بيتر ميليت
كانت الأوضاع مروعة في غزة خلال الستة أسابيع الماضية وكان أثر العنف مرعبا على المدنيين خصوصا الأطفال والنساء. فقد اضطر نصف مليون فلسطيني تقريبا لترك منازلهم وكان البحث عن المأوى والغذاء والدواء هو تحد يومي.
أثناء كتابتي لهذه المدونة أصبحت الهدنة قيد التنفيذ. دعونا نأمل أن تستمر هذه الهدنة وأن تبدأ العملية الجدية في إعادة إعمار غزة والمهمة الصعبة في إصلاح الضرر الذي لحق بحياة المدنيين الأبرياء.
كان دور منظمة الأونروا ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العالمية دورا أساسيا خلال هذه الأزمة. فقد قدمت الأونروا مساعدات إنسانسة طارئة للاجئين في غزة و إيواء أكثر من 280 ألف مدني في 85 مدرسة.
لقد تم قصف بعض هذه المدارس وقتل بعض الأشخاص الذين كانوا يحتمون داخلها. على الرغم من هذه الإنتكاسات و حقيقة أن 11 شخصا من موظفيهم قتلوا، فقد أوضح المفوض العام للأونروا بيير كرينبول التزام الأونروا المستمر في غزة. كما استمرت الأونروا بتقديم المأوى والغذاء والماء للعائلات التي دمرت منازلها أو الذين التمسوا المأوى من الأمم المتحدة.
إعادة بناء هذه المدارس والمستشفيات وإصلاح تمديدات المياه هي من أهم الأولويات وفي المستقبل على الأونروا إعادة بناء حياة هؤلاء الأشخاص المدمرة. الأولوية هنا تكمن بالنظر الى تأثير العنف على الأطفال والخوف من أنه سيكون هناك جيل جديد يعاني من هذه الصدمات.
تمتلك منظمة الأونروا الخبرة في معالجة مثل هذه الأمور فهي تقوم بمساعدة اللاجئيين الفلسطينيين منذ أكثر من 60 عاما. فمنذ بدايتها عام 1949 استجابت المنظمة لاحتياجات 750 ألف لاجئ من فلسطين أما الآن أصبح لديها حوالي 5 ملايين لاجئ يحق لهم جميعا الحصول على خدماتها. توفر الأونروا التعليم والرعاية الصحية والحماية في 58 مخيما في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
لقد قمت بزيارة مخيمات الأونروا في عمان و جرش وإربد والتي اندمج الكثير منها داخل نسيج المدن.إن مقابلة هؤلاء اللاجئين وجها لوجه تجربة متواضعة فهم يروون قصص تركهم منازلهم هربا من وحشية الحروب والنزاعات المسلحة بحثا عن مأوى، والأهم من ذلك رغبتهم في العودة إلى ديارهم. علينا كجهات مانحة تقديم المساعدة للاجئين بالإضافة الى الدول والمنظمات التي تقدم المساعدة بسخاء.
على الرغم من الفقر والظروف الضيقة في المخيمات، هناك دائما جو من الأمل خاصة في المدارس التي يكون فيها الشباب الطموح الذي يحلم بمستقبل أفضل. فهم لا يريدون أن يكونوا عبئا على أحد بل يريدون أن يساهموا في التنمية الإقتصادية في الأردن. يمكن للمشاريع الصغيرة أن تحدث فرقا، فقد رأيت كيف تقوم المنظمة بتوفير التمويل للنساء لإقامة مشاريع صغيرة أو تقديم المساعدة لترميم المباني من أجل توفير سكن لائق للعائلات.
على المجتمع الدولي مساعدة الأونروا ليس فقط من خلال المهام الفورية في غزة ولكن أيضا في الجهود طويلة الأجل للاجئين في بلدان أخرى. يعد الاتحاد الأوروبي أحد المانحين الرئيسيين حيث يوفر 43.7٪ من ميزانية الأونروا.
المملكة المتحدة هي أحد أكبر الجهات المانحة والتي تساهم ب 107 مليون جنيه إسترليني للأونروا خلال فترة الأربع سنوات الحالية إضافة الى تقديم الدعم للوكالات الأخرى التي تعمل مع الأونروا مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP) واللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) .
قامت المملكة المتحدة بمنح أكثر من 19 مليون جنيه إسترليني للأزمة في غزة من المساعدات الطارئة لمساعدة عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين خسروا بيوتهم.
لقد قدمت الأونروا دعما مؤقتا لأزمة اللاجئين في غزة وإذا استمرت الهدنة فالأولوية تكمن في وضع حد نهائي للعنف لتتمكن المنظمة من معالجة الوضع الإنساني المتردي هناك.أما على المدى الطويل، يجب أن يكون هناك حل تفاوضي شامل يسمح لكل من الإسرائيليين والعائلات الفلسطينية بالعيش دون خوف من وجود المزيد من العنف.

*السفير البريطاني في الأردن

حول الموقع

سام برس