علي ناجي الرعوي
يحتل هذا السؤال مكاناً مهماً بين مختلف اطراف المجتمع اليمني سياسيون وحزبيون مثقفون واميون موالون ومعارضون وبطبيعة الحال يبقى الجواب عن هذا السؤال
مختلفاً عن سائر الاجابات التى يمكن اختزالها بادوات القبول او النفي خصوصاً في بلد كاليمن تعصف به الكثير من الازمات المتشابكة والاحداث والوقائع المتواترة
والتعقيدات والمشكلات المتوارثة. فمن سياق الاحداث الجارية يبدو ان اوجاع هذا البلد ستطول اكثر مما توقع كثيرون.. اذ انه وبعد ستة عشر شهراً من انتقال السلطة
وانتخاب رئيس جديد فهناك العديد من الازمات المرشحة للتفاقم والتأثير على الخطوات المبذولة لاعادة تطبيع الاوضاع واخراج البلاد من السكتة القلبية التى تعانيها بصمت.
وعلى الرغم من انتظام مؤتمر الحوار الوطني الذي يجمع مختلف الوان الطيف السياسي والحزبي وممثلين عن سائر ابناء المجتمع وتوافق هذه الاطراف على ابرز الملفات
السياسية المطروحة ومن ذلك الانتقال الى النظام الفيدرالي الذي اصبح خياراً راجحاً حتى الان بعد انحياز المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله
صالح والحزب الاشتراكي اليمني وعدد من الاحزاب القومية الى هذا الخيار والذي بموجبه ستقسم اليمن الى اقاليم فيدرالية لم يحدد عددها بعد.. مع ذلك فستظل هناك
الكثير من التحديات التي لايمكن حسمها من خلال مؤتمر الحوار وتوافقات السياسيين ويتصدر هذه التحديات التهديد الكبير الذي تشكله الحركة الانفصالية في الجنوب
والنفوذ القوي والمتجدد للتيار الحوثي والخطر الناجم عن تمدد عناصر تنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية والشرقية حيث وان مثل هذه التحديات الثلاثة مجتمعة او
فرادى كافية لتحويل اليمن من دولة هشة الى دولة فاشلة.
لذلك فان الحقيقة الاستراتيجية التي لا تقبل الجدل ان اليمن بإمكانيته المتواضعة والمحدودة لا يمكن له الوصول الى حالة من الاستقرار والخروج من نفق تلك الازمات
المتشابكة من دون مساعدة الدول الشقيقة والصديقة ودعمها اللامحدود لهذا البلد الذي مازال يصارع حقيقة تخلفه مقارنة بالبلدان المجاورة له.. واذا ما بدأنا بما هو اكثر
اهمية نرى ان الحراك الجنوبي وبالذات الجناح التابع لعلي سالم البيض الذي يسعى جاهداً الى استعادة الدولة الشطرية التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل الوحدة لا
يبدو انه سيتخلى عن هذا الخيار بسهولة ولذلك فهو من سيظل يثير التوترات والقلاقل في المحافظات الجنوبية والشرقية خصوصاً وان مشروعهم الانفصالي بات مدعوماً من قبل
ايران التي سبق وان اتهمتها الحكومة اليمنية بالسعي الى تقسيم اليمن الى دولتين ضمن خطة تسمى ب (يمن خوش بخت) اي اليمن السعيد فتكون الدولة الاولى في الشمال
تحت سيطرة الحوثيين والدولة الثانية في الجنوب تحكمها فصائل سياسية تديرها وتمولها ايران بشكل مباشر.
ولابد وان هناك تشابها كبيرا فيما يحدث في جنوب اليمن وما يجري في بعض محافظاته الشمالية حيث وان القاسم المشترك بين الجناح الانفصالي التابع لعلي سالم البيض
والجماعة الحوثية يتمحور في ان كليهما اصبح اداة وورقة بيد ايران تعمل جاهدة على توسيع نفوذها في المنطقة ومن اجل هذه الغاية فانها التي لن تتورع عن استخدام كل
الوسائل من اجل السيطرة على باب المندب الذي طالما حلمت بان يكون لها تواجد فيه لما يشكله من اهمية حيوية واستراتيجية.
وعلى غرار التحديين السابقين يبرز خطر تنظيم القاعدة الذي غير من نمط عملياته بحيث اصبح يعتمد اسلوب حرب العصابات في تصيد القادة العسكريين والامنيين
واستهدافهم بالاغتيالات وكذا تفجير السيارات المفخخة واختطاف بعض منتسبي الاجهزة الامنية وتصفيتهم باساليب وحشية.. وهذه العمليات الارهابية لا شك وانها قد اعادت
الى ذاكرة اليمنيين مشاهد القتل الدموية التي جرت احداثها خلال العاميين الماضيين والتى كان اكثرها بشاعة التفجيرات التي طالت طابور العرض العسكري في ميدان
السبعين عشية الاحتفال باعياد الوحدة اليمنية في مايو 2012م.. والمؤسف ان الولايات المتحدة الامريكية التي تشارك اليمن في حربها ضد عناصر تنظيم القاعدة الارهابي
من خلال طائرات بلا طيار هي من تكرر نفس الاخطاء التي اقترفتها في حملتها ضد هذا التنظيم في افغانستان وباكستان اذ انها التي لم تدرك حتى اليوم ان محاربة الارهاب
بشكل شامل لا يعتمد فقط على التدابير الامنية والعسكرية بل ان مواجهة هذه الافة تقتضي معالجة الاسباب المرتبطة بمجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي ظل كل هذه التحديات فان اليمن يطمح الى تحقيق الاستقرار الذي عجزت عن تحقيقه حتى الان اي من دول الربيع العربي وفي مقدمتها مصر.. فعند ضياع الامن فان
المرء لا يملك الا ان يشعر بالحزن والقلق والاحباط.
جريدة الرياض السعودية

حول الموقع

سام برس