بقلم/ عائشة سلطان
جميعنا نواجه العديد من التحديات والصدمات والأزمات الصعبة التي قد نتحملها بمشقة حين تكون نفسياتنا وشخصياتنا صلبة ومتكئة على جدران قوية من الأهل، والأحباب والأصدقاء الحقيقيين، وبالطبع فإن الاتكاء على مخزون من الإيمان الصلب يعتبر من أكثر العوامل التي تعيننا على الوقوف في وجه تقلبات النفس والمزاج، وآثار الصدمات الشعورية، والحزن المباغت والنفور من الناس و...

لكنّ كثيرين يقعون ضحايا لعدم القدرة على الاحتمال، وبالتالي فإنهم يمرون بلحظات ضعف شديد يقودهم للشعور بانهيار وتداعي الكثير من القناعات التي كانوا يؤمنون بها سابقاً: كقيم والتزامات الصداقة والرومانسيات المتصلة بالحب والرضا والتفاؤل والتوكل و... كل هذا يبدأ في التداعي في دواخلهم ويبدؤون في رفضها والسخرية منها علناً!

البعض يذهب للعزلة نتيجة شعوره بالغربة عن كل ما ومن يحيط به، يجلس بين الناس لكنه ينظر إليهم باستغراب كمخلوقات لا يعنون له ولا ينتظر منهم شيئاً، مثل هؤلاء الأشخاص غالباً ما يتواجدون بيننا، في أسرنا أو ما بين أصدقائنا وزملائنا في العمل، وما يمرون به ليس سهلاً، إنه شعور حاد بالاكتئاب، وهذا مرض حقيقي، متعب ومرهق لا وقاتل، لكننا كمحيط لا نلقي بالاً لهؤلاء للأسف، نتلقى كلامهم وحواراتهم الكئيبة باعتبارها خروجاً على الدين والإيمان والرضا بالقضاء والقدر، ونبدأ نكيل لهم المواعظ والنصائح، وحين لا نجد استجابة سريعة أو قبولاً فورياً لكلماتنا الأبوية ولمواعظنا الدينية فإننا نبدأ بإدارة أسطوانة التهكم والهجوم والاتهامات بانعدام الإيمان و... إلخ.

والحق فإنّ كثيرين يدفعون ثمناً باهظاً للجهل المركب بهذا المرض السيئ، أولاً جهلهم وثانياً جهل المحيطين بهم بتبعات وخطورة الاكتئاب، فجهلهم بما يعانونه يقودهم إلى اعتزال كل شيء وعدم طلب المساعدة والعلاج، وبالتالي السماح للآفة بالتغلغل فيهم حتى أعمق مكامن نفسياتهم، وأما جهل المحيط فإنه يقود إلى تدميرهم عوض مساعدتهم والأخذ بيدهم، والحقيقة إن هذا المرض لا ينفع معه الاجتهاد والمواعظ، إنه بحاجة لطبيب مختص، ولوقت وصبر، ولعناية نفسية شديدة.. الاكتئاب يمكن أن ينهي حياة إنسان في غفلة عين!

ayya-222@hotmail.com

نقلاً عن البيان

حول الموقع

سام برس