بقلم/ أحمد عبدالله الشاوش
مازلنا مذهولين نحن العرب والمسلمين حتى اللحظة وأكثر انبهاراً من فوز صادق خان بمقعد عمدة " لندن" ، ومصدومين حتى النخاع من عمدة " عدن" المدعوم بالشرعية الدولية لانتهاك إنسانية الانسان وتجسيد العنصرية والمناطقية ، وتبني عمليات القمع والملاحقة والنهب والطرد للبسطاء من أخوانهم اليمنيين تحت ذريعة " الإرهاب" المصنع في أمريكا والمعلب في السعودية والمقنع في الامارات والمطبق في ثغر اليمن الباسم " عدن" بإيقاعات " الهوية" والتفتيش عن "الإقامة" لابن البلد الذي صار غريباً في ربعه وحيه ومدينته ووطنه

ومن العجيب والغريب أن "تحتضن" بريطانيا التي نوصمها بالكفر والاستعمار وسياسة فرق تسد جميع الاجناس والألوان والاعراق من الغرق في وحل الفقر والمعاناة والقمع والطغيان والتشريد المنظم لتحقيق احلامهم وطموحاتهم عبر اذابة الفوارق ، في حين أبناء جلدتنا في اللون والجنس واللغة واللسان والدين أشد عداوة وبطشاً لأناس لا ذنب لهم إلا أنهم ساهموا في بناء وطنهم في الجنوب اليمني ونحتوا في الصخر من اجل العيش بكرامة وتصاهروا وخلفوا وعمروا وتعايشوا ، وهو مالم يرق لتجار الحروب وأدوات البطش عن بُعد واعداء الإنسانية وورثة الشيطان الذين سارعوا الى سياسة الفرز والتصنيف ببشاعة لتحويل اليمن الى جحيم عبر نغمات ، هذا من تعز وذاك من الحديدة وذلك من إب وحجة وريمة وحضرموت ولحج ..هذا زيدي وذلك شافعي ويمن اعلى ويمن اسفل وجبلي وتهامي لأحداث فتنة والتمهيد لحرب أهلية بعد ان فشل العدوان في تحقيق أهدافه.

فالبلاد التي تحترم دساتيرها وقوانينها تذوب فيها الأعرق وتنصهر فيها الاجناس والألوان وتدفن المذاهب والأفكار والثقافات العدوانية ، لتشكل قاعدة صلبة للتعايش وتحقيق العدالة الاجتماعية والدفع بعجلة البناء والمضي في تحقيق الاحلام المشروعة.

ومن رحم هذا الانصهار العجيب الذي نتوق اليه ونفتقده في اليمن ، عاش صادق خان في قلب العاصمة البريطانية لندن " كغيره من المهاجرين بعد ان عانى والده شظف العيش في بلده الباكستان ولم يجد ضالته في الدول العربية والإسلامية التي تزخر بالثروات ولكنها تعشق الطغيان وتتلذذ في التعذيب والتجهيل والترهيب والترغيب والنزعة العنصرية ، نتيجة لعدم ايمانها بقيم التعايش الإنساني.

ولنبل القصد لم يصل خان الى الفوز بعمدة لندن بالتزوير كما يحصل في بلداننا العربية أو بمرسوم ملكي ونغمات التوريث أو الادعاء بالحق الإلهي او النفوذ بالمال وانما بالعلم والمعرفة والعمل الدؤوب والسمعة الطيبة والأفكار العظيمة والايمان بالتعايش والمعايير القانونية واحترام دولة القانون لنفسها ومواطنيها بعيداً عن كل الامراض والادران وهو ما نفتقر ونحن اليه.

ولذلك ليس من المعيب ان نعترف معشر العرب والمسلمين بإن بريطانيا تتمتع بخصوصية فريدة وبيئة خصبة تؤمن بالتعايش والمساواة مع مختلف الاجناس وان السبب الرئيس في تماسك المجتمع البريطاني مبدا سيادة القانون الذي يتساوى فيه القوي والضعيف والغني والفقير والرئيس والمرؤوس،، حتى أصبحت بريطانيا مهبطا للهجرة ووجهة للعرب والمسلمين وغيرهم وبيتاً آمناً للإنسان الذي اصبح معرضاً للقمع والملاحقة والفقر والتهميش ، في حين ماتزال البيئة العربية والإسلامية أسيرة لثقافة الكراهية والمناطقية والعنصرية والطائفية والنظرة الدونية ومجرد النفخ فيها ، سرعان ماتردد هذا صومالي وذلك هندي و لبناني وسوري ، ومصري واردني وسني وشيعي وبروتستانتي وكاثوليكي ، وملحد ووثني ، وقبلي وبحري

في حين مازلنا في بلداننا نمارس القهر والقمع والكراهية والتجويع ونفرط في العدالة الاجتماعية والحقوق السياسية وعدم القبول بالأخر ونتشدق بالمبادئ العربية الاصيلة والقيم الإسلامية ونمارس الواناً من الكذب والتظليل والرعونة والتهديد بالكفيل وإسقاط الجنسية و سحب جواز السفر لمجرد "رأي" أوخلاف شخصي بين النخبة وصرنا نصنف المواطنين درجة أولى وثانية و"بدون" ومشبوهين في مطارات العالم وما ان يصل العربي العامل اويتم استقدامه الى المطارات والموانئ الخليجية حتى تبدأ نظرة الاحتقار والازدراء تلاحقه الى ان يصل الى سوق العمل ويصدم بالظلم في الاجر والراتب والسكن والاجازات وعدم التامين الصحي والإقامة والملاحقة والابتزاز اما اذا كانت خادمة فحدث ولاحرج .

وماحدث لاخواننا في محافظة عدن من عنصرية مقيته ومشاهد عدوانية وصور مأساوية خارج اطار الإنسانية تحت مرا ومسمع واشرف شلال شايع والزبيدي وزمرته ، هو رد فعل اجرامي على فشل عدوان التحالف بقيادة السعودية وامريكا والامارات وتهيئة جديدة للحرب الاهلية وانفصال اليمن بدليل ارسال قوات أمريكية بكامل اسلحتها ومحاولة نسف مفاوضات الكويت وتغطية لجرائم الإبادة وفضائح الأمم المتحدة وتورط أنظمة غربية ، حيث شاهدنا صوراً يندى لها الجبين وتقطر لها القلوب دماً وتقشعر لها الابدان وأقسى من ذلك البيانات الصادمة والتصريحات الهزيلة ذات الصبغة المناطقية مع سبق الإصرار والترصد لدولة " فنادق" الرياض ، بدءاً من الفار هادي ومروراً بجزار حضرموت بن دغر وانحراف المخلافي وغيبوبة الحزب الاشتراكي وغيره من الدمى التي لم تصدر حتى بيان ادانه واستنكار لظلم ذوي القربى في حين اسهلت واسهبت العديد من البيانات في تدمير نسيج الاجتماعي وتمزيق الوطن تحت قناع الدين والتقدمية الزائفة.
Shawish22@gmail.com


حول الموقع

سام برس