بقلم / منى صفوان
ماهذا الارهابي الذي يحترم النظم، ويصر على اخذ جواز سفره في كل عملية يقوم بها، لماذا يصر ان يظهر هويته، وهو لايعترف بها، فهو عضو في تنظيم دول الخلافة الاسلامية، التي اسقطت الهويات الوطنية وحدود الدول، وجوازات السفر. لدرجة انهم اصدروا جواز سفر كتعبير رمزي على “دولة الخلافة” .
صحيح انه يستخدم هذا الجواز اضطراريا لدخول الى اي بلد، لكنه لا يعترف به ليحمله معه كمعرف به، في عمليه ينفذها، وليكون شاهد اثبات، فداعش لا يحتاج ان يحمل شهادات وهويات ، فهو في حد ذاته هوية، فكيف يحمل شبابه جوازات سفر اثناء تنفيذ العمليات؟
يكفي ان يعلن “داعش” عن منفذي الهجمات ويتبناها حتى يصدقه العالم فداعش مصدر ثقة، ولن يشكك به احد.

عموما داعش بغض النظر عن تمويله ودعمه، وحقيقة قوته وتنظيمه، الا ان الحقيقة التي اصبحت تتاكد كل يوم، انه لن ينتهي بمجرد شن الحرب العالمية عليه.

لا الضربات الروسية، ولا الاوروبية والامريكية، يمكنها ان تلغي التنظيم الاهم، من على الوجود، فتنظيم الدولة الاسلامي، ليس كيانا ثابتا يسهل تحديد موقعه واستهدافه، فهو اقرب للكيان الهلامي الذي يمكنه ان يتحول من الى صورة اخرى. وهذه هي هويته الحقيقة، انه نتاج عنف، ويتكاثر بالحرب.

كثير من الكتاب والمفكرين والسياسين في العالم يروجون للحل السياسي واهمية اشراك الاسلام السياسي هو الحل، الديمقراطية هي الحل، التغيير السلمي هي الحل، وان العنف والحرب لو كانت ذي جدوى لكانت امريكا قضت على القاعدة. فالعنف والاقصاء والحرب التي تلف الدول العربية سبب رئيس لتوفير المناخ للهجمات الارهابية المسلحة كرد فعل انتقامي، او اجرائي.

ان دعم ديمقراطيات الشرق الاوسط، في الدول العربية، وتشجيع العمل السياسي، ودفع الجميع ليكونوا جزء من دائرة سياسية يتم فيها تبادل الادوار، هو الحل الواقعي الذي يحتاج المحاولة.
اذا نحن الان امام تنظيم ارهابي، وجوازات سفر ملونة ، وملفات سياسية معقدة، ورسالة مقتضبة تقول “هجمات باريس جاءت بسبب سياسية فرنسا في سوريا” وصلت الرسالة، لكن الامر ان كان يعني تغيير سياسية فرنسا والعالم في سوريا، فانه الوقت المناسب لنهج جديد اكثر حداثة وديمقراطية، يعبر عن حضارة اوروبا.

فمنفذي الهجمات فجروا انفسهم، ووجدنا هوياتهم سلمية، ليسوا اصحاب هوية واحدة، ومنها جوازات سفر اوروبية، الان هل المهم ان نعرف من الذي نفذ، ام كيف نعالج الامر سواء كان جواز السفر حقيقي ام مزور، من سوريا ام من بلجيكا.

الحل السياسي، خيار لم تجربه الدول، التي تعتنق نظرية الاقتحام، و تقتحم مساحة يشغلها انتحاري، جاء ليقتل نفسه، و يقتل من معه.
هل جربت السياسية الدولية، واليد الامنية العالمية والاقليمية التفاوض مع الارهابين، هل جربت ان تشرك الشباب المسلم، وتجد له المساحة التي يعبر بها، حتى لايختار طريق “داعش”، ومنه الشباب الاوروبي المسلم.
شباب فرنسا نفسها، فضلوا داعش على بلد الحريات ومدينة النور، اذا لدينا الان جواز سفر فرنسي، بريطاني ، اوروبي ، اذا جواز السفر ليس دليلا سياسيا، ولا يقدم اي معلومات امنية، وليس مهما في مسار القضية الابرز في العالم.

لكن الاعلام يركز عليها، لان ليس لديه هوية يمكنه الاستناد عليها وهو يقدم اجابة للسؤال “من”، “من” هذه لايحلها جواز سفر في مسرح الجريمة، “من” قد تعني السياسيات العالمية نفسها، تجاه الارهاب، “من” قد تعني طريقة محاربة الارهاب، و”من” قد تعني رؤساء الدول العظمى منذ غزو العراق الى الناتو ومابعده .

اذا الطريقة المالوفة لمحاربة الارهاب فشلت، وجواز السفر لم يقدم اي دليل، لان هوية الارهابي معروفة مسبقا ، فمنذ الوهلة الاولى نعرف انها داعش.

فهل يفكر العالم بالبدء بتغيير تفكيره، تجاه الارهاب الذي لايعترف باي حدود، ويتواجد في كل مدينة، واصبح اكبر تهديد على الامن القومي للدول الكبيرة قبل الصغيرة.
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس