سام برس
نص - المقال الذي كتبة هادي في صحيفة نيويورك تايمز الامريكية:

بعد مرور عام و انقضائه على اللحظة التي تدخلت فيها قوات التحالف العربي لإسناد قوات الجيش الوطني اليمني ، يمكنني القول الان بثقة كبيرة بأننا خطونا خطوات كبيرة وعملنا بجد كبير لاستعادة السلام وإحلاله من جديد .

لم يعد الوضع الان كما كان علية قبل عام ، فالوضع العسكري للمليشيا الحوثيه قد أصابة الضعف والوهن ، ومباحثات سلام جديدة ستستأنف من جديد خلال الشهر القادم ، على ان يسبقها وقف لإطلاق النار ابتداء من تاريخ العاشر من ابريل المقبل ، لتهيئة الاجواء للجلوس على الطاولة من جديد. وبناء على ذلك ، يجب على الحوثيين احترام الهدنة والامتثال الى اتفاق وقف اطلاق النار.

حانت اللحظة التي اقول فيها يجب علينا تركيز جهودنا وتسخيرها كاملة لإعادة بناء وطننا الذي مزقته الحرب .

يعي الجميع ويدرك ان البداية الفعلية للحرب كانت في صيف عام 2014 عندما هاجمت قوات المليشيات المتمرده وبإسناد ودعم مباشر من قوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح ، القوات الحكومية المرابطة في محافظة عمران. مضت المليشيات الحوثية في حربها ضد الدولة و اقدمت على اجتياح العاصمة صنعاء وأسقطت بقوة السلاح الحكومة الشرعية في شهر سبتمبر من نفس العام.

يعلم الجميع ايضا ان حكومتي كانت قد بذلت كل جهد ممكن لتجنيب البلاد ويلات الحروب ، حيث عملنا بتفان كبير للاتفاق على عملية انتقال سلمية للسلطة. لم يشأ تحالف التمرد التابع للحوثيين وصالح الا ان يحرف المسار، ضاربا عرض الحائط ما توافق عليه اليمنيون وما خرجوا به من قرارات لبناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني الجامع والذي مثل فيه جميع اليمنيين ودعمه المجتمع الدولي، أنفسهم.

الحوثيين ، مثلوا شريحة هامة وجزء مهم في جلسات مؤتمر الحوار الوطني والتي عملوا بعد ذلك على اجهاض مقرراتها من خلال زيادة حدة العنف ورفع السلاح في وجه الدولة وتقويض نفوذها.

ومع انزلاق بلدنا الى مربع الفوضى والاقتتال ، لم يكن لدينا أي خيار اخر سوى مناشدة وطلب المساعدة من اشقائنا في المملكة العربية السعودية وبقية الدول العربية. يمكنني القول بأن مستقبل اليمن دون هذا تدخل اشقائنا في المملكة وباقي الدول العربية كان سيمضي في طريقة الى المجهول مؤسسا دولة غير شرعية لا تحكمها أي قوانين ولا تحتكم الا لفوضى وعنف المليشيات.

مر عام وتغيرت المعطيات على الارض ، ورجحت كفة الحكومة الشرعية التي تميل موازين القوة على الارض لصالحها مع حلفائها من قوات التحالف. ف 75% من الارض التي كانت قد اجتاحتها واحتلتها مليشيا الحوثي وقوات صالح في السابق تحررت وعادت الى كنف حكم الدولة الشرعية. و هنا تكمن الاجابة عن سبب اتخاذ المليشيات الحوثيه مع حليفها صالح القرارا بالمشاركة في مفاوضات السلام وبشكل جاد لأول مرة . وقد تجلت اولى الشواهد التي لمسناها جميعا على جدية طرف التمرد هذه المرة بعد ان اثمرت جهود السلام في تخفيف حدة التوتر وايقاف القتال الدائر في المناطق الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية.

بلدي اليمن ، مصدر عز وافتخار بما تملكه من تاريخ وموروث ثقافي عظيم ممتد لآلاف السنيين تستحق فعلا ان تحظى بفرصة للازدهار من جديد رغم كل التحديات والصعاب التي تواجهنا.

من ضمن هذه التحديات الحائلة في الوقت الراهن ضد دوران عجلة التنمية القضاء والتخلص من الجماعات المتشددة ، والتي يتطلب ذلك وجود حكومة قوية مترابطة ومتماسكة ، قائمة على خدمة ابناء الشعب اليمني. في الوقت الراهن نعمل بجد على تطوير خطط الاعمار والبناء ونسعى الى ايجاد الحلول الناجعة والخطط الكفيلة باستعادة اقتصاد البلد عافيته بعد توقف الصراع وإنهاء حالة الحرب الدائرة .

ومن هنا اؤكد للعالم اجمع واشدد على ضرورة وقوف المجتمع الدولي معنا لإعادة بناء بلدنا الذي عصفت به الحرب. فاليمن بحاجة ماسة لدعم المجتمع الدولي اقتصاديا ، وبشكل عاجل. فعلى رأس التحديات القائمة ، توفير فرص عمل للشباب اليمني الذي يمكن توظيف حماسته لدعم بناء دولتهم المستقبلية التي ستنعم بالأمن والازدهار.


يمكنني القول ان الوضع في اليمن بدء بالتقدم نحو الافضل. فبمساعدة اخوتنا الاشقاء وشركائنا في الدول العربية والإسلامية ، تمكن معظم الوزراء من العودة الى العاصمة المؤقتة عدن لتنفيذ واجباتهم ومسئولياتهم في ارض الوطن. وعلية فاننا يحدونا امل كبير بأن تفضي جولة المباحثات القادمة في ابريل الى اعادة مسار العملية السياسية السلمية ، والتي ستقودنا الى تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في الداعية الى انشاء دولة يمنية فيدرالية .

وإذ تثمن حكومتنا عاليا الدور الهام والجهود الكبيرة التي تبذلها الامم المتحدة في سبيل مساعدة اليمن ، فإننا نشدد على اهمية ان تعمل الامم المتحدة على انفاذ التوصل لحل سلمي خلال المباحثات القادمة مبني على اساس اعادة مسار الدولة واستئناف العملية السياسية وما انبثق عنها من قرارات في مؤتمر الحوار الوطني. و من هنا اجدد التأكيد على التزام حكومتنا بدعم جهود اسماعيل ولد الشيخ احمد ، مبعوث الامم المتحدة الخاص الى اليمن.

ومع ما بذلته الحكومة اليمنية من دعم لجهود مبعوث الامم المتحدة الى اليمن فإننا نشدد ونؤكد على ان مشروع أي اتفاقية ستطرح خلال مباحثات ابريل لابد ان تتركز في اساسها على قبول قوات صالح والحوثي لقرار مجلس الامن رقم 2216 والذي يدعو كل الاطراف الى الالتزام والامتثال الكامل للعملية السياسية السلمية ، والداعي الى عودة الحكومة الشرعية بشكل كامل لممارسة عملها لإعادة من هجروا ومن شردتهم الحرب قسرا الى مساكنهم ، ولتمارس الحكومة اعادة البناء لما خلفته الحرب من اضرار وخسائر.
ونؤكد ايضا على ان أي اتفاق سلام نهائي سيتم التشاور علية لا بد ان يتضمن ضمانات وإجراءات فورية رادعة في حال مخالفتها لتعزيز حالة الأمن والسلام بشكل كامل في اليمن.
سنقضي هذه المره وللابد على كل البؤر الارهابية وسنستأصلها اينما كانت ، من خلال التعاون الوثيق مع اشقائنا ومع حلفائنا من دول الغرب .

فلن تجد الجماعات الارهابية أي موطن او مستقر امن لها للتخطيط لتنفيذ اهدافها في الولايات المتحدة الامريكية ، وفي اوربا ، وفي الدول العربية الشقيقة او في مكان في العالم. يدرك العالم ان قبل اسبوعين من الان بدأت الحكومة اليمنية بحملة عسكرية في عدن ضد المنظمات الارهابية وفصائلها المسلحة .

و منذ انطلاق الحملة العسكرية ، فقد شهد الوضع في عدن تحسنا ملموسا ، حيث بدأت الحياة تعود الى وضعها الطبيعي. وما ان تحقق الحملة العسكرية كامل اهدافها ، فاننا نؤكد على انها لن تتوقف وستسمر بنفس القوة في المناطق الاخرى التي تشهد تواجدا او سيطرة للجماعات الارهابية.
و أود الاضافة الى ان على ايران ان تدرك تماما ان اليمن لن تتنازل عن أي شبر من اراضيها ولن تسمح لما تسمية طهران بهلال سيطرتها بأن يمتد الى اليمن عبر وكلاء مشروعها في اليمن ، الحوثيين.

يدرك الجميع اني اعتليت سدة الحكم في اليمن في العام 2012 خلال وقت عصيب تشهد فيه البلد حالة من الاضطراب السياسي وانعدام الامن. و يدرك الجميع ايضا ان الى الوضع كان ايضا شديد التعقيد قبل العام 2012 ، حيث والإشكاليات كانت قد بلغت ذروتها في ظل عدم حل الكثير من المشاكل التي ظلت عالقة. والان حان الوقت لتدارك ما فات وان نطوي تلك الصفحات الاليمة ، وان نقبل على المصالحة الوطنية دون أي تأخير.

يجب علينا جميعا ان نتمسك بمخرجات مؤتمر الحوار وان نعمل سويا على تنفيذها وتطبيقها على الارض ، فالكل شهد ما خلفته الحرب التي اشعلتها مليشيا الحوثي بدعم من القوات الموالية لصالح. يجب علينا ان نضع نصب اعيننا كل التداعيات التي احدثها الانقلاب وان نمضي بخطوات ثابتة وبنفس الخطوات المتفق عليها سابقا لبناء الدولة وفقا لما اقره مؤتمر الحوار الوطني.

تمد حكومتنا يدها لاحلال سلام دائم يعزز بناء دولتها المنشودة. وفي ظل كل هذه التحديات الراهنة ، فإننا ابتداء من هذه اللحظة نتطلع الى وضع افضل ومستقبل اكثر اشراقا اكثر من أي وقت مضى .
انخفضت حدة المواجهات ، وجدولت اعمال المباحثات القادمة ، والسلام اصبح من الممكن تحقيقه اكثر من أي وقت مضى . تحدونا امال كبيرة نرى فيها مستقبل اليمن يشهد حالة استقرار تام وازدهار كبير في دولة تتساوى فيها الفرص وتتكافأ للجميع ، ينعم الجميع بظروف معيشية افضل في بلد تتسع الجميع دون استثناء. يجب علينا لزاما الا نفقد الامال ولا ان نتخلى عن مشروعنا ابدا.

حول الموقع

سام برس