بقلم / معاذ الخميسي
■.. في ظل هذه الحرب الطاحنة والمدمرة كثرت المآسي وتعددت الكوارث وزاد الوجع الذي كان حاضرا في حياة الناس وحول الأغلب إلى هدف سهل للفقر والمعيشة الصعبة..فكيف بالحال في هذه الأيام التي لا يجد فيها من يشكو الفقر الأمان ولا يستطيع أن يوفر لقمة تسد رمق جوع يوم واحد ..؟! وإذا ما توفر ذلك وبصعوبة بالغة فكيف بالإمكان توفير الماء الذي اختفى تماما في أغلب المنازل؟! وإذا ما أراد أي رب أسرة توفيره فعليه إنفاق مبلغ باهظ يصل إلى عشرة آلاف في الأسبوع الواحد.. وهنا الكارثة والمأساة الحقيقية التي لم تجد من يتنبه لها ولا من يضع المعالجات الصائبة والكفيلة بإنهاء مشكلة الاحتكار والابتزاز ؟


- لنفترض أننا قادرون على أن نواجه الحصار وتوجهات التجويع والتركيع بالاستفادة من معاناتنا في اتجاهات كثيرة، وإيجاد البدائل التي توفر لنا ما نريد كما هو حالنا مع الكهرباء التي اختفت تماماً منذ شهرين ولم يعد للمولدات التي تعمل بالبترول أو الديزل قدرة على سد الفجوة في ظل انعدام المشتقات النفطية.. لتظهر بدائل عدة تعتمد على الطاقة الشمسية وعلى البطاريات وكذا على (فيشات) التلفونات.. وكذا العودة للاحتطاب وطهي الطعام لتجاوز مشكلة انعدام الغاز ..والاستعانة بالدراجات الهوائية بدلا من السيارات في ظل أزمة البترول.. لكن كيف بإمكان من بالكاد يستطيع توفير لقمة العيش أن يوفر الماء الذي انعدم تماماً من مضخات الدولة وارتفع سعر الوايت الماء إلى عشرة آلاف ريال وسط فرجة الجهات الرقابية على الارتفاع الجنوني الذي لم يجد من يراقب انتهازية أصحابه ولا من يردعهم!!

- أستغرب فعلاً لماذا لم يتم التنبه حتى اللحظة إلى خطورة معاناة الماء وتفاقمها؟ ولماذا لم ينبض عرق الإحساس عند من تتكرر أمامهم مشاهد اللهث المؤلم والمحزن وراء (دبة ماء) كما يحدث في الحارات والشوارع؟ وخاصة عندما يبادر فاعل خير إلى توفير (وايت ماء) لحارة فيتهافت عليه الصغار والكبار وحتى النساء اللاتي يغادرن منازلهن ويدخلن في زحام شديد للحصول على قليل من الماء.. ولا أعرف بالضبط هل المطلوب ذلك الازدحام واللهث والمعاناة أم أن هناك من يرى أن وصول الماء إلى المنزل عبر مضخات مؤسسة المياه أو عبر (ويتات) البيع النقدي وامتلاء الخزانات عبارة عن حالة ترف لا تتناسب مع وضع الحرب الذي نعيشه!!

- أي شيء من الاحتياجات المعيشية التي لا تستقيم الحياة إلا بها بالإمكان توفيرها أو إيجاد بدائل عنها ولن يستطيع أحد أن
يصل إلى معرفة ما يهدف إليه من وراء فرض الحصار واستدعاء المعاناة طال الزمن أم قصر.. والماء هو الوحيد الذي ليس له بديل ومن نعم الله.. إنه موجود ومتوفر ونحتاج فقط إلى من يستشعر ضرورته للناس وأهمية توفيره لا احتكاره ولا استخدامه كسلعة باهظة الثمن من أجل الابتزاز.. ومن أهم الأولويات النظر إلى معاناة الناس المائية والسعي إلى توفيره ووضع آلية ضبط وردع لمن يبيعونه.. والإحساس بمن لا يمتلك القدرة على الشراء الباهظ الثمن أو من لهم منازل في أزقة وحارات ضيقة كصنعاء القديمة مثلا ومن المستحيل وصول (وايتات) الماء إليها !

- ويا ليت.. والعمل المبني على الرؤى والأبعاد يطال مختلف اتجاهات المسؤولية ويهتم أكثر بالشأن الاقتصادي المرتبط بأحوال المواطنين ومطالبهم وفق دراسات وخطط ممنهجة لا على طريقة ما بدا بدينا عليه.

نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس