بقلم / معاذ الخميسي
* ماذا لو لم تجبرهم وحشية الضربات الموجعة والمتواصلة كل يوم (نهاراً وليلاً) على أن يتركوا منزلهم ويهربوا للنجاة بأرواحهم بعد أن تحطمت النوافذ وتعاظمت المخاطر؟ بالتأكيد كنا سنجدهم وقد غطاهم التراب كما غطى أسراً أخرى أصرت على أن تبقى وأن تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت ركام (شقى العمر) !!

* ما هذه الوحشية التي لم تبق ولم تذر؟! وما الذي استفاده المجرمون وهم يزهقون الأرواح ويدمرون المنازل ويغتالون الحياة ويقضون على كل شيء فيها؟! جثث في كل بيت وفي كل شارع.. دماء وأشلاء.. خراب ودمار.. حرائق ونار التهمت الأخضر واليابس..!!

* كل شيء في غمضة عين تحول إلى ركام من تراب وأحجار وزجاج.. والدمار طال المنازل والخرسانات الاسمنتية في الأسقف والجدران والغرف والصالات والأثاث وكل التجهيزات.. وفجأة وجدت أسر كاملة نفسها بلا مسكن تستظل تحت سقفه.. وتحتمي بجدرانه.. يدفئها في شدة البرد.. ويظلها من غزارة المطر.. ويمنحها الطمأنينة عندما يقسو الزمن.. وحين يتوسد أفرادها مخدات النوم لا يخشون الجوع ولا العطش إن تغيرت الأحوال واشتد الكرب ماداموا بين أركان منزلهم الذي لا يملكون في الحياة سواه !!

* ضاع الحلم.. فما أن تحقق حتى تبخر.. وذهب مع غبار ونار الصاروخ الكروز الذي قضى على مدينة عطان كاملة وقتل البشر ودمر الحجر.. ووزع الموت واليتم على مئات الأسر.. بلا رحمة.. وبلا أدنى إحساس ببشاعة الجريمة.. وفداحة الكارثة!!

* ما تبقى لم يكن أكثر من نظرة ألم.. وحسرة ممتدة من أقصى تنهيدات القلب المكسور.. والروح المثقلة بالأحزان.. لبقايا منزل أو منازل كانت الملجأ والملاذ وأصبحت قاعاً صفصفاً تخبر الأجيال المتعاقبة بأن بطش وجبروت البشر فعل ذلك دون وازع من ضمير أو دين أو أخلاق. .وفي لحظات استكبار لمن يتناسون أن الله هو الجبار..المنتقم ..!!

* ليس عبدالرحمن فقط.. ولا هشام.. ولا شقيقتهما.. ولا أمهما..ليسوا وحدهم من صادرت طائرات القصف والموت والخراب والدمار منزلهم واستحلت أحلامهم.. فهناك كثيرون صادر العدوان أرواحهم ومنازلهم وسياراتهم وممتلكاتهم..وغيرهم أكثر يصادر الحصار الجائر الظالم حياتهم كل يوم.. ولا مكان أبداً لرحمة هي منزوعة في الأصل من قلوب تلك الكائنات المتشبهة بالبشر.. ولذلك هاهم يترقبون.. تجاوزوا الشهر.. ومازالوا ينتظرون.. لا لمن يموتون في غرف العناية بالمستشفيات.. فقد مات منهم الكثير..لكنهم ينتظرون من سيموت جوعاً وعطشاً.. ولن يموت سينتصر.. وإن مات سيموت عزةً وشموخاً..!!

حول الموقع

سام برس