بقلم/ احمد الشاوش
أثار شعار الخطوط الجوية اليمنية الاكثر جمالاً واناقة وابداعاً بعض المسؤولين والفنانين التشكيليين في اليمن ، كما جذب التصميم الفريد أنظار المسافرين والخطوط الجوية العربية والدولية.
وقد طرح حول شعار اليمنية الانيق أكثر من علامة تعجب واستفهام ، بعد ان نسب البعض تصميم الشعار الى الفنان الكبير عبدالجبار نعمان ، والبعض الاخر الى الزوبة وعدد من الاسماء اللامعة في مجال الرسم والخط والتصميم ..
لكن الحقيقة المؤكدة ان أول من رسم "شعار اليمنية" الجذاب على قطعة من الحديد واحتفظ به في صندوق خاص هو المهندس اليوغسلافي " جستفا تون".

وعندما اعجب المسؤولون في الخطوط الجوية اليمنية بالشعار الجديد طلب احمد زيد المحضار المدير العام وبعض المختصين من الفنان والرسام التشكيلي " علي شكري " الحضور وتكليفة برسم وخط الشعار على طيران اليمنية حيث قام بتطويره ورسمه بالشكل الجميل الذي هو عليه الان كمرحلة أولى وأحتفظ المحضار بالقطعة الحديد في بيته .. وفي المرحلة الثانية خلال ترأس شايف محمد سعيد العريقي الذي عممه على طيران العالم بحضور اعضاء مجلس الادارة ، بحسب ماذكره لي المثقف الرائع والذاكرة الوطنية والموثق التاريخي الاستاذ عبدالله النخلاني ، أحد موظفي الخطوط الجوية اليمنية القدماء والمعاصر لتلك المرحلة الذي يملك أكثر من مائة كتاب ومرجع ومعلومة عن طيران اليمنية والطيران الدولي ، بينما اليمنية تفتقد الى ذلك الارشيف الزاخر مع الاسف الشديد.

قد يستغرب البعض من أن شعار اليمنية الذي دار حوله الكثير من الاخذ والرد والاستفسار واللغط ، رسمه الفنان شكري ، وان المعلومة متأخرة التي حصلنا عليها ، لكنها الحقيقة في ظل غياب نظام التوثيق والارشفة في مؤسسة وطنية كبرى وناقل يشار اليه بالبنان وأن تأتي متأخراً خيراً من أن لاتأتي..

وقد يُصدم البعض الاخر ويتعصب طرف ثالث ويرجح البعض فلان او علان لكنها الحقيقة الدامغة ومن لديه مايثبت عكس ذلك بالوثيقة فعليه بالتعقيب والتصويب الذي ينسف هذه الرواية حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية.

رُفع شعار الخطوط الجوية اليمنية الذي رسمه الفنان شكري في العام 76م تقريباً ، وفي العام 1969م تم وقف العمل بشعار اليمنية بسبب احتجاج الفريق حسن العمري عندما كان رئيس وزراء بحجة ان الشعار يحمل اسم المؤسسة ولا يحمل اسم الجمهورية العربية اليمنية.

وكانت طائرة الخطوط اليمنية بدون الشعار بأستثناء العلم الجمهوري ، بينما تربع شعار اليمنية الخفيف الظل على ترويسة المراسلات الداخلية للادارة وفي الوثائق رغم وجهات النظر المختلفة بين مسؤولي اليمنية والحكومة .

وشاهد الحال أن علاقة اليمن بيوغسلافيا كانت قوية وكان اليوغسلاف من ألطف الناس وعندهم سجية وحب لتعليم الطيارين والمهندسين والعمال اليمنيين.

وفي روما سقطت أحدى طائرات الخطوط الجوية اليمنية ما ادى الى وفاة ام هاني أخت الامام احمد حميد الدين وتم تشييع جثمانها في اليمن ، بحسب ماذكرته وسائل الاعلام في حينه.

ومن مآسي القدر أو الخلل الفني أن أحدى طائرات اليمنية سقطت وتحطمت في تعز وكان على متنها اربعة من أكفأ الكوادر الوطنية وهم علي القباطي ومحمد صالح الجعشني وأثنين آخرين.

ومايلفت النظر ان يوغسلافيا قدمت مليون ونصف المليون الدولار مساعدة للخطوط الجوية اليمنية بعد ان تحطمت بعض الطائرات في الجو وتوفي العديد من الطيارين اليمنيين ، وان العلاقة بين اليمن وغسلافيا جيدة حتى ان بعض الطائرات كان يقودها طيارين من يوغسلافيا.

والعجيب في الامر أن الخطوط اليمنية كانت تستأجر في الستينات والسبعينات نصف محرك من سوريا لتشغيل الطائرة لانها لاتملك الا محرك .

وفي فترة عصيبة رهنت قيادة الخطوط الجوية اليمنة ارضيتها الكائنة بالقرب من جسر الصداقة جوار البنك المركزي وانتقلت ملكيتها الى شخص يدعى الهيكل تقريباً بحسب ماذكره النخلاني لي خلال دردشة ، في مقابل صرف مرتبات الطيارين والموظفين والعمال والمهندسين .

ومن أجمل اللحظات انه في العام 1973م وصل اول طيار الى اليمن بطائرة بوينج رقم 727 يقودها الكابتن محمد علي الزريقي ، ويقال أيضاً ان اول طائرة وصلت من فرنسا الى الحديدة ومن ثم الى مطار صنعاء في صورة عكست مشاعر الحياة والسعادة.

وخلال فترة ترأس التاجر شايف محمد سعيد -رئيس مجلس ادارة اليمنية أشرف بنفسه على مبنى اليمنية الزجاجي التُحفة بمنطقة الحصبة بصنعاء كما دون واختزل الكثير من المعلومات في العدد الاول من مجلة اليمنية.. ثم ترأس الخطوط الجوية اليمنية الاستاذ محمد الحيمي الذي كان عنوان للاخلاق والقيم والمهنية وعمل نهضه تطويرية لفتت انظار المجتمع اليمني والعالم وبعد ذلك الزمن الجميل حول تجار الحروب واللاهثين وراء السلطة والمناصب والثروات المبنى الزجاجي الجميل بعد قصفه الى كومة من النار والاطلال .

وقد حمل العدد 37 من مجلة اضواء اليمن صورة اعلان الطائرة البيونج رقم 37 والذي نشر في اول شهر من العام 76م ، في حين تؤكد الاخبار ان اول عدد لمجلة الخطوط الجوية اليمنية طبعت في روما.

أخيراً .. الخطوط الجوية اليمنية تاريخ عريق وجميل لكن الواقع يقول انها تفتقد الى المعلومة والتوثيق والتدوين والارشفة التي تُمكن الموظف والباحث والاكاديمي والصحفي والاعلامي من الاطلاع على الماضي الجميل وتفاصيله التاريخية رغم مرارة الحاضر المتجلي في عدم الاستفادة من الرعيل الاول الذي وثق الكثير من المعلومات التي تعكس عظمة الناقل الوطني بصورة شخصية .. ما أحوجنا الى التدوين والاستعانة بالذاكرة الوطنية عبدالله النخلاني وأرشيفه والآخرين بعيداً عن الدعممة وبما يخدم مسيرة وتاريخ ومستقبل الخطوط الجوية اليمنية.
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس