سام برس
تهديد سعودي بعدم الموافقة على تثبيت انتاج النفط لرفع الاسعار الا اذا وافقت ايران وروسيا وفنزويلا مما يهدد مؤتمر الدوحة بعد اسبوعين بالفشل.. ايران اكدت انها لن تلتزم.. ومعارضة من اقتصاديين سعوديين لخطوة الامير محمد بن سلمان ببيع 5 بالمئة من اسهم “ارامكو”.. فكيف يكون المخرج؟

رأي اليوم:

انخفضت اسعار النفط بأكثر من ثلاثة في المئة اليوم لاسباب كثيرة ابرزها تصريحات الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد رئيس المجلس الاقتصادي الاعلى التي ادلى بها الى وكالة “بلومبيرغ”، وقال فيها ان بلاده لن توافق على تثبيت انتاج النفط الخام الا اذا التزمت بالشيء نفسه كل من ايران وفنزويلا وروسيا، ودول منظمة اوبك الاخرى، اضافة الى زيادة تخمة المعروض في الاسواق وارتفاع اسعار الدولار.

اصرار الامير محمد بن سلمان على التزام الدول الاخرى يأتي من منطلق حرص المملكة على الحفاظ على حصتها الانتاجية الحالية المقدرة بحوالي 10.5 مليون برميل يوميا، اي ابقاء معدلات الانتاج في منظمة اوبك وخارجها على حالها مع تعديلات طفيفة جدا تشمل الجميع، بما يؤدي الى تحقيق هذا الهدف السعودي.

اسعار النفط الخام بدأت في التحسن منذ شهر شباط (فبراير) الماضي بعد انباء عن اتفاق سعودي روسي في تثبيت معدلات الانتاج شريطة التزام الدول المنتجة الاخرى، وعقد اجتماع للدول المنتجة للنفط داخل المنظمة، “اوبك” او خارجها في الدوحة يوم 17 من شهر نيسان (ابريل) الحالي لتكريس هذا الاتفاق.

ايران الخصم اللدود للمملكة العربية السعودية التي كانت احد ابرز المتضررين بالقرار السعودي بتخفيض اسعار النفط قبل عامين تقريبا، اكدت مرارا انها لن تلتزم بأي اتفاق يثبت الحصص ويجمد الانتاج في مؤتمر الدوحة المقبل، وقالت انها ستسعى الى ضخ حوالي نصف مليون برميل يوميا بشكل متدرج حتى نهاية العام الحالي لتعويض حصتها المقررة من قبل “اوبك” وتصل الى 3.5 مليون برميل، وتنتج ايران حاليا اكثر من مليون برميل يوميا.

المملكة العربية السعودية رفضت اقتراحا في منظمة “اوبك” قبل عامين بتخفيض انتاج النفط لامتصاص اكثر من مليون ونصف مليون برميل تشكل تخمة في الاسواق العالمية، لرغبتها في احداث شلل في الاقتصادين الايراني والروسي، بسبب دعم البلدين للنظام السوري ماليا وعسكريا، وتوجيه ضربة قاصمة لصناعة استخراج النفط الصخري عالية التكاليف، ولكن هذه الخطوة اعطت نتائج عكسية، وانهارت الاسعار من 118 دولارا للبرميل قبل عامين الى حوالي 30 دولارا.

الامير محمد بن سلمان، وفي حديثه مع وكالة “بلومبيرغ” اظهر موقفا “صقوريا” و”حازما” عندما تمسك بسياسة بلاده النفطية هذه، وتثبيت حصص الانتاج الا بموافقة الجميع، وتأكيده ان تخفيض اسعار النفط لن يؤثر على المملكة ولا يشكل خطرا عليها، ولكن ربما يكون هذا التهديد موجها الى اجتماع الدوحة المقبل، ونحن مختلف مع الامير بن سلمان في عدم اهتمامه بخطر انخفاض الاسعار لان بلاده كانت وستظل الاكثر تضررا منه، حيث وصلت خسائر المملكة ودول الخليج، الى حوالي 380 مليار دولار سنويا، وسيرتفع هذا الرقم اذا استمرت الاسعار في الهبوط.

صحيح ان الامير بن سلمان كشف في المقابلة نفسها ان بلاده ستبدأ في العام المقبل طرح 5 بالمئة من اسهم شركة “ارامكو” النفطية في الاسواق المحلية والعالمية لتعويض اي عجز في الدخل عائد الى انخفاض اسعار النفط، وتأسيس صندوق سيادي بقيمة ترليوني دولار لتقليص الاعتماد على النفط، ولكن اصواتا سعودية عديدة عارضت هذه الخطوة، وشككت في جدواها، وحذرت من مخاطرها مثل الخبير الاقتصادي الدكتور عصام الزامل الذي قال في تغريدة له على حسابه على “تويتر” اليوم “لو تم بيع النفط كله الآن واخذنا فلوسه كاش، وفشلنا في تنويع الاقتصاد مرة اخرى، وهذا محتمل فبعد عشرين سنة لن يكون لدينا تنوع اقتصاد ولا نفط”.

واضاف الزامل “في الاربعين سنة الماضية فشلنا في تنويع الاقتصاد وايجاد مصدر بديل للنفط، ولكن بقي النفط يصرف علينا حتى الآن”، واكد “لذلك لا اعتقد انه من العدل ولا المنطق ان يتم بيع نفطنا تحت الارض (في اشارة الى بيع ارامكو) في صفقة تجارية في الوقت الحالي”.

واشار “النفط ملك كل الشعب وقرار مثل هذا ببيع النفط تحت الارض مفترض ان لا يتم الا بعد موافقة الجميع″.

التغريدات الجريئة هذه وغيرها توحي بأن السياسة النفطية السعودية المتبعة حاليا تواجه معارضة شديدة في الداخل والخارج معا، وربما تساهم في زيادة معدلات انخفاض اسعار النفط في المستقبل المنظور، الامر الذي يعني المزيد من العجوزات في الميزانية السنوية للسعودية ودول الخليج، والمزيد من الاجراءات التقشفية التي ستزيد من معاناة شعوبها.

حول الموقع

سام برس