بقلم / عبدالرحمن بجاش
كانت صنعاء صغيرة ايامها , بل وحنونة الى درجة الاشتهاء , كنا نعرفها , تعرفنا , نصاحبها , تصاحبنا , واذا احتجت الى صاحب اضافي , فاذهب الى علي عبد المغني واغرف لك من اليمنيين المتميزين ما تشاء وكم تشاء . يومها كنا نستكب الى مدخل شارع 26 سبتمبر الذاهب الى الاذاعه , الشارع المظلوم ابدا , وانا كنت اتلصص من القرب على المساح , وعلى الزرقه , كان هناك اين الجوازات القديم وبعدها اعلانات الثوره , مقر صحيفة الثوره , تذكرت الان زميلا كان يطلع من تعز الى صنعاء ليرسل ما يكتبه الى صحيفة الجمهوريه !!!, سألته : لم كذا ؟ قال : من الهيبة والرهبه !! . كنت فيما بعد عند ان تفتحت عيني بعض الشيئ امر مع المساح على الثوره , كان هناك من يكتب بريشته مانشيتات الثوره وعناوينها الرئيسيه , وعناوين الصفحات الداخليه , يومها لم يكن الكمبيوتر قد استغنى عن الخطاطين الافذاذ , والخطاطين في هذه البلاد اباهم الروحي نعمان كان في تعز وآثاره ما تزال الى اليوم , خذ شكري , محمود شاهر خطه جميل جدا , عبد الرزاق من صمم شعار اليمنيه ولا احد يعلم هذا !!! لان لا سير ذاتيه تكتب للمبدعين !! .

رأيت في المبنى القديم للثوره عبد العزيز منصور الزبيري لاول مره يمازح المساح ويكتب , يخط العناوين ويعرضها على ((الزرقه )) , يراجعها , يبدي اعجابه وموافقته النهائيه , يدفع بها الى المطبعة العتيقه .

امام المبنى القديم كانت الشركه اليمنيه للطباعة والنشر , وهناك التهمها الحريق , ومنها واليها هب الناس ينقذون الحرف من الحريق , كان على راس الجميع ابراهيم الحمدي الذي دمعت عيناه والنار تاكل الورق بنهم لا مثيل له , كان احمد هاجي علم الشركه واباها الروحي , من يوم ان اكلت النار الورق صدم الرجل وتوارى احتراما للنفس !! . عبد العزيز الزبيري لم يكن خطاطا فقط وانا ارفع قبعتي احتراما لاحمد حسين الاشول كعلاقة حميمة بالحرف , كان الزبيري ايضا يرسم بريشته ما تيسر , في مكتبتي المتواضعه وجه لفتاه اهدانيه عبد العزيز في موسكو ما زلت احتفظ به وباهداء بخط راق ومشاعر نبيله , ليست غريبة على من ينتمي لمدرسة الكرامة وعزة النفس محمد يحي الزبيري , الكرامة وسمو النفس اللتان تسيران على رجلين , وعبد العزيز الى معهد (( سيريكوف )) في موسكو او المدينة النبيلة شد الرحال ودرس واكمل وعاد , ليجد ان الفنون التشكيلية وكل الفنون لا (( تؤكل عيشا ولا تحفظ كرامه )) , فعاد الى المنبع يحفظ كرامته ويعتجن بطين الارض مسقط الراس , حيث يطل بشعره الابيض من هناك على عالم لا يدري عن الكفاءة شيئا , او كما قال (( ...صدمني واقع بلدي , النابذ لكل اسباب الحياه ..بلد لا قيمة فيه للعلم والمعرفه , والثقافة والفنون ...حتى لا افقد عقلي او آدميتي ..قررت الانسحاب الى قريتي )) , (( عجزت ان احقق حلم موطني الاصغر قريتي ...لان الوطن الاكبر (( القبر )) لا فرق فيه بين الحياة او الموت )) . تلك بعض الصوره البانوراميه لفنان عاد من سيريكوف العظيم الى قريته او موطنه الاصغر من اجل كرامة حافظ عليه ابن الزبير من المهد الى شفا القبر ....لله الامر من قبل ومن بعد .
نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس