بقلم / عبدالكريم المدي
مع كل يوم يمرّ من عمر وبطولات عاصفة حِمم (الإنقاذ ) السعودية المصبوبة فوق رؤس اليمنيين ، تتزايد معدلات الإرتياب منها والتساؤلات المحيرة حولها : لماذا كل هذا الاستهداف الممنهج والشرس للإنسان والمنشآت المدنية وعلى رأسها المصانع والمؤسسات وكل ما يتعلق بالبنية التحيتة والتاريخ والاقتصادي وحياة ومعيشة الأُسر الضعيفة ؟

لقد تعبنا ونحن نبحث عن إجابات مقنعة لتساؤلات من هذا القبيل : لماذا – يا عرب – صارت المنشآت المدنية كالمصانع وغيرها هي المُستقبِل رقم واحد لحِمم طائراتكم وغضبتكم الكبرى ؟

لو تكرمتم فسروا لنا كيف أن هذه الأماكن تُمثّل عليكم وعلى عروبتنا في اليمن ذلك الخطر المحدق الذي يستوجب التخلُّص منه؟

فأنا كمواطن يمني ،عروبي ، أزعم أن إنتمائي وغيرتي على جذوري الثقافية وإمتدادي القومي والحضاري والتاريخي يطغى على كل ما سواه من شعارات ومصطلحات ومبادىء وإهتمامات أخرى، أعدكم ،في حال أقتنعتُ إن مصانع الحليب والزبادي والإسمنت وتعبئة المياه المعدنية ومستشفيات وعيادات منظمة أطباء بلا حدود والكليات الجامعية والمعاهد الفنية والمهنية والمواقع الأثرية وغيرها تُمثّل خطراً على عروبتي ، سأتحول من فوري إلى مخبر قومي معكم بدرجة (لواء ) يزوّدكم بإحداثيات البقالات والصيدليات والعيادات الكبيرة ، ويحدد لكم أماكن العمارات والمطاعم والبوفيات الكبيرة والجديدة ، ومعها المدارس ومخازن الحبوب والزيوت والشموع وخزانات الوقود التي لم تكتشفها عيون وحواس أولئك الذين سبقوني لميادين الدفاع عن قيم عروبتنا و(شرعيتنا).

قولوا لي ما نوعية الخطر الذي يُمثله علينا وعليكم مصنع كمصنع إسمنت عمران الذي قُصِف للمرة الثالثة تقريباً مساء الأربعاء 3فبراير2016 ، وقُتِل فيه ،وفقاً لبعض المعلومات والمصادر الأولية، (45) إنساناً يمنيا ..؟

طبعا والقائمة طويلة جدا للإستدلال على مذابح من هذا النوع تُرتكب بمعدل يومي من دون أن يكون هناك أي دليل مادي أو معنوي يُوحي يإنها تُستخدم لأغراض عسكرية.

دعونا من هذا وخلّونا ننتقل للأمر الأكثر حيرة وغرابة في هذا الشأن ،والمتمثّل، بطابور كبير من مؤيدي هذه الغارات ، فهوءلاء الذين يطلّون علينا عبر الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع كي يسوقوا للمذابح الجماعية ، نعجز عن توصيفهم بالأوصاف المناسبة التي يستحقونها .
هل ستصلكم الفكرة واضحة إذا قلنا لكم إن هوءلاء يقتلون الناس باليوم آلاف المرات ، وبصورة أسوأ وأبشع من طائرات ( التحالف السعودي ) ؟
إن عذابات اليمنيين تتضاعف أكثر وأكثر كلما وجدوا مؤيدين لقتل الأبرياء وتدمير المقدرات ، سواء كانوا من بني جلدتهم اليمنيين ، أومن إخوانهم العرب الذين يبررون لهذه المذابح التي لو كان هناك ضمير إنساني حي لوقف العالم كله على ساق واحدة حتى تتوقف.

يا إخواننا لو سمحتم افهموا بأننا أولاً: حينما نُدين هذا القتل والدمارومؤيديهما ،لسنا مع الحوثيين، لا سياسياً ولا فكرياً ولا مذهبياً ، وثانياً: بأننا لا نُحاسبكم أبداً على قناعاتكم ومشاعركم تجاه عبدالملك الحوثي وجماعته…ولكم أن تكرهوهم أو تحبوهم، ولكم – أيضا – أن تتهموهم بما شئتم ، ما عدا التكفير طبعا،الذي يترتب عنه كوارث وجرائم المقام لا يسمح لسرد بعض منها.

ولكم أن تكرهوا صالح وتعبروا عن ذلك بالطرق التي تعجبكم ، كتجريدكم له من كل فضيلة ومنجز وحسنة ، وقولكم عنه مثلا، إنه كان عميلاً مع أميركا حينما رفض وقاوم بشدة ضغوطها ورغبتها الجامحة آنذاك في إغتيال الشيخ الزنداني أوتسليمه لها، ولكم أن تقولوا عنه أيضا إنه كان عميلا لجزر (واق الواق) حينما عمل بكل وسائله الدبلوماسية على اطلاق الشيخ المؤيد من سجون واشنطن ، ولكم ان تقولوا عنه إنه حينما منحكم الإعفات الجمركية والأراضي الواسعة لإنشاء مدنكم وقصوركم وإستثماراتكم المختلفةوجمعياتكم إنما كان يندرج في إطار المكر بكم والحقد عليكم منه .

ولكم أن تقولوا عنه أكثر مما قاله مالك في الخمر، ولا تترددوا لحظة واحدة في أن ترجعوا سماحه لكم ودعمكم في بناء جامعة الإيمان ومرافقها على أنها من أجل تحقيق مصالحه الشخصية والتهيئة لتوريث كرسي الحكم لنجله أحمد .

تصرفوا بالطرق التي تُريدونها، لكن أرجوكم لا تبرروا لجرائم الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها أبناء بلدكم كل يوم ، والذين منهم ، الإصلاحي الذي لم تسعفه الظروف بالهجرة الأولى أو الثانية لنجاشي الرياض ، وفروعه في الدوحة وأنقره وغيرها ،ومنهم من هو إشتراكي ومنهم من هو مؤتمري ومنهم من هو شافعي أو زيدي أو بعثي أو علماني أو مستقل، رجاء لا تبيحوا دماء أهلكم وتطبلوا لقتل الناس بدون ذنب ..

اتقوا الله في أنفسكم ،وفي أبناء هذا الشعب الذين يقتلون ويجرحون على مذبح إعادة الشرعية المفقودة والعروبة المظلومة والمشلولة ، اتقوا الله في آلاف الأطفال الذين تمزّق أشلاءهم الطائرات السعودية( المباركة ) بدون أي رحمة ،اتقوا الله في آلاف الأطفال الذين يجدون أنفسهم أيتاما ،مشردين في الشوارع والطرقات بعضهم من فقد أبيه وبعضهم من فقد أمه وبعضهم من فقدهما معا .

اتقوا الله في النساء اللواتي تُرمّلهن ( عاصفة الحزم ) وتجوعهنّ عاصفة ( إعادة الأمل ) ، وتُرسلهن للضياع كرامات مركز سلمان للإغاثة ،وإحداثيات (أحباب الرحمن ) الذين لا يتوقفوا عن أداء الواجب المقدس وتحديد مواقع الأعداء وترساناتهم من المياه المعدنية وحليب الأطفال الدنماركي والهولندي المجفف..

كونوا على يقين إن الله سبحانه وتعالى سيحاسبكم والتاريخ سيسألكم ولعنات الأجيال ستلاحقكم على كل قطرة دم إنسان بريء سالت بسببكم وبسبب إحداثياتكم الخاطئة والحاقدة التي تُزودون بها آلات الموت التي لم تُفرق بين مدني وعسكري ، طفل وشاب، ، رجل وأمرأة..

تذكروا إنكم المسؤلون عن كل الضحايا الأبرياء الذين فتكت وتفتك بهم قنابل وصواريخ ( العاصفة ) اللعينة..
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس