سام برس / عبدالكريم المدي
طوال حكم الرئيس علي عبدالله صالح ، لم نسمع إنه تم قطع راتب موظف في مؤسسات الدولة ،سواء المدنية ، أم العسكرية ، بسبب آرائه أومواقفه السياسية ، فأقصى عقوبة كان يُمكن اتّخاذها ضد أي مغضوب عليه من موظّفي الدولة وعسكرييها، وسياسيها هي إحالته لتقاعد طوعي تظل معه كافة حقوقه ومستحقاته المالية ، بما فيها العلاوات السنوية وبدلات العلاج والزيدات وغيرها سارية ،وليس هناك أي خلاف أو نقاش حولها .

وحتى فترة حكم ( الإخوان ) ،بعد كارثة شباب (شارع الجامعة ) والتي استمرّت حكومتهم فيها لمدة سنتين تقريباً، لم نسمع إنه تمّ قطع راتب موظّف، أوالتسبب بتحويل أسر بعض الموظفين إلى معدمة، مشرّدة، تتسول قوت يومها، أومطرودة من قِبل المؤجرين وشجعهم لتجد نفسها في الشوارع تفترش الأرصفة وتلتحف السماء تحت رحمة الشمس والمطر والبرد .
.
أتذكّر ذات مرّة، إنني وبحكم ( عفّاشيتي ) ومناصرتي للرئيس علي عبدالله صالح وللدولة خلال مصيبة وطنية وتاريخية اسمها (11فبراير2011) واستمراري في مناصرة البلاد والرئيس (صالح ) وكذا التمسُّك بمبادىء وقيم الحزب الذي أتشرف بالإنتماء له ( المؤتمر الشعبي العام ) تم خصم مبلغ مالي بحدود (عشرين ألف ) ريال، من راتبي في أحد الأشهر ، وهذا الإجراء ربما أتخذ تضامناً مع قنلة ( سهيل )قد هو بحق تعبها وجهودها الجبارة التي كانت تقوم بها ضدي شخصياً ، حيثُ كانت تتناولني تشهيراً وتحريضاً، وتهكماً وتندُّرا، وتزيفاً للحقيقة، بمعدل يومي لا يقل عن (5) مرات وكأن الأمر كان يتعلق بأهم وأغلى مادة إعلانية مدفوعة الأجر بالدولارواليورو .

المهم ..الإخوة أنصار الله الذين يوقفون اليوم في جامعة صنعاء، راتب الكاتب والمحلل السياسي والقيادي المؤتمري البارز ورئيس التحالف المدني للسلام وحماية الحقوق والحريات ، وواحد من أهم الوجوه المدنية والسياسية ، اسمه الدكتور / عادل الشجاع ، الذي يفترض بالجماعة أن تبحث عن أمثاله وتكسب ودّهم مثلما يقولون بـ ( السراج ) وليس التضييق عليهم واستعداءهم ومحاولة كسرهم بهذه الطريقة غير المسؤلة.

خصوصاً وأن أي شخص بحجم ودورومكانة الشجاع ، محليا وخارجياً، يعتبر مكسباً كبيراً لأي قوى ، وصوتاً مهماً لأي جماعة أو سلطة ، وبالذات إذا كان ثلثيّ العالم يستعديها والثلث الآخر لا يسمع بها.

يا أنصار الله ، دائماً ما ننصحكم ، بكل مصداقية وحرص على أهمية وضرورة الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية ونتحاشى بكل وسائلنا من أن تُحسب مواقفنا أو إنتقادتنا الهادئة في عِداد المنفّرين لا المقربين ، المشهرين لا الناصحين ، الكاذبين لا الصادقين، الناقمين لا المتسامحين..

ومن هذه المنطلقات دائماً ما نُشدد على ضرورة عدم اغفالكم للجانب السياسي، وعدم تحلّيكم بالمرونة اللازمة، واحترام ،ولو الحدّ الأدنى من آراء وقناعات الآخرين التي لا تمسّ الثابت الوطني .

إن التعامل - يا بني قومي - مع الناس بنفس الطريقة التي كان يتعامل بها الإمام المرحوم يحيى حميد الدين ، أو النظام الكوري الحالي ، لا ينسجم بتاتاً مع هذا العصر وشروطه وقواعده، كما أنه يضرُّبكم إلى حدّ كبير ،ويسحب من رصيدكم الجماهيري الكثير.

يعلم الله إننا نغمض عيوننا على مخالفات صريحة لا حصر لها بعضها تمسّنا نحن ، ونصبرأمامها وباللهجة الدارجة ( ندعمم ) ونتوخى توجيه أي نقد ولوكان ذلك من خلف حجاب أو بالتلميح لا التصريح، لإدراكنا بحساسية الوضع وأن البلد يواجه حرباً داخلية وعدواناً خارجياً وحشياً ، يجعلنا دائماً نُقدم الاصطفاف الوطني على الانتقادات والأضرار الشخصية والعامة، التي نرى أنه من غير اللائق إثارة المسائل الخلافية والمخالفات التي تحدث على نطاق واسع في المؤسسات وغيرها .. والتي يقوم بها بالطبع ، أناس محسوبون عليكم ، غالباً ما تكون سيوف التهمة بالداعشية والخيانة الوطنية ، مسلطة على رقاب المخالفين والمنتقدين لها.

نأتي للمفيد ..لقد تفجأتُ كغيري ، من المتابعين وممن يعرفون من هو الدكتور عادل الشجاع ، حينما عرفتُ إن راتبه في جامعة صنعاء تم توقيفه ، رغم عدم معرفتنا للسبب الذي يقف وراء هذا الأمر الذي نتمنى أن يكون حدث بالخطأ، وإن كان هناك الكثير ممن يعتبرونه جاء على خلفية مواقفه السياسية وانتقاداته لكثير من السياسات والممارسات التي تحدث .

طيب كيف تريدون أن تحكموا البلاد وأنتم تضيقون بأي نقد سياسي لهذا الحد ؟ وكثيرا ما أوضحنا لكم إن الناس كانوا قد اعتادوا على هامش كبير من الحرية ،على الأقل في الصحف والوسائل الإعلامية المتاحة للمنتقدين ، وهذا الهامش لم يكن عمره صغيرا، إنما استمر تقريباً لأكثر من (25) عاماً ، وبالتالي ، فإن إعادة الناس لنقطة البداية ومحاولة التحكم بكل شاردة وواردة أمر صعب عليكم وعلى المجتمع ، خاصة في ظل وجود ثورة معلومات وإتصالات هائلة ، سيما وأنه ربما لا يخلو بيت في اليمن من شبكة أو شبكتين من شبكات التواصل الاجتماعي ، وبالتالي ففي ظل وجود هذه الثورة يصير من الصعوبة بمكان التحكم بآراء ومشاعر الناس ، أوالنجاح في التكتيم على الانتهاكات التي قد تحدث هنا او هناك ، لكن إذا كنتم ترون إنه ،ولكي يقوى عود الوطنية ويستتب الرخاء والأمن وتتمكنوا في النهوض بهذا البلد ، ولابد من تطويع الجميع ، ابحثوا عن خطة ناجحة ، وقوموا بالأمر حبّة .. حبّة، واستفيداو من التجارب ، ولا تصطدموا بأهم شرائح المجتمع الثقافية والفكرية والإعلامية والصحفية ، سواء من وقفت وتقف معكم في خندق واحد ضد العدوان، أوحتى المحايدة والصامتة.

ولا تهملوا مسألة التفريق بين ناقد لكم من أجل المصلحة العامة وناقد على خلفية أيديولوجية ، أو إرتباطات خارجية .

في الأخير نتمنى من اللجنة الثورة أن توجه بسرعة اطلاق راتب الدكتور عادل الشجاع ، حتى يتمكن من تسديد إيجار بيته وشراء وايتات الماء وما تيسر من الشموع والمصابيح الكهربائية الصينية .

ونتمنى منها أيضا ، أن تحذر من ممارسات كهذه التي يقوم بها بعض المحسوبين عليها من المشرفين على الوزارات والمؤسسات والجامعات و ما تبقّى من دولة ، وما فات من المنشآت على عيون ورادارات وصواريخ طائرات عاصفة ( شكرا سلمان) ولم تستقبل بعد إحداثياتها كي تقوم بالواجب حيالها لاستعادة (الشرعية).

وتذكروا إن اطلاق مصطلحات ( داعشي ) على كل مخالف ومعترض وناقد لبعض السياسات ، إنما هو الخطيئة التي يُطلق بموجبها العنان للفاسدين ومنتهكيّ حقوق الإنسان والمواطنة لأن يمارسوا البطش والفرعنه ، وتكريس الظلم والقهر ، باسمكم ، وهذه الأشياء أنتم وحدكم من ستحاسبون عليها أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الأجيال والتاريخ ..
اللهم احفظ اليمن وقرّب بين قلوب أبنائها، واجمعهم على كلمة سوا .

حول الموقع

سام برس