ووقف الحرب هي المدخل الأساسي لبداية الحل السياسي الشامل في اليمن وهذا لن يتم إلا من خلال الوعي والإدراك من جميع الاطراف والمكونات اليمنية بأهمية مواكبة هذه التحركات والتطورات من خلال الحوار والانفتاح مع الجميع من أجل الوصول إلي حلول شاملة يكون هدفها السلام الشامل وبناء الدولة ووضع الأسس القويه في بقاءها من خلال بناء المؤسسات بشكل علمي ووطني بعيدا عن ممارسات الماضي المتخلفة في الإقصاء والقهر وتقديم رؤي استراتيجية واضحة في علاقات بلادنا مع الاخرين بما يحقق المصالح المشتركة التى تحقق الامن والاستقرار

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس