سام برس
يمر امامي مسرع الخطو , لا يلتفت الى احد , واحس ان استعداده للحديث مع أي كان يكون في مستواه الادنى جدا , اعرف ان باله مشغول !! , بماذا ؟ اعلم بماذا !!! . تاتي لحظة تكون فيها بحاجه لان تهجر الجميع لتخلو الى نفسك , تحدثها , تنادمها , تستشيرها , قل تهرب اليها , تاتي لحظة قصوى تكون بلا رغبة حتى للجلوس مع نفسك , فتطرد ذاتك منك , وتذهب للبحث عمن تجلس اليه , احيانا تأنس حتى للعدم تجالسه وانت لا تدري له تعريفا !!! . فؤاد بين الثانية بعد الظهر والثالثة مساء يكون خارج مجرته اليوميه , اعلم الى اين يذهب بنظره ؟؟ الى حيث ترتاح نفسه للجلوس , تراه وقد تأبط كيس القطل , وباكتي السيجاره الكمران , وقارورة مهوله لكبرها (( دلسي )) ولا مانع من علبة (( زنجبيل )) .

يتخلى عن ابهته , يلبس ملابس عاديه , اساله في هذه المفرده : لماذا ملابس هكذا ؟ يضحك : لكي اكون في مستوى الشارع , واليها يحث الخطى ؟؟ , (( الصندقه )) لا غيرها , تلك الكائنة في سوق القات , (( المقوِت )) يتركها بعد ان ينهي بيع قاته , يسلمها راضيا بدون سؤال الى فؤاد . يضع حمولته , ويصعد , ليتربع قيادة الكون !! , سالته مرة : لماذا لا تنظف مخلفات القات والسجائر , وبقايا اكل ؟ يقول لك وبهدوء وكمن يخاف على البيض من ان تتكسر , يقول لك : لا لا ..لكي تحس بالحياه , اترك كل شيئ كما هو , اذهب بابتسامتي الى صاحبي عبد العزيز الى غرفه 9 في الطابق العاشر من احدى عمارتي (( دوم اسبرانتوف )) في موسكو , كان عبد العزيز اذا ذهب الى الكليه ترك كل شيئ على جنونه كما كان يردد , وعبد العزيز فنان تشكيلي مُجيد اصر على الدراسه في معهد (( سيريكوف )) للفنون التشكيليه , وعندما قالو له : يلزمك فوق السنه التحضيرية ثلاث اخرى تهئية لدخول المعهد الاكثر شهره , لم يتردد في القبول , ويدرس فيه سبع سنوات اخرى حتى تخرج , ليعود حاملا دبلومه الاحمر , والى القريه ليتميشخ الى اليوم , ويعلق الشهاده في راس المكان لمن يريد ان يراها , الفن هنا لا يؤكل عيش مثل المشيخه !!! , عبد العزيز يترك شراباته وملابسه , فياتي (( اخفت )) ذلك الطالب المنغولي الجميل المحب لليمنيين فيرتب كل شيئ , حتى اذا عاد عبد العزيز ورأى كل شيئ مرتب قالها بلهجة البلاد : (( شقصف الله عمرك يا اخ اخفت من قال لك تصلحهن ؟ )) يظن اخفت ان عبد العزيز يشكره فيبتسم , كنت اقول يا صاحبي لم تترك كل شيئ هكذا منعوث كسفل البقر ؟ يضحك : احس بالحياه يا بن بجاش !! , فؤاد لا يرتب احوال الصندقه , يقول : لو رتبت سانسى ما جئت من اجله , فمنها (( الصندقه )) اتابع احوال القاع , فحركة السيارات , والماره , والريح تبز القراطيس الى السماء , وصوت الطائره فوق الرؤوس , وكلاب تداعب بعضها , واطفال يحملون السلاح عند النقطه في وسط الشارع , وباعة البترول المهرب , الشيئ الوحيد – يقول – , الذي يستوقفني ولا اجد له تفسيرا سرعة المجانين حين يمشون !! , يستمر فؤاد مخزنا في الصندقه حتى اذا دنى الليل , لفلف نفسه , وعاد الى غرفته مرتاحا , فقد قاد العالم بطريقته , ونسي نفسه ساعات , هاهو يستدعيها مع اول منحنى من دخان سيجارته , يجتر همومه , يستعد لليلة من الخوف والترقب واسئلة بلا جواب . لله الامر من قبل ومن بعد .
نقلا عن صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس