بقلم/ نُهى البدوي
يحتفل اليمنيون هذه الأيام بمرورعام على الحرب والتدخل العربي لمساندة الحكومة الشرعية، وبالطبع اختلفت احتفالاتهم بتعارض مواقفهم من الحرب والانخراط فيها ، وفيما يطلق أنصار جماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح على احتفالهم الذي اقيم يوم السبت 26 مارس بميدان السبعين في صنعاء أنه بمرورعام على تصديهم للعدوان، يرى نقيضهم أنصار الرئيس عبدربه منصور هادي ودول التحالف العربي أن احتفالهم في عدن هو لإحياء الذكرى الأولى "لعاصفة الحزم" والتدخل العربي لمساندة الرئيس هادي وحكومتهم الشرعية. فالجميع يحتفل بالحرب بمبررات تثير الفضول للتساؤل: هل الحرب التي يخوضها اليمنيون ضد بعضهم البعض هي قدر لا مفر منه كان ينتظرها هذا الشعب المدجج بالسلاح حتى نراه يفرح بها ، أم أنها نقطة لا بد من وصول كلا الطرفين اليها لإسقاط ما كان مسمى "السعيدة" الأسم الذي أشتهرت به اليمن ، أو الحكمة التي يتصف بها اليمنيون منذُ القدم وما يروى عنهم " الحكمة يمانية". لكن مايلفت عين المراقب كلايهما يتجاهلان الضحايا المدنيين الذين سقطوا بسببها والارهاب الذي ورثته لهم وللجيل القادم.

هذا التجاهل في حرباً اشترك فيها أكثر من طرف محلي وإقليمي، خلفت نصف القتلى من المدنيين الأبرياء. أمر يثير الجدل واشمئزاز الناس. هذا الطرف ومناصريه يزعم أنه يحارب الانقلابيين، وذاك الطرف وحلفاؤه يزعم أنه ضد العدوان. حرب يحترب فيها الكل تحت رآيات مختلفة، والمؤسف أن جميع الأطراف لا تكترث بما يحصل للأبرياء والمدنيين الذين صاروا وقوداً لها، ويزيد عدد الضحايا منهم عدد النصف من أجمالي عدد القتلى الذين سقطوا في المعارك، حيث تشير الاحصائيات إلى وفاة 6202 شخص منهم 3081 مدني وعدد النازحين في الداخل 2 مليون 430 شخص والمهجرين إلى الخارج 173 ألف شخص و21 مليون شخص بحاجة إلى الدعم الإنساني وأكثر من 14 مليون يعانون من الأمن الغذائي، بحسب احصائيات إعلامية.

جميعهم أعلنوا تأييدهم للسلم وأي مباحثات تنادي لإنهاء الحرب، ليس لأنهم إدركوا متأخراً كارثية استمرارهم في الحرب على المجتمع! ولكن بدافع أن هناك تسويات بوقف الحرب وتشديد من المجتمع الدولي بالوصول لسلام شامل في اليمن. ونحن نقترب من نهايتها ترى بأي فخراً يحتفل هؤلاء؟! بالأذى والقتل والتشريد الذي يطال المدنيين الأبرياء ، أو بما تخلفه الحرب للمجتمع اليمني من واقع مؤلم سيؤثرعلى استقراره الأمني لسنوات طويلة، بولادة وتقوية المنظمات الإرهابية وإنعاشها بسبب واستمرارها. كولادة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"مع بداية تفجرها. كأحد المنجزات الذي يمكن أن يفاخر به هؤلاء المحتفلون بذكرى مرور عام عليها؛ فمعظم اليمنيين باتوا يدركون أن الحرب أوجدت مناخا ذهبياً للجماعات الإرهابية.

احتفل اليمنيون بذكرى "الموت" على طريقتهم، أني لا اقلل من أهمية احتفالاتهم بها؛ فلندعهم يفرحون ، لكن عليهم أن يلتفتوا إلى ماخلفته لنا من مآسي، ووضع أمني معقد يتطلب من كل الأطراف فرض خيار المصالحة ليتمكنوا من الصمود الحقيقي أمام هذه التحديات التي ورثتها لليمنيين وفي طليعتها المليشيات والجماعات المسلحة وبالذات "تنظيم القاعدة" و"داعش" التي انتعشت بفعل الحرب رغم خسارتها لقياداتها وعناصر ميدانية بالضربات الطائرات بدون طيار خلال فترة الحرب ومنهم زعيم التنظيم القاعدة ناصر الوحيشي وأمير أنصار الشريعة جلال بلعيدي وآخرون، إلى جانب الضربات المتواصلة عليها في حضرموت وشبوة وأبين ولحج، لكنها لا تزال تشكل تحدي كبير أمام استقرار الوضع في اليمن.

لن يتجاوز اليمنيون تحديات الأمن التي ستعيق جهودعمليات الأستقرار والتنمية في اليمن، ومعالجة أثار الحرب وما ترتب عليه عن سقوط الضحايا المدنيين والأطفال والنساء، وما حصل من دمار في البنية التحية، إلاَّ بفرض خيار المصالحة ليتمكنوا من استعادة الاستقرار لبلدهم تدريجيًا، وهذا لن يتحقق إلا بالتعاون مع الدول المجاورة للقضاء على هذه النبته الإرهابية الخبيثة التي خلفت لهم جيل متعنف يسهل للجماعات الإرهابية استقطابه. توازيه جهود ملموسه وصادقة لإنجاح خطط وبرمج الأمم المتحدة، ودول الجوار لإعادة إعمار ما دمرته الحرب ومعالجة الأضرار البشرية والمادية التي لحقت بالشعب اليمني.

n.albadwi2013@hotmail.com

حول الموقع

سام برس