بقلم / عبدالكريم المدي
* ما هو سرّ الضغوطات الأميركية المستمرة على (صالح ) بمغادرة اليمن؟
* ولماذا المستقبل السياسي للمرشحة (كلنتون ) مهدد وتحت رحمة الوثائق السعودية المسربة؟
* ومن يقف وراء تعطيل مساعي تشكيل لجنة تحقيق دولية على غرار لجنة الحريري ؟
* وبماذا كان ينصح الدبلوماسيون الأميركيون والغربيون المسؤلين المقربين من صالح ؟
* ما هي الخطة التي أفصح عنها الشيخ مذحج الأحمر في السفارة السعودية ؟
* من هي القيادات التي كشف الأحمر الترتيب لإغتيالها إلى جوار صالح..وما حقيقة اتفاقهم مع الأميركيين؟
* هل قد يكون اللواء الأحمر وحلفاؤه وقعوا ضحية لتأثير المخابرات الأميركية والغربية؟
* هذا هو الذي اعطى الضوء الأخضر لإغتيال علي عبدالله صالح وأركان نظامه.

*قراءة شخصية وتحليلية للوثائق السعودية المسربة حول عملية إغتيال صالح وربطها بالأحداث والتقارير المحلية والخارجية.


كيف ستكون ردّة فعل الشارع الأميركي عندما يعلم بحقيقة صادمة ونكسة لما يسمونها بالمُثل والقيم الأميركية العليا التي شوهتها إدارة الرئيس (أوباما ) ووزيرة خارجيته في العام 2011 (هيلاري كلنتون) حينما منحا الضوء الأخضر للقيام بعملية إغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ، هو وكبار أركان نظامه في جامع النهدين في دارالرئاسة يوم الجمعة (3يونيو2011) ؟

الصدمة الأولى للشارع اليمني والغربي تتمثل في إحدى الوثائق السرية ،المسربة تقريبا ،إما من إرشيف المخابرات، أوالخارجية السعودية والموجهة من سفارة الرياض في صنعاء لخارجية المملكة بتاريخ (28مايو2011) قبل محاولة إغتيال صالح بـ ( 6) أيام ، والتي تقول ( ورود معلومات مؤكدة لمكتب الاستخبارات السعودية العامة في السفارة تفيد بأن اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع ، المنشق عن الجيش ، سيقوم خلال الأيام القليلة القادمة بتنفيذ عملية إغتيال ضد الرئيس علي عبدالله صالح .ويعتقد أن الأميركيين على عِلم بذلك ) .

أما الصدمة الثانية ، الأشد ، فتكاً بالذهن والنفس، فتُخبر عنها الوثيقة الثانية ،الموجودة على شبكات الإنترنت، والتي جاءت بتاريخ (30مايو2011) ، أي قبل عملية الاغتيال بأربعة أيام ، والموجهة ، أيضا، من السفارة السعودية في صنعاء إلى وزارة الخارجية في الرياض ، التي تم التأكيد فيها أن الأميركيين قد أعطوا الضوء الأخضر للجنرال علي محسن بتنفيذ المهمة .

كما حملت هذه الوثيقة أيضا، عدة صدمات، حيثُ كشفت أن الشيخ (مذحج عبدالله الأحمر ) قد افصح للسفارة السعودية بمعلومات دقيقة عن تواصلهم مع السفارة الأميركية التي، قالت الوثيقة - نقلا عن الأحمر - بأن أميركا تدعم اللواء علي محسن وشقيقه (حميد ) في جهودهما للتخلص من( صالح ) وأنهم لن يقوموا بإغتيال الأخير لوحده ،وإنما سيغتالون معه جميع أركان نظامه انتقاما لدماء ، ما اسماها بثورة الشباب ومجزرة الكرامة (18مارس2011) بشارع جامعة صنعاء .

الأمر المؤكد هو أن عاصفة هذه الوثائق لن تتوقف عند إعلام الرئيس اليمني السابق ( علي صالح ) بل ستتعداها إلى ما هو أبعد من ذلك ، ومن الصراع الدائر بين ( صالح ) وخصومه إلى ساحات ومحافل خارجية ..

المهم ومن خلال التأمل في هذا الكنز الوثائقي ،الوثير الذي ، إن صحت معلوماته، نستطيع القول إنها قد حملت مفاجأتين من العيار الثقيل، الأولى : عِلم السعودية بعملية الإغتيال وبحقيقة الترتيب لها ، وكأقل تقدير قبل تنفيذها بستة أيام ، ومع هذا لم تبلغ صديقها ( صالح ) بها وبضرورة اتخاذ الحيطة الكافية .

والثانية: توجيه السعودية الإتهام المباشر للولايات المتحدة الأميركية بالوقوف وراء عملية الأغتيال ، وهذا ما قالته الوثائق المسربة ، الأمر الذي يعني أن وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، المرشحة الحالية عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية ( هيلاري كلنتون ) ستكون أمام مساءلة قانونية قد تُودي بها للقضاء على تاريخها السياسي وتُخرجها من سباق الترشح ، وربما الإحالة للمحاكمة ، وليس ذلك فحسب ، بل أن الرئيس (أوباما ) وإدارته معرضون لمساءلة قانونية،خاصة وأن القانون الأميركي يجرّم ويحظر تماما تواطوء الإدارة الأميركية مع أي طرف في العالم يقوم بعملية إغتيال للرؤساء والقادة ف ، فما بالنا - وحسبما ورد في الوثيقة السعودية - بإعطاء واشنطن الضوء الأخضر لإغتيال صالح..؟

ولعل الاستشعار المتأخر لأوباما وإدارته بخطورة قيامهم بتلك المخالفة الواضحة للقانون الأميركي، هو ما يُفّسراصرارهم منذُ العام (2011)، وبصورة مستمرة على ضرورة مغادرة الرئيس ( صالح) لليمن وابعاده - وفقا لكثير من المعلومات - عن مركز الحدث ومحاولة إلهائه، عن تتبع ملف جريمة جامع النهدين ، بقصر فخم في المغرب تزيد قيمته عن (300) مليون دولار ورواتب شهرية مغرية له ولعائلته ولخدم القصر .

هذا تحليل شخصي بحت ، يستنتجُ من خلاله وبعد متابعة لسلوك وقلق واشنطن فيما يخص التخلص من صالح ومساعي إخراجه من اليمن،إن أميركا تُقدم نفسها كمتورط ( نمبر ون ) في تلك القضية، ومن يقوم بمراجعة فيلم الأحداث والوثائق الأخيرة ويبحث في حجم وقوة الضغوطات التي قامت وتقوم بها إدارة ( أوباما) على ( صالح ) لحثه على المغادرة ، طبعا ليس خوفا منه كشخص ، أو حتى منه كرئيس حزب أو من حزبه، وإنما خوفا من متابعاته المستمرة لقضية اغتياله ، وعدم تخليه عنها ، بمعني أنه في حال استمر في النبش والبحث فيها ، فإنه سيقود ، وكنتيجة طبيعية، إلى فضح الإدارة الأميركية والحزب الديمقراطي ( الحاكم ) أمام الرأي العام الأميركي والعالمي.

المتهم الرئيس اللواء علي محسن الأحمر الذي ذكرته الوثائق بالاسم على أنه المتورط (الأول) في عملية إغتيال ( علي صالح ) وأركان نظامه ،قد يكون هو شخصيا ، ومعه أولاد الشيخ الأحمرأنفسهم ، وقعوا ضحية لتأثير المخابرات الأميركية / الغربية ، التي تقف وراء كثير من المآسي في اليمن والعالم، بدليل إن هناك معلومات تتوارد بين الفينة والأخرى ما بين الأعوام (2011- 2014) تفيد بأن السفير الأميركي ودبلوماسيين أميركيين وغربيين كانوا في مناسبات عدة يطلبون ، وبصفة شخصية ،من مسؤلين يمنيين مقربين من صالح بضرورة ترك الأخير والابتعاد عنه ، وهذا الأمر هو الذي يقودنا هنا إلى الافتراض بأن اللواء علي محسن ، مع بعض العوامل الأخرى قد يكون، بالفعل، وقع تحت تأثيروخُدع المخابرات الأميركية لينجرف - رغم فطنته - في متاهة لعب ذلك الدور بشكل أو بآخر .

عملية إغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح (3يونيو2011) ،وما خلقته من تداعيات،ومنها هذه الوثائق( السعودية ) المسرّبة حديثا، تجعلنا نقول - بعد قراءة في مضامينها ، وربطها بأهم الاحداث والمعلومات - إنها قد تركت وتترك العديد من التساؤلات التي تقود لإجابات كبرى،تصبُّ جميعها في جعبة تعزيز الإتهامات الموجهة للإدارة الأميركية بدرجة رئيسة ،وأجهزة أمن السعودية ومخابراتها بدرجة تالية ، وذلك بالوقوف وراء عملية إغتيال الرئيس صالح ، والتي - حسب الوثيقة الأولى - شارك فيها مسؤلون من حزب الأخير وضباط ورجال أمن في حرسه الرئاسي.

ومن أهم التساؤلات التي نحسبها مشروعة في هذا الشأن هي: لماذا لم تُشكّل لجنة تحقيق دولية في القضية ، أسوة باللجنة التي شُكِّلت بعد إغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق ( رفيق الحريري ) ، رغم إدانة مجلس الأمن الدولي للجريمة في حينه ،وإعتبارها عملاً إرهابيا؟
وبعد المطالبات المستمرة بتشكيل لجنة دولية ، لماذا كانت تُعطل وتُهمل جميعها ، ومن الذي وقف ضد تشكيل اللجنة، وأين الرئيس عبدربه منصور هادي من ذلك ، وهل له علاقة مباشرة بعمليات التعطيل ومحاولات إغلاق الملف، أم أنه ضحية للعبة أكبر منه ولم يعلم إلى اليوم شيئا عنها ؟
لكن ، لماذا ظل يُحارب - حسب أنصار صالح وقيادات مقربة منه - أي حديث عن جريمة الإغتيال غير المسبوقة، ويقفل كل النوافذ في وجه المطالبين بتشكيل لجنة دولية للتحقيق ؟

حتما الأيام ستجيب عن هذه التساؤلات ، وقد تكون وثائق جديدة في طريقها لتبديد الغموض ووضع النقاط على الحروف.. سننتظر .

على أية حال إن توقيت إعلان وكشف هذه التسريبات يوحي وكأن هناك معارك داخلية خفية شرسة في النظام السعودي ، بل أن هناك ما يشبه التخطيط لعملية أو هزّة ما تُربك سلطات ( الرياض) التي يؤكد الكثير من المتابعين والسياسيين لأدائها إن أخطاءها وقراراتها طغت على حسناتها ، وفي الطرف الآخر ( الحليف الأميركي ) الوثيق بالمملكة ، هو الآخر ، وفي حال وصلت هذه الوثائق والحقائق للإعلام الأميركي فإنها ستُحدث عاصفة رعدية تزيد سرعتها عن (500) كم في الساعة ،أول ضحاياها المباشرين المرشحة للانتخابات الرئاسية (هيلاري كلينتون )، وإدارة أوباما التي تؤكد الوثائق ، إنها اعطت الضوء الأخضر لتنفيذ عملية إغتيال صالح .. وهذه هي المخالفة الصريحة للقانون الاميركي ، وقد تكون تبعاتها أشد وقعا وخطرا على البيت الأبيض، من وثائق ويكليكس التي سربت قبل سنوات ووثائق بنما التي سربت قبل أيام .

العديد من المراقبين يقولون إنه وفي حال صحّت هذه التسريبات السعودية فإنها ، ستمثّل اختراقا جديدا وحاسما لهذا الملف ،على المستوى المحلي، وعلى المستوى الخارجي، حيثُ سفتحُ أبواب جحيم التحقيقات على مصراعيها ،ولا نستبعد أبدا قيام أميركا ، من منطلق( مكرها أخاك لا بطل )، على تشكيل لجنة تحقيق في هذه القضية ، سيما في ظل التنافس المحموم بين الحزبين ( الديمقراطي - الجمهوري ) على كرسي الرئاسة ، ما يعني أن قنبلة غير متوقعة ستنفجر في وجه كلينتون التي - وكما سبقت الإشارة - تناضل من أجل الفوز بترشيح الديمقراطين لها والوصول للبيت الأبيض ، وستضاف مخالفة صريحة كهذه ،إلى ملفها ، بحكم إنها متهمة سابقا بتواطئها أثناء الأعتداء على القنصلية الأميركية في بنغازي شرق ليبيا في ( 11سبتمبر2012) ومقتل السفير الأميركي يومها ، وإتهامها أيضا، بالتسبب بكشف معلومات وتعريض المصالح الأميركية للخطر، إلى جانب جُنحة استخدامها للبريد الشخصي أثناء عملها كوزيرة للخارجية .

أما التساؤل الملح الذي يطرحه العديد من المتابعين على الأميركيين هو : هل قام الرئيس (أوباما ) ووزيرة خارجيته وأجهزنه الأمنية والمخابراتية بتجاوز نصوص القانون الأميركي الذي يجرم ويحظر على الحكومة الأميريكة التورط أو حتى مجرد التواطوء في عمليات إغتيال رؤساء دول وتحت أي ظرف كان، وهل لهذا الأمر علاقة بالمساعي الأميريكة لانجاح ثورات الربيع العربي بأي ثمن كان ، ومن ضمن تلك الأثمان قيام ( أوباما) بانتهاك نصوص القانون الأميركي في (الخريف اليمني ) ؟
نتمنى أن نسمع الاجابة في القريب العاجل من الأميركين أنفسهم ..

حول الموقع

سام برس