بقلم/ الدكتور / علي احمد الديلمي
شاركت الولايات المتحدة في صراع وحرب طويلة مع تنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها في اليمن منذ تفجير المدمرة الأمريكية يو إس إس كول في أكتوبر 2000 م في ميناء عدن والذي كان في ذلك الوقت أحد أهم هجمات القاعدة ضد الولايات المتحدة ومع ذلك لم تكن اليمن ضمن الدول التي تحظي بإهتمام الولايات المتحده في أشراكها في حملة مكافحة الإرهاب الأمريكية حتى عام 2009 وفي السنوات التي تلت ذلك اتحدت عناصر القاعدة في اليمن والمملكة العربية السعودية تحت قيادة تدربت مع أسامة بن لادن لتشكيل القاعدة في اليمن وشبه الجزيرة العربية والتي جندت عمر فاروق عبد المطلب لإسقاط طائرة ركاب في أعياد الميلاد عام 2009 م في طريقها إلى ديترويت بولاية ميشيغان الامريكية ولم تنجح العملية لكن الحكومة الأمريكية انطلقت إلى العمل وشنت حملة عسكرية ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن مستمرة حتى يومنا هذا

عملت الولايات المتحدة على ان تكون اليمن شريك اساسي في مكافحة الارهاب وقد قدمت مساعدات كبيرة لمكافحة الارهاب لكنها كانت تري ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح انه شريك متقلب جدا وبعد احداث الربيع العربي و خروج الرئيس على عبدالله صالح من المشهد السياسي استبدلت الولايات المتحدة شريكها السابق بشريك أكثر مرونة وهو الرئيس السابق عبدربه منصور هادي والذي قدم للامريكان كل التسهيلات وعلى مدار وجوده في السلطة نفذت الولايات المتحدة واحدة من أكثر حملات مكافحة الإرهاب كثافة في اليمن و أغرقت الولايات المتحدة الحكومة اليمنية بالأسلحة ودربت قوات الكوماندوز التابعة لها وتم دمج قوات العمليات الخاصة الأمريكية مع مجموعة من القوات اليمنية ومكنت عملياتها بالمشاركة مع الجيش اليمن من اخراج القاعدة من معاقلها في جنوب ووسط اليمن وقتلت الغارات الجوية الأمريكية سلسلة من كبار عناصر القاعدة في شبه الجزيرة العربية بما في ذلك العولقي وفي أواخر عام 2014 تمكن الحوثيين من دخول صنعاء بسبب ضعف الرئيس السابق هادي وعدم قدرته على التحكم بالمشهد السياسي الداخلي وأغلقت الولايات المتحدة سفارتها في صنعاء وحافظت على وجود عرضي صغير في عدن

في عام 2015 بداءت حرب اليمن بمشاركة دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعوديه من أجل استعادة الشرعية وهي الحرب التي دعمتها الولايات المتحدة من خلال توفير الأسلحة ،وتوفير التزود بالوقود في الجو وتقديم المساعدة في الاستهداف وتحديد الاهداف وبعد مايزيد عن ثمان سنوات من الحرب المدمره في اليمن واثنتي عشرة سنة من حملة مكافحة الإرهاب المكثفة في اليمن أصبحت الولايات المتحدة نفسها متورطة في معركة إقليمية فوضوية بالوكالة ولقد تعرضت الولايات المتحدة لا أنتقادات كبيرة بسبب دعمها للتحالف الذي تقوده السعودية والذي ساهم في حرب مروعة وعدم استقرار سياسي وأسوأ أزمة إنسانية في العالم ولم يعد من الواضح لماذا تقاتل الولايات المتحدة أو كيف سيعزز استخدام القوة المصالح الأمنية الأمريكية والإقليمية والواضح أن العمليات الأمريكية في اليمن ساهمت في الوضع غير المستقر الحالي في اليمن وأن القوة العسكرية وحدها لن تجلب السلام لليمن والمنطقة أو تؤمن الولايات المتحدة من التهديدات التي سعت إلى مواجهتها في المقام الأول

قام الرئيس الامريكي بايدن من خلال سحب الدعم العسكري المباشر للعمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في بلادنا وقام بتعيين الدبلوماسي المحترف ليندر كينج كمبعوث خاص لليمن كمؤشر عن نية إدارة الرئيس بايدن في إعطاء الأولوية لحل مسألة الحرب في اليمن وتشجيع جميع الاطراف على توقيع اتفاقية سلام شامل

على الرغم من أن اتفاق السلام في اليمن لا يزال بعيد المنال ستظل اليمن التهديد الاكبر للإرهاب الذي قد يأتي بعد أنتهاء الحرب اذا لم يكن هناك أدوات مدنية وأقتصادية لمساعدة اليمن في الخروج من التطرف العنيف وإعادة دمج المقاتلين وتوفير فرص العمل وإعادة الاعمار ودعم اليمن أقتصاديا

اذا تم التوصل إلى تسوية سلمية في اليمن يبقى السؤال ما الذي يمنع حدوث التدخل في اليمن في كل مرة ينشأ فيها صراع داخلي أو إذا واجهت اليمن صراعات جديدة فما الذي يمكن أن يمنع الجهات الخارجية من التدخل؟

الحقيقة ان أهداف التدخل في اليمن متنوعة ولها اسباب مختلفة لعل اهمها ضعف الحكومة والدولة بشكل عام بالاضافة الى عدم وجود توافق سياسي على حكومة موحدة ووجود اكثر من حكومة وادارة ومحاور لها ارتباطاتها الاقليمية وبالنظر إلى أن الدول الاقليمية وبالذات السعودية وايران سعت إلى تحقيق أهدافها في اليمن سواء من خلال التدخل المباشر او من خلال من يمثلها الا ان عدم قدرتها على تحقيق جميع أهدافها سيكون بمثابة ضربة كبيره لمكانتها الاقليمية كما ان من المحتمل أن يتمكن الحوثيون من البقاء بمفردهم بعد أن سعت إيران إلى تحقيق مكاسب في القوة الناعمة وبغض النظر عن من خسر او كسب من القوي الاقليمية فإن الخاسر الحقيقي في نهاية الصراع سيكون اليمن والكارثة الحقيقية هي أن الحرب قد أدت إلى تدهور الدولة وخلق المزيد من الصراعات تحت مسميات مختلفة كما عملت هذه الحرب على صنع مستقبل خطير ومعقد وغير واضح لليمن

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس