سام برس خاص / حمدي دوبلة
تقــرير :

هزت انفجارات عنيفة ارجاء قرية القطابا الساحلية وماحولها وهرع المئات من سكان هذه القرية الصغيرة على ساحل البحر الاحمر والتي يعمل جل ابنائها في مهنة الصيد التقليدي الى الشاطئ ليقفوا على حقيقة مااستهدفته الطائرات بهذه الصواريخ شديدة الانفجار ولم يصدقوا ماراته اعينهم فالطائرات السعودية الحديثة وصواريخها الفتاكة تطارد الصياد سعيد صالح مغاري وقاربه "النفري" ذي المجداف الواحد..والذي لا يصل تكلفته الاجمالية مع المجداف الـ20الف ريال بمايعادل اقل من 100دولار تقريبا.

خرج الصياد مغاري صبيحة يوم الخميس الموافق الـ3من مارس الجاري من بيته البسيط على الساحل وسحب قاربه الى البحر واطلق العنان ليديه تحركان المجداف وتدفعان القارب الى الاعماق على امل الحصول على بعض الاسماك لكي يقوم ببيعها على بعض اهالي القرية وبمايؤمن له مصروفات يومي الخميس والجمعة وماهي الاساعات حتى اطلقت مقاتلة سعودية صاروخ باتجاه القارب لكنه مر فوق راسه ليتسبب الضغط الهوائي الكبير للصاروخ في انقلاب القارب الصغير وقذف العجوز على بعد امتار
منه..كافح مغاري ذي الخمسين من العمر طويلا للوصول الى القارب والعثور على مجدافه الخشبي وماان تمكن من اعادة القارب الى وضعه الطبيعي وبدا التجديف الى الساحل الا وجاء الصاروخ الثاني ليفعل مافعله الاول واذا بهذا العجوز يقاتل مجددا ويصارع الامواج العاتية التي تحولت الى اشبه باعاصير شديدة بفعل انفجارات الصواريخ بجانبه..كانت محنة هذا الصياد والاهوال التي يواجهها مع الطائرات والصواريخ العدوانية تجري تحت انظار العشرات من ابناء قرية القطابا الذين يشاهدون المعركة غير المتكافئة بصورة حية ومباشرة ولم يكن في وسعهم عمل شئ الا وضع اكفهم على قلوبهم والتضرع الى الله بان يكتب السلامة لهذا الرجل المسكين.

كانت لحظات رهيبة تلك التي فصلت مابين الصاروخ الاول والثاني كما يروي شهود العيان حيث ظلوا يترقبون طويلا ظهور الصياد وقاربه مجددا حينها كان الباسل مغاري حسب ماوراه للناس عقب نجاته العجيبة يراقب تحركات القارب والى اين تتجه به الامواج بعد ان ادرك تماما استحالة خوض المسافة الى الشاطئ سباحة سيما وقد بلغ من العمر عتيا لذا كان عليه الانتظار وقتا اطول من المرة الاولى خاصة وان المجداف بين يديه لينجح مرة اخرى في استعادة قاربه وحياته وراح يسابق الرياح بمجدافه واذا بسرعة القارب كما يقول احد شهود العيان على سبيل الدعابة وكانه يندفع بمحرك حديث وليس بمجداف صياد في خريف العمر.

نجا الصياد مغاري باعجوبة وارتمى الى شاطئ قريته منهك القوى بعد ان سطر ملحمة هي الاخطر والاغرب طوال مسيرته الطويلة والحافلة مع البحر والاسماك لكن لاتزال ماساة الصيادين هناك في قريته القطابا الواقعة على بعد بعد بضع كيلومترات شمالي مدينة الخوخة مثلها مثل بقية القرى على امتداد الساحل الغربي للبلاد بفعل الاستهداف الوحشي والتعسفات الغريبة التي تقوم بها طائرات وبوارج العدوان ازاء الصيادين والتي ادت الى استشهاد واصابة المئات من الصيادين واغراق وتدمير العشرات من قواربهم التقليدية وتحويل الاف الاطفال والنساء من ابناء هؤلاء البؤساء الى حياة الخوف والرعب الدائمين وفقدان مصادر عيشهم.

لقد كان الصيادون التقليديون في صدارة قائمة اهداف العدوان منذ ايامه الاولى ولايزال كذلك حتى اليوم وهو يختتم عامه الاول ..ويقول الصيادون بانه لايكاد يمر يوم دون ان يكون هناك استهداف لهم ولقواربهم وموانئ التسويق والانزال السمكية وكل شئ له علاقة بمهنة الاصطياد التقليدي على طول الساحل الغربي للبلاد لكن المرحلة العصيبة والاكثر وحشية في مسلسل استهداف الصيادين اليمنيين كانت مابين الفترة23اكتوبر وحتى العشرين من نوفمبر ..حيث وصلت وحشية العدوان ذروتها لتخلف مئات الشهداء والجرحى من بين هؤلاء المساكين.

وسيبقى يوم الجمعة الموافق الـ22من اكتوبر الماضي تاريخا اسودا في حياة الصيادين بجزيرتي كمران وعقبان ووصمة عار مظلمة في سجل العدوان على اليمن ..يومها نفذت طائرات العدوان جريمة ابادة جماعية بحق الصيادين عندما قصفتهم مع قواربهم ليسقط اكثر من مائتي شهيد وجريح.

كانت الغارة الأولى عنيفة ومفاجئة للصيادين، استشهد على الفور 70 صياداً، فيمَ هرع بقية الصيادين لإسعاف الجرحى، لكن الطيران عاود من جديد، وبدأ في التوحش، ليباشر البقية بالقصف العنيف ويخلف العشرات من الشهداء والجرحى.

لم يتوقف الطيران عند هذا الحد، وحين هرب البعضُ إلى داخل جزيرة عقبان تدخلت طائرات الأباتشي وبدأت في القصف على الجزيرة، واستهداف كُـلَّ من تجده أمامها.

استشهد يومها نحو 200 صياد اثر غارات متتالية استهدفت قواربهم في جزيرة عقبان ، كما توفي العشرات متأثرين بإصابتهم نتيجة عدم تمكن فرق الاسعاف من انقاذهم بسبب استمرار الغارات على الجزيرة وقوارب الاسعاف التي حاولت على مدى 5 ايام من الدخول الى مكان المجزرة بالجزيرة لكن الطائرات تستهدف المسعفين بشكل وحشي غير مسبوق في تاريخ الانسانية لتبقى جثامين الشهداء وماتبقى منها متناثرة لايام على الشاطئ حتى تحللت في مياه البحر المالحة.

هذه الجريمة البشعة قوبلت باستنكار واسع لكن العدوان لم يعر تلك الاستنكارات اي اهتمام ليواصل جرائمه الوحشية ضد الصيادين ..وماهي الاايام وبالتحديد في ال17من نوفمبر اقترف العدوان مجزرة جديدة بحق الصيادين راح ضحيتها عدد من الصيادين .

في هذا التاريخ استهدفت بوارج العدوان ثلاثة من قوارب الصيادين بمديرية الخوخة محافظة الحديدة ما أدى إلى استشهاد ستة واصابة 7 آخرين جراح ثلاثة منهم كانت خطرة للغاية..وبعد ايام قلائل على هذه الجريمة وتحديدا يوم الـ21من نوفمبر كان الصيادون على موعد مع جريمة اخرى سقط على اثرها 8شهداء واصابة 11من الصيادين عندما استهدفت طائرات العدوان لقواربهم قبالة جزيرتي حنيش وزقر.

لقد نجح العدوان في تنفيذ مخططاته الرامية الى القضاء المبرم على مهنة الاصطياد التقليدي وهاهي الشواطئ اليوم خاوية على عروشها فيما بات الجوع يتهدد عشرات الالاف من الاسر والعائلات التي تعتمد في عيشها على مهنة الصيد ولايزال هؤلاء يناشدون ضمير العالم عله يصحو يوما ويضع حدا لمعاناتهم المتفاقمة بسبب اجرام وتعسفات المجرمين.

حول الموقع

سام برس