بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
تتجه أنظار العالم وفي مقدمتها اليمانيون ودول الخليج العربية الى قمة الكويت المزمع عقدها في الثامن عشر من شهر ابريل الجاري لاحتضان مفاوضات السلام اليمنية في محاولة لإيقاف الصراع المسلح ونزيف الدم بين الإخوة الأعداء ، وكف عدوان التحالف بقيادة السعودية ، ورفع الحصار الجائر ، لاسيما بعد ابداء مرونة كبيرة من قبل أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بما في ذلك النظام السعودي الذي أفاق من صدمته بعد السقوط المريع لرهانه في الحسم العسكري بمرور أكثر من عام على عدوانه المغلف بالشرعية الزائفة التي تفاجأ بها الفار هادي والمجتمع الدولي .

ملامح أولية تتجه نحو إجراء محادثات السلام وقناعات دولية تصب في جنوح جميع الأطراف للسلم بعد فشل السعودية وامريكا وبريطانيا والإمارات في الحسم رغم سيناريو مجازر الإبادة والافراط في تدمير الإنسانية والتوطين الممنهج للقاعدة وداعش في عدن وحضرموت وأبين وتعز ومارب والجوف وشبوة وغيرها من المدن والموانئ اليمنية التي تطمح بعض قوى التحالف استعمارها بالقوة لتحقيق أحلامها القذرة ، ولذلك بدأ التسويق لمصطلح حسن النوايا وفقاً للتفاهمات بإطلاق الأسرى الأمريكيين والبريطانيين والسعوديين وجثث القتلى ووقف اطلاق النار في العاشر من شهر ابريل ، رغم أكثر من 33 اختراق للهدنة في يومها الأول لإيقاف شبح الحرب ولجم العدوان ورفع الحصار الذي أودى بحياة أكثر من ثلاثين ألفاً بين شهيد وجريح وعشرين مليون يمني تحت خط الفقر وأكثر من مليون مشرد وتدمير البنية التحتية.

ورغم المباحثات والمقترحات والرؤى التي تم تقديمها عبر الوسيط العماني ومفاوضات جنيف التي لم تحقق الهدف المنشود ، إلا أن تلك الخطوات كانت مقدمة لتأسيس قاعدة ومنطلقاً للحوار وبارقة أمل للولوج الى ” السلام” رغم التجاذبات والعراقيل المصطنعة لتجار الحروب وشركات انتاج الأسلحة التي تحكم وتتحكم في العالم والجيش الجرار من المرتزقة والإعلاميين والمحللين الذين يأكلون على موائد وجثث ودماء الأبرياء ، مما زاد في خلق ” قناعات” أطراف الصراع إلى أن السلام أصبح ضرورة.

ولذلك فإن قمة الكويت قد تكون برداً وسلاماً إذا ما صدقت نوايا أطراف الصراع المدعمة بالإرادة الدولية بعيداً عن الطغيان والغرور والاتصالات المشبوهة وأن الكويت بما تملكه من رصيد إنساني وسياسي كبير في إدارة ورعاية المفاوضات اليمنية قد تكون فاتحة خير لحقن دماء اليمنيين ووأد الفوضى ، لاسيما وأن الكويت محل ثقة كل اليمنيين بمواقفها المشرفة وثقافتها الإنسانية النابعة من السلم والروابط الأخوية في تطويقها لازمات وحروب يمنية سابقة منذ السبعينيات ومساعيها الحميدة لوقف فتيل الحرب بين ماكان يسمى شمال اليمن وجنوبه والوصول الى اتفاق حفظ لليمن سابقاً أمنه واستقراره .

كما أن يوم الـ 18 من ابريل محطة فارقة لاختبار حسن النوايا و فرصة تاريخية لإحلال السلام في اليمن ومنطقتي الخليج والشرق الأوسط وعودة اليمن “الجريح ” الى الواحة العربية اذا ماصدقت النوايا لاستعادة دورة العربي والإسلامي ، رهان حقيقي للقضاء على التنظيمات الإرهابية المتمثلة في داعش والقاعدة التي أصبح قنابل موقوتة قابلة للانفجار في المنطقة العربية وأصبح كل منهما يحد شفراته منتظراً غفلة وصراع الحكام لقلب الأنظمة وذبح الشعوب.

أمام السعودية فرصة تاريخية لأجراء المفاوضات بندية مع الوفد الوطني المتمثل في أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وكافة الأطراف السياسية وعليها أن تزود وفد الشرعية بجرعات لإنجاح عملية السلام و”بذواكر ” إنسانية تنهي الحرب والقطيعة تجسيداً وتخليداً لسلام ” الشجعان “وتفويتاً للمتاجرين بدماء الشعوب وبيع الاحلام الوردية ، للخروج من المستنقع اليمني برؤية حقيقية وعادلة تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف لاستعادة هيبة الدولة اليمنية وتثبيت أواصر الإخاء بعيداً عن الشبهات والافراط في النرجسية والغرور والتحرر من الهيمنة قدر الإمكان حفاظاً على استقرار الشقيقة بعد أن أصبحت محل عداء وحقد وكراهية شعوب المنطقة لسياساتها ” الطائشة” وتورطها في أكثر من بؤرة صراع ، فالفرصة ماتزال سانحة لفتح صفحة جديدة مع الشعب اليمني احتراماً لأواصر الدين واللغة والجغرافيا والتاريخ المشترك واحترام إنسانية الانسان وكف التدخل في الشؤون الداخلية وصناعة “دُمى ” المرتزقة الذين تاجروا بأوطانهم وحولوا الشعب اليمني الى ناقم وثائر وباغض لبعض جيرانه جراء الظلم.

فهل يحتكم الجميع الى العقل والمنطق والانطلاق بإرادة حقيقية نحو إنجاح عملية السلام بعيداً عن تسجيل المواقف وتحريك الدمى وتسويق الكلام الاستهلاكي ومغالطة المجتمع الدولي خدمة للشعوب العربية واحتراماً للأجيال القادمة ووقفاً لدعم مصانع السلاح الأمريكية والأوروبية وإرساء سلام شامل يجنب الجميع المآسي والأحزان ؟ مالم فالجميع خاسر والقادم أسوأ.

حول الموقع

سام برس