بقلم / محمد شريف الجيوسي
ليس خارج المعقول القول بأن أعداء الأمة العربية بعد أكثر من 4 سنوات من استهداف الدولة الوطنية السورية ، وفشلهم في إسقاط سورية ؛ رغم حجم التدمير الهائل والضحايا من المدنيين الأبرياء ـ عمدوا إلى توسيع قاعدة الحرب نحو العراق واليمن ومصر ، وتصعيد الصراع في ليبيا ، وقد تفتتح جبهات أخرى..

وتميز هذا التوسع ، ليس فقط بالاعتماد على عصابات إرهابية مسلحة ، كالقاعدة والنصرة وداعش وغيرها من شقيقات وبنات.. ولا بالإعتماد على إعلام وفضائيات (أوامر عمليات) وما تحمل من نخر ودمامل ونعرات وشروخ وعداوات متعددة الأصول، ولا بالإشاعة وبالحصار والمقاطعة ، والحرب على العملات الوطنية لتجويع الناس ودفعهم إلى العمل ضد دولهم .. وإنما أيضاً بتوسيع وتعميق التدخل العسكري المباشر ، كما هو حاصل الآن في اليمن عبر التحالف السعودي، المدعم بكل أسباب التفوق الغربي ، على إفتراض أن السلاح هو العامل الحاسم في الحرب ، فضلاً عن الدعم السياسي والإعلامي والإستخباري .

و التدخل العسكري المباشر بدات مؤشراته في العراق عبر إرسال واشنطن مئات الخبراء الأمريكان، بذريعة تدريب وتسليح العشائر العراقية في غرب العراق ، فيما في مقدور واشنطن إنهاء داعش التي كونتها في فترة وجيزة لو شاءت دون حاجة إلى كل هذا الضخب الكاذب ، ولكن واشنطن وباريس ولندن معنيات بتركيع المنطقة ، دون أن تبذل المال والدم لأجل ذلك ، وتثير غضب شعوبها وغضب الشوارع العربية جراء تدخلاتها المباشرة .

المطلوب جر دول عربية وإقليمية إلى تدخلات مباشرة ولكن ليست أمريكية أو غربية اوروبية أو صهيونية ، إلا في حدود تفاصيل لوجستية كثيرة ، وهوما يجري الآن لجر الأردن إلى حرب مباشرة في منطقة غرب العراق وشرق سورية ، مع الإبقاء على العصابات الإرهابية قادرة على الإستمرار ، فاستمرارها بات مبرر التدخلات الإقليمية المباشرة ، كما في العراق وسورية ، ولإستفزاز القوى الوطنية اليمنية للقضاء على القاعدة ، فتتدخل السعودية لحمايتها بذريعة الحوثية وإيران .

ولا يمكن أن يُفهم التدخل الأردني المباشر والواسع والمعلن ، في أي شان خارج حدوده إلا مؤامرة نصبت له بليل أو نهار ، ونسجت خيوطها بخسة من قبل أعداء يستهدفونه ، ويستهدفون جيرانه العرب بالمطلق ، وفي حال تورط أكثر ، يكون ـ وبعيداً عن اللفظيات المشبعة بالوطنية والقومية والدين ، قد انعدمت لديه البصيرة التي تحميه وتحافظ على استقراره النسبي ومصالحه وأمنه الخاص ومستقبله وحسن الجوار.

أما تدخل تركيا المباشر في سورية والعراق ، فقد كان مكشوفا ومفضوحاً منذ البدايات ، مضيفة اليهما مؤخراً مصر ، بذريعة الدفاع عن الشرعية الإخونية التي تنتمي إليها تركيا أيضاً ( وهو التدخل الذي ما زال في حدود التحريض والحرب الإعلامية على النظام السياسي الجديد في مصر).. وضد جيشها الوطني ، وهو التدخل الذي سيتكشف عن دعم تركي مباشر قريباً ، كما هو الحال في سورية والعراق ( وكانت تركيا قد تدخلت مع دولتين عربيتين أخريين في قصف ليبيا في بدايات الخريف الأمريكي سيء الذكر ).

ومن الواضح أن سيناريو التدخلات الإقليمية المباشرة ، تأخذ أيضاً مناح اخرى كدخول وليد جنبلاط علناً ومباشرة وبشكل مكثف على خط الموحدين السوريين والأردنيين ، واتصالاته الإقليمية ومنها الأردن بذريعة حماية الموحدين من خطر ماثل يشكله حوارنة سورية ، رغم ان الموحدين استقبلوا الحوارنة الذين اضطروا لمغادرة بلداتهم وقراهم باتجاه جبل العرب شمالاً.

يواكب ما سبق ، مظاهر قلق كاذبة من أفاقي وتجار سياسة ونهازي فرص وبائعي معلومات على أحسن تقدير ، بزعم ان إيران وروسيا بصدد التخلي عن سورية والمقاومة اللبنانية ، ما يستوجب بزعمهم التحرك للحيلولة دون هذا التخلي ، وهم في حراكهم المطعون بصدقيته هذا ـ يسهمون على الأقل في توهين محور المقاومة في المنطقة إن استطاعوا ، وإثارة الشكوك ، وفي آن يتيح لهم ذلك الإستخبار وجمع معلومات يمكن بيعها ، لأطراف أخرى بأثمان مناسبة .

وفي جملة الدفع باتجاه التدخلات الإقليمية المباشرة ، جر إيران ، إلى تدخل مباشر واسع ، مواكب لتدخلات المحور التركي الذي يضم قطر و" إسرائيل " ، وهو الامر الذي يضغط على إيران بشدة بمواجهة ما يتعرض له اليمن وسورية والعراق والبحرين والمقاومة اللبنانية ، فضلاً عن استفزازات المحور التركي والذي ضم السعودية في بعض جوانبه ، في حين تسعى السعودية لتوريط مصر في محورها الخاص على نحو مباشر وواسع وغير محدود.

إن حراك البعض باتجاه إيران يفهم في سياق جر المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة ، تكون فيه العواصم الاستعمارية القديمة والجديدة وتل ابيب والنيتو، مدبره ومحركه وموجهه ومسلحته والمحرض عليه والمستفيد الأول والأخير منه .

ولا بد أن جر المنطقة إلى حرب إقليمية مباشرة وواسعة ، سيدفع إلى دخول قوى دولية أخرى فيها ، وهو ما سيشكل بدوره جر الغرب وحلفائه إلى دخولها ، وللحيلولة دون ذلك ، ستحرص واشنطن وحليفاتها ، على تحقيق نتائج سريعة تصبح أمراً واقعاً ، لا يتيح فرصة التدخل من آخرين كروسيا ، أو أنها ستتبع سياسات المد والجزر في إشعالها وتهدئتها وإشعالهالا ثانية وهكذا ، حتى استنزاف الجميع ، وفرض خرائط جديدة .

لكن هذا السيناريو لا بد أنه محل إدراك ووعي محور المقاومة الذي لن يتيح تحقيق أي نوع من الإنتصار للمحور الاخر وذيوله حتى بالنقاط مهما كانت الأثمان باهظة .

نقلا عن موقع الاردن العربي

m.sh.jayousi@hotmail.co.uk

حول الموقع

سام برس