بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
من المفارقات العجيبة والخطيرة ان تتحول " مصر " العزة والكرامة والعظمة الى مجرد " تابع " يلهث قادتها وراء أموال " الرياض " ودنانير " قطر " ومساعدات " واشنطن " المشبوهة على حساب " أمنها " القومي والعربي ، وتهميش وتغييب دور مصر القيادي و " الريادي " في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا واسيا ،، بعد أن بلغت عنان السماء في التحرر والبناء والاتزان السياسي في تجميع وحدة العرب والمسلمين .

إلا أن السياسات الخاطئة والمؤامرات الخارجية الرامية لتركيع ما تبقى من مداميك البيت العربي ، أدت الى وصول أضعف قيادات مصر الى قمة هرم السلطة ، نتيجة للفوضى السياسية المصاحبة لا حداث الربيع الصهيوني المدعوم مالياً من دول الخليج والذي أستغل بعض الممارسات الخاطئة وأوقد نار الفتنة والكراهية بين أبناء الوطن العربي .

والاكثر إيلاماً ترنح الدور المصري العظيم وتهميش حكماء وعقلاء ومثقفي مصر الكنانة الذين ملؤ الدنيا ابتسامة منذ ثورة 1952م التي قضت على النظام الملكي المستبد والاقطاع وساوت بين الشعب وأوجدت ثورة تعليمية وتنمية اقتصادية وصناعية وزراعية واجتماعية وثقافية ، رفعت اسم مصر عالياً لدى كل الامم والشعوب .. كما أن مسؤولياتها الاخلاقية وعلاقاتها الانسانية وأهدافها النبيلة أوجبت عليها رفع مشاعل العلم والدعوة الى تحرير البلدان المستعمرة من دول افريقيا واسيا مما اعطاها تناغم ورصيد كبير من الثقة والاحترام لدى قادة وشعوب العالم .

ومن المخجل والمجحف فعلاً أن يتوارى النظام المصري الجديد خلف الجدران ، وأن يخطو عرض الحيط بعد ان وضع مبادىء مصر في رفوف التاريخ ، مساوماً في مبادئه وطيعاَ لسفها دول النفط الذين لايملكون اي استراتيجية سوى التدمير والتآمر والتمويل للمشاريع المأزومة مقابل بقائهم واستبدادهم .

ومن المحزن أن نرى القلب النابض للامة العربية صادما للشعب اليمني وشعوب العالم العربي والاسلامي بتأييدها للعدوان السعودي الامريكي " الصهيوني " الغاشم ضد اليمن ، ونرى الدور المصري " ينحرف " عن مساره المتزن و مبادئه ويتلاشى كخفافيش الليل في أسواء الظروف التي تمر بها الامة العربية ، متنكراً لمبادئ ثورته العظيمة وكفاحه ضد الطغيان الاسرائيلي ومناصراً " الذئب " السعودي والقزم " القطري " الذي ادخل مصر في مستنقع الفتنة و همش دورها، ونصب سمسار" جيبوتي " لعب الدور المشبوه في أمتهان اليمنيين والامن القومي العربي كما حيد دور مصر التاريخي و دبلوماسيتها وسياستها الرصينة من خلال منع طيران الامم المتحدة التي تقل وفد " اليمن " من صنعاء للمشاركة في مشاورات " جنيف " لوقف العدوان السعودي الامريكي والحصار الجائر الذي قتل الالاف وشرد الملايين ، وقبل ذلك عدم التعامل بإنسانية مع مشكلة العالقين الذين تعرضوا في مصر لا بشع معاملة انسانية في التاريخ من قبل قوات الامن ومالاقوه من من طرد من الشقق والحدائق والمنتزهات ، بالإضافة الى الاهانة والتهديد لا جل عيون ال سعود وبإيعاز منهم للتشوية بصورة اليمنيين في وسائل الاعلام بعيداً عن الرحمة وغرض الانتقام وتصفيات سياسية ، حتى ان المسؤولين المصريين لم يقوموا بواجبهم الاخلاقي والانساني في الايواء المؤقت لليمنيين الذين ذهبوا للعلاج او السياحة بأموالهم معززين مكرمين ولاقوا صنوفاً من العذاب والذل نتيجة العدوان الطارىء والظالم ، رغم العلاقات المتميزة بين اليمن ومصر وعدم الاساءة لها وقيادتها ومحبة اليمن لمصر وشعبها .

لقد صدم الشعب اليمني والشعب المصري وشعوب العالم المحبة للسلام والرافضة للعدوان وظلم الشعوب بذلك التصرف المشين لقادة مصر والتنكر للمبادئ الفاضلة التي نهلنا منها وتشبعنا بها وناضلنا ومازلنا وسنظل من اجلها .

وأخيراً مكنش العشم " ياسيسي " فأن الاموال تفنى وتبقى الاخلاق ، عتابنا كبير وألمنا أكبر وجراحنا أعظم ليس بالعدوان وانما بالسقوط الاخلاقي وضياع مصر في سوق المتاجرة السياسية ..

رحم الله الزعيم جمال عبدالناصر ومن بعده السادات ومبارك رغم الخطايا ، كنا نراهن على ان الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه مشرق للرئيس " جمال " الا ان الدهر لا يأتي بأحسن والدليل استثمار العدوان على اليمن بعرض من الدنيا ، ومن المعيب ان تتحول دولة بحجم مصر غنية بعلمائها وقادتها ومفكريها ومبدعيها وثرواتها وانسانها وتاريخها الحضاري العظيم الى مجرد " تابع " يعيش على فضلات دول النفط وتحركها اراجيزها وتسير بها نحو الهاوية وتعد لها سيناريو اقسى واشد فضاعه مما تعرضت له اليمن بعد ان كانت مصر ولاتزال وستظل شوكة في وجه اسرائيل وافشال قوى التآمر الدولي ، لاسيما بعد ان تم تدمير العراق وسوريا وليبيا بأموال دول النفط مع تمنياتنا أيفشل ذلك الرهان والسيناريو القادم على عليها .. فهل من رجل رشيد في مصر الكنانة لإنقاذ ما تبقى من سمعتها وهيبتها ؟ .. اللهم احفظ اليمن ومصر .

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس