بقلم/ حمدي دوبلة
يُقال بأن الملك اخناتون عندما قرر اعتماد دين التوحيد في مصر بدلا عن الوثنية طلب من النبي يوسف عليه السلام أن يدعو ربه أن لا تسيل قطرة دم واحدة أثناء عملية الانتقال من عبادة الأصنام إلى عبادة الخالق العظيم لكن يوسف الصديق أجابه “لا مفر من ذلك فان دماء الأبرياء هي من تزلزل عروش الباطل وهي الشموع التي تنير الدروب نحو الحق والعدل وإرساء قيم الخير والسلام على هذه الأرض”.

هذه الكلمات المأثورة اختزلت في ثناياها واحدة من السنن الإلهية في الخلق منذ أن خلق الله الأرض والى أن تقوم الساعة ..وهاهي اليوم تتجلى بوضوح أمام كل من يتابع يوميات جرائم العدوان السعودي التي لا تطال سوى الأبرياء من أبناء الشعب اليمني المؤمن ولا تفتك إلا بأشدهم فقرا وأكثرهم تقىً وورعا على مستوى كافة المدن والقرى وفي كل مكان استهدفتها ولا تزال مقاتلات تحالف العدوان”الشقيق” في طول البلاد وعرضها.

رأينا ورأى العالم كيف تهاطلت صواريخ وقذائف الحقد والشرور وبجميع أنواع الأسلحة الفتاكة المحرمة وغير المحرمة لتزهق أرواح الأبرياء وهم في بيوتهم وفي الأسواق وفي أماكن أعمالهم وعلى الطرقات وفي قوارب الاصطياد وحفلات الأعراس ومخيمات النازحين وحتى المهمشين في منازلهم المتواضعة لتحصد أرواح الآلاف في حرب ظالمة هي الأكبر في تاريخ الحروب من حيث ضحاياها المدنيين وعلى مستوى الاستخفاف والاستهتار غير المسبوق بالحياة الإنسانية.

دماء أبناء اليمن المؤمنين الصابرين وقد سالت انهارا على التراب الطاهر من بلاد الحكمة والإيمان حتما لن تذهب سدى ولن تكون بمعزل عن السنن الإلهية الكونية في استدراج الطغاة وزلزلة عروشهم وإحقاق الحق وإنارة دروب العدالة والخير ولن يكون بمقدور أولئك المجرمين المتجبرين الهروب من مواجهة العقاب الإلهي مهما صنعوا فقد جرت المقادير وقُضيَ الأمر الرباني جراء ما اقترفته أيديهم من مجازر مروعة بحق هذا الشعب المسلم..كما أنهم لن يفلتوا أبدا من الجزاء العاجل في الدنيا إذ ستلاحقهم تلك الدماء البريئة لسنين وعقود طويلة وستسوقهم في الأخير إلى ساحات العدالة حتى وان استطاعت أموالهم تأجيل ذلك القصاص العادل إلى حين فانه آت لا محالة طال الزمن أم قصر.

هذه الدماء الزكية الطاهرة هي أيضا أمانة في عاتق كل يمني وخاصة أولئك الساسة وأصحاب القرار الوطني ممن يحملون على أعناقهم مسئولية الضحايا ودمائهم وممتلكاتهم التي استباحها المعتدون وعليهم أن يكونوا عند مستوى هذه الأمانة وان يحرصوا على اخذ ذلك في الاعتبار عند أي مباحثات للسلام والتسويات السياسية المزعومة التي يتم الحديث عنها اليوم بينما لا تزال طائرات الأعداء تمارس هواياتها في قتل الأبرياء من أبناء هذا الشعب الكريم وان لم يكونوا أهلا لحمل هذه الأمانة فان لعنة هذه الدماء الزكية ستطال الجميع وستأتي بالويل والثبور على القريب والبعيد على حد سواء..فدماء الناس ليست العوبة بيد الساسة والطغاة من الحكام الذين لاشك ستكون نهاياتهم المحتومة ودمار بلدانهم وذهاب سلطانهم على ايدي هذه الدماء والأشلاء.

“وإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا”..صدق الله العظيم.
نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس