بقلم/حمدي دوبلة
-في معمعة قضية مرتبات الموظفين اليمنيين وماراثونها الطويل والاصرار العجيب الذي يبديه التحالف ازاء صرف هذا الفتات لشعب يئن تحت وطأة الفاقة والفقر لنحو عقد من الزمن، يغفل كل الاطراف ومنها كثير من الموظفين أنفسهم وكذلك الطرف الوطني للأسف أن هذا المرتب "المعجزة "ومخاضه العسير قد تجاوزه الزمن وفقد أكثر من 50 إلى 60 في المائة من قيمته ولم يعد على عهده ومسماه القديم.

-راتب الموظف اليمني هو الأدنى بلا منافس في سلّم قائمة الأجور العالمية وهو الوحيد في الدنيا الذي لا يطرأ عليه أي زيادة أو علاوات سنوية لسنوات طويلة وعقود، وهو المتفرّد دونا عن غيره من مرتبات العاملين من سكان الكرة الأرضية بميزة انه لا يمكن أن يلبي الحدود الدنيا من أساسيات الحياة المعيشية الآمنة ومتطلباتها الضرورية القصوى.
-هذه المزايا الفريدة التي تتسم بها مرتبات اليمنيين هي في زمن السلم والحياة الطبيعية والظروف الاعتيادية. أما في زمن العدوان والحصار والانقطاع وبفعل التضخّم وارتفاع الأسعار وتراجع العملة الوطنية، فقد تهاوى إلى الحضيض أكثر وأكثر ليفقد أكثر من 60في المائة من قيمته، فمن كان راتبه من الموظفين ما يساوي خمسمائة دولار، أصبح لا يعادل حاليا مائة دولار، ناهيك عن ارتفاع أسعار السلع والمواد الاساسية والضرورية إلى أضعاف مضاعفة عمّا كان عليه الحال قبل بداية العدوان في العام 2015.

-كل مثالب ونواقص وعيوب مرتبات موظفي هذا البلد الجريح التي "تصعب على الكافر" ويحزن لبؤسها ورداءة حالها العدو قبل الصديق والبعيد قبل القريب لم تشفع لأصحابها البؤساء الحصول على فتات ما تبقى من اسمها، بل أصبحت كما يقول أحد أعضاء الوفد الوطني في المفاوضات أكثر تعقيدا من مشكلة القضية الفلسطينية وضاق العالم كله ذرعا بها وأُغلقت الابواب وعجز فطاحل السياسة وأرباب الدبلوماسية عن إيجاد الحلول والمعالجات المناسبة ووقف الكل عاجزين عن حلحلة هذا الملف الانساني وقيل فيه وما زال يُقال كل يوم وعلى مدار الساعة ولنحو 8سنوات ما لم يقله مالك في الخمر، حتى فقد الناس الأمل وباتوا يتعاطون مع الأنباء المتواصلة عن المرتبات بكثير من التشكيك والتكذيب والاحباط.

-جميل ذلك التأكيد الذي صدر مؤخرا من أكثر من مسئول في الطرف الوطني حول ان مسؤولية استعادة المرتبات تقع على عاتق السلطة والحكومة الوطنية بصنعاء وانها لن تدّخر جهدا في الوصول إلى هذا الهدف الانساني بمختلف الوسائل المتاحة لكن الأجمل الذي يأمله الموظفون ويرجون حدوثه عاجلا غير آجل هو صدور توجيهات عليا صريحة وواضحة لوزارتي الخدمة المدنية والمالية وكل الجهات المختصة في حكومة الانقاذ من أجل مباشرة إعداد وإضافة العلاوات السنوية على كشوفات المرتبات، المجمّدة منذ تسع سنوات، وتجهيزها بصورتها النهائية قبل أي تسوية واحتساب قيمة الراتب الاصلية التي كان عليها قبل العدوان وضم علاوات وفوارق سنوات الانقطاع كاملة غير منقوصة وعدم إهمال المرتبات السابقة، فهذه حقوق ومكتسبات قانونية ووظيفية تقع في ذمة المختصين ورقاب أولى الشأن ولن تسقط بالتقادم وسيسألون عنها من قبل الناس في الحياة الدنيا وأمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم.

-هذا ما يشدد عليه الكثيرون، وأكدنا عليه في السابق ونجدد التأكيد عليه اليوم، وسنظل نذكّر مسئولينا دائما بأهمية انجازه فورا، وليستمر ماراثون البحث والتفاوض بشأن هذا الراتب "المعضلة" إلى أن يأذن الرحمن وحتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

نقلاً عن يوميات صحيفة الثورة الاثنين 28/8/2023"

حول الموقع

سام برس