بقلم / عبدالرحمن بجاش
حاول الاب عبثا ان يواصل قراءة الجريده التي يعتبر كثيرين في العالم المتحضر والمتقدم ان قراءتها صباحا (( فنجان القهوه الاول )) , ظل ابنه يضايقه ولم يتوقف , ولانه تعب من مضايقته فقد اخرج رسما لخارطة العالم كانت بين الصفحات , مزقها ورمى الى الارض طالبا من الابن ان يعيد ترتيبها كما كانت والهدف اشغاله حتى يكمل القراءه !!! . لم تمر اكثر من خمسه عشر دقيقه حتى عاد الطفل الى ابيه وقد اعاد ترتيبها ...

.فسأله الاب مستغربا سرعته : هل علمتك امك الجغرافيا ؟ - اذ كيف اعدت ترتيبها وبهذه السرعه ولم تخطئ ؟؟ !! , - لم تعلمني امي , لقد لاحظت ان هناك صوره لانسان على الوجه الاخر من الخارطه , فاعدت بناء الانسان فاعدت تبعا لذلك بناء العالم ......, عباره عفويه , وحكايه صغيره في حجمها , كبيرة في معناها (( عندما اعدت بناء الانسان اعدت بناء العالم ايضا )) .اذا فالانسان هو حجر الزاوية في البناء مهما كان ضخما , يكون الانسان هو الفيصل . قلت هنا ذات لحظه ان من لم ولن يتحدث لغة القرن الواحد والعشرين فسيضمحل او سينقرض , فقد انقرض حيوان الديناصور لانه لم يكن ذكيا ويتاقلم مع البيئه ويطوعها لمصلحته كما فعل الانسان فاكتشف النار وكل وسائل الصمود في ظل اسواء الاوضاع الطبيعية القاهرة التي قهرها بذكائه بالمقابل انقرض الديناصور على ضخامته !!!, وتبعا لذلك فاي قوة مهما بلغ جبروتها او قوتها او حتى طغيانها وكبرها , ما لم تمتلك رؤيه و تؤسس لدوله فلن يكتب لها البقاء , وايجاد الدوله لا يمكن ان يتم الا ببناء الانسان , وهنا بيت القصيد او بيت العصيد , يفرٍق بين القصيد والعصيد من يمتلك الرؤيه , والرؤيه تؤدي الى مشروع فبرنامج فخطه , ومن لا يمتلك الرؤيه فهو يؤسس للعصيد فقط , وهنا تكون النهاية , ومن يؤسس لدوله يدرك ان عليه ا ن ياتي بالانسان , كيف ؟ هنا يتبدى الفرق بين بناة الحضارة والتقدم ومن يلوكون الكلام فقط لتكتشف في النهايه انهم يبنون فقط عمارات في اركان الشوارع ويؤجرون دكاكين !! , اما اصحاب المشاريع الكبيرة العظيمة فيبنون الانسان اولا وبه تتأسس الدول الحديثه المدنيه , وبالدول تصنع الحياة وتشاد الاوطان , وحيث الرزق يكون الوطن , والرزق لا ياتي عبثا , بل نتاج التخطيط العلمي الذ يواكب العصر بشرط ترك ما للدنيا فلها , وما للآخره فخيار الانسان السوي , فلا غير الانسان من يحدد العلاقه بينه وبين ما هو شخصي لا علاقة للدولة به , هنا تتحدد الفواصل وتستبان الخطوط , ويترك للانسان الذكي والسوي والمؤهل والكفؤ مهمة اختيار اين يضع قدمه الشخصي , اما القدم العام فالمساله متعلقه بما يحدده المشروع للانسان اين يكون !!! . يمكن للحروب ان توفر ظلا لمن لا مشروع له , ولكن الى حين .
من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس