بقلم/ يونس السيد
من حيث المبدأ، تبدو دعوة الاتحاد الأوروبي لعقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط لحل الصراع التاريخي بين الفلسطينيين وإسرائيل، فكرة جيدة في ظل احتدام الصراع الدائر حالياً بين الجانبين، واحتمالات التصعيد التي قد تؤدي إلى انفجار المنطقة برمتها. لكن الفكرة تظل مرهونة بقدرة الاتحاد الأوروبي على تنفيذها وتذليل العقبات التي تواجهها.

يقف على رأس هذه العقبات، قدرة المجتمع الدولي بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، على التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، أو على الأقل، إلى هدنة إنسانية لإدخال المساعدات العاجلة للمدنيين في قطاع غزة الذين فقدوا كل مقومات الحياة الأساسية، تفضي إلى الشروع في بناء العملية السياسية بأسرع وقت ممكن حيث لم يعد ثمة ترف لعامل الوقت الذي قد يدهم الجميع بمفاجآت غير متوقعة. والعامل الثاني هو توحيد مواقف الاتحاد الأوروبي نفسه المنقسم أصلاً منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية ولا يزال منقسماً بعد اندلاع حرب غزة، وهو ما ظهر جلياً في تصويت الأوروبيين الأخير على مشروع القرار العربي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي جاء على شكل ثلاث كتل صوتت بطرق مختلفة. صحيح أن الدعوة لعقد مؤتمر للسلام التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي جاءت بموافقة دول الاتحاد ال 27، إلا أنها كانت محصلة تسوية للمواقف المختلفة.

فالفكرة في الأساس هي فكرة إسبانية طرحها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في «مؤتمر القاهرة للسلام» وكانت تطالب بوقف فوري لإطلاق النار، لكنه عندما حاول تمريرها في مجلس الاتحاد الأوروبي اصطدم بمعارضة قوية من جانب بعض دول الاتحاد، وبالتالي فقد تم التوصل إلى تسوية تبنت مقترح مؤتمر السلام والدعوة إلى هدنة إنسانية لإدخال المساعدات إلى غزة. ومع أن الدعوة تضمنت التحضير لعقد المؤتمر خلال ستة أشهر، إلا أن هناك أصواتاً أوروبية تطالب بعقده في أسرع وقت ممكن، بالنظر إلى المتغيرات الجارية في المنطقة. وهناك أيضاً من العقبات التي يجب تذليلها، الحصول على موافقة الولايات المتحدة، التي يرجح بعض المحللين أنها قد توافق على فكرة مؤتمر للسلام، لكن المشكلة تكمن في أن الإدارة الأمريكية ستكون مشغولة بالانتخابات الرئاسية العام المقبل، وبالتالي فإن أولوياتها ستكون منصبّة على الانتخابات قبل أي شيء آخر. فهل يتمكن الاتحاد الأوروبي من أخذ زمام المبادرة وتذليل كل هذه العقبات، أم أن الحديث عن هكذا مقترحات سيبقى معلقاً في الهواء حتى إشعار آخر؟

younis898@yahoo.com

نقلاً عن الخليج

حول الموقع

سام برس