بقلم / حمدي دوبلة
لا أدري ما إذا كان الخبراء الأمريكيون والبريطانيون قد أسدوا صنيعا ومعروفا حقيقيا للسعوديين بوضع مايسمى”بنك الأهداف”لطائرات عدوانهم على اليمن والذي دخل منذ أيام شهره الحادي عشر على هذا النحو من “الدقة والتميز والابداع.”
بنك الأهداف هذا والذي طالما تفاخر الأصدقاء في واشنطن ولندن وعلى الملأ برسمه وتحديد تفاصيله يتفرد بصفات غير مسبوقة في تاريخ الحروب وبمميزات لم تعرفها البشرية من قبل.

لن نتحدث هنا عن كل مفردات هذا البنك من مدارس ومشافي وطرق وجسور ومصانع مدنية وموانئ وشاحنات النقل التجاري ومحطات بيع مشتقات النفط والغاز وقوارب الصيد وحتى حفلات الأعراس وحمامات الاستشفاء البخارية ونكتفي بواحدة فقط من غرائب بنك “الإفلاس” الذي قادته تقنياته الحديثة وعقول خبرائه العسكريين القادمين إلى الرياض من أقاصي الكرة الأرضية إلى وضع منازل الناس في رأس قائمته العجيبة لتتحفنا الطائرات السعودية وبشكل يومي ببطولات وخوارق يندى لها الجبين وتقشعر من هولها الأبدان وهي تهدم البيوت على رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال وتدفنهم أحياء تحت أنقاضها في مختلف مناطق اليمن.

ترى ماذا يوجد في البيوت وما هي محتوياتها الهامة التي تجعلها في صدارة الأهداف العسكرية للطيران الحربي وغاراته الجوية؟

اعلم ويعلم الجميع بأن البيوت لا تحتوي غير اطفال ونساء وأثاث وأدوات منزلية ومؤن غذائية وغير ذلك من المحتويات التي توجد في أي بيت في العالم وليس في اليمن فقط حتى وان كانت تلك البيوت لقيادات عسكرية أو سياسيين أو قضاة ممن تستهدفهم “ساقطات”الجو وهي تسرح وتمرح في أجواء مدننا وقرانا ليلا ونهارا قبل أن تتقيأ وتلقي بقاذوراتها وخبثها المميت على رؤوس الآمنين في مساكنهم..

لتتكفل أخرى من تلك “العاهرات”من ذوي الأجنحة الاصطناعية بقصف من يهرع من الناس لإنقاذ الضحايا من المسعفين والباحثين في ذلك الركام عن بقايا رمق من حياة أو نبض لايزال يرفرف في أعماق إنسان.
من البديهي أن لا تتواجد القيادات المستهدفة في البيوت بل ان أغلبهم وخاصة العسكريين منهم يكونون في جبهات القتال لذلك فإن ضحايا تلك الغارات المفلسة ليسوا سوى نساء مع أطفالهن وكثير من أمثالهم الأبرياء الساكنين في الجوار.

مشاهد مروعة تخلفها كل غارة سعودية على منازل البسطاء من أبناء الشعب اليمني الذين تتناثر أشلاؤهم وتختلط دماؤهم الطاهرة ببقايا منازلهم المدمرة ولعل آخر تلك المناظر المؤلمة ما التقطته عدسات التصوير من آثار جريمة قصف منزل القاضي يحيى ربيد رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء والذي قضى غيلة مع جميع أفراد أسرته من الأبناء والأحفاد وكذلك المجزرة المروعة اثر قصف عبثي لمنزل مواطن في الجوف الأسبوع الماضي والتي أودت بحياة أحد عشر بريئا من أسرة واحدة جلُهم من النساء والأطفال.

وبرغم هول وفداحة هذه الجرائم ونتائجها الكارثية يستمر بنك الافلاس وبصورة يومية في تسجيل وتصدير المزيد من أرصدته في السقوط الأخلاقي والتجرد من القيم الإنسانية ..ولم يكفِ هذا العدوان وبنك أهدافه العجيب انه استهدف خلال العشرة الأشهر الماضية 937تجمعا سكانيا خلًف كما يوضح التقرير السنوي الثاني الذي أطلقته وزارة حقوق الإنسان يوم الأربعاء الماضي 6677شهيدا بينهم 843 امرأة و938طفلا كما أسفر حسب التقرير الرسمي ذاته عن إصابة 15 ألفاً و176فيهم ألف و409نساء وألف و729طفلا فمازال على دأبه في البطش والتنكيل بالمساكن والسكان وكأنه قد استعذب رؤية الدماء والأشلاء بين أنقاض المباني بين الفينة والأخرى.

وهاهو البنك “العجيب” رغم مرور كل هذه الأشهر وكل هذه الجرائم ما فتئ ينضح بالمزيد والمزيد من هذه الفضائح التي ستظل عبر العصور وصمة عار في جبين الطغاة المستكبرين ومن ورائهم هذا العالم الصامت ممن أخرسته الاموال والمصالح المادية وأعمت عيونه عن مشاهدة كل تلك المجازر والمهازل ليتجرد هو الآخر أمام سحر وبريق الريال والدولار من مشاعره الانسانية وانتمائه الادمي..متناسين ان هناك ربا قادرا ومنتقما وهو سبحانه عليم ولايخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء وان قصاصه الحق آت لامحاله.. ولسوف يكون الجزاء شافيا لهؤلاء الضحايا المستضعفين طال الزمن ام قصُر “ولاتحسبنً الله بغافل عمًا يعمل الظالمون

نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس