بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
أطلق وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تغريده له على تويتر ..الخميس 12 مايو 2016م قائلاً " سواء اختلفنا أو اتفقنا مع الحوثيين، فإنهم يظلون جزءا من النسيج الاجتماعي لليمن،" مضيفا في تغريدة منفصلة "بينما داعش والقاعدة تنظيمات إرهابية يجب عدم ترك المجال لهم للبقاء لا في اليمن ولا في أي مكان آخر في العالم" ‘ في حين ان العميد عسيري صرح منذ بداية العدوان بإن القاعدة ليست ضمن بنك الأهداف ، مما يوحي بتطور جديد وبداية قراءة واقعية للاحداث بعد أكثر من عام من الفشل والتورط في حرب اليمن .
تصريح الجبير بقدر ما أحدث صدمة في الشارع السعودي والخليجي الذي تم شحنه منذ بداية الحروب الستة بتوصيفات اقرب الى الكفر ، تجلت بين رافضي وايراني وفارسي ومليشيا تهدد امن السعودية ودول الخليج ، أحدث أيضاً أكثر من علامة تعجب واستفهام في الشارع اليمني لاسيما بعد الجرعة المكثفة في نفس الاتجاه على مدى أكثر من عام من العدوان.

ولذلك فإن التصريح يحمل أكثر من رؤية وعلى درجة كبيرة من الخطورة والمناورة السياسية التي تحمل أكثر من بُعد منها محاولة دغدغة انصار الله بطريقة براغماتية من شأنها ربما التمهيد للولوج في الحل السياسي والهروب من الغرق في المستنقع اليمني ، وتهدئة الجبهة الداخلية الملتهبة في الجنوب ومناطق الشيعة ، والتخوف من القاعدة وداعش ، ومن ناحية اخرى قد تكون التغريدة مجرد " طعم" وتسويق أحلام لتدمير حالة الصمود والثبات والانتصار العظيم وسنارة سياسية للتشكيك وعمل شرخ كبير بين انصار الله والمؤتمر ونقل صورة حساسة عن الحوثيين تجاه الشارع من باب اللعب على التناقضات والتخدير الزمني واثارة الزوابع ومعرفة ردود الافعال لدى الطيف السياسي اليمني وفي مقدمتها المؤتمر وحزب الاصلاح وحكومة الرياض .

وحقيقة الامر انه تلوح في الافق السياسي معالم اتفاق بين السعودية وحركة انصار الله الحوثيين توثقت أكثر بعد التفاهمات والاتفاقات الاخيره التي ابرمتها السعودية مع الحوثيين وماتلاها من مبادىء حسن النية في اطلاق الاسرى والمعتقلين من الجيش السعودي ووقف مهاجمة مناطق عسير ونجران وجيزان " كمقدمة لتوثيق تلك العلاقة.
واياً كانت المسوغات و الحسابات والوعود بالحسم العسكري والاسراف في تسويق الاحلام الزائفة لحكومة الرياض التي تستمد شرعيتها في عدد من غرف فنادق الرياض وابوظبي وتجار الحروب المحليين والإقليميين والدوليين الذين أصابوا صانع القرار السعودي بالشلل في التفكير والرعونة والحماقة وسوقوا له انتصارات وهمية على ركام من جماجم ودماء الأبرياء من اليمنيين قسط " التوريط "الممنهج واسقاط الهيبة والوقوع وسط دائرة من الأعداء والثارات ، حتى غدا عاجزاً عن معرفة فك طلاسم المستنقع اليمني ومصالحة من عدمها فإن الاجدى والانفع مراجعة النفس والاحتكام الى العقل والمنطق والبحث عن مخرج.

ولذلك فإن من الحكمة والاتزان السياسي بعد المسيرات المليونية في السبعين والروضة التي كشفت مدى التفاف الشعب اليمني حول قيادته على الأرض يفترض أنها ايقضت صانع القرار السعودي والدولي في مراجعة استراتيجيته الخاطئة وكبحت تهوره ودحضت زيف الحكومة الكرتونية التي تعاملت مع الكثير من المرتزقة والمليشيات من بينهم القاعدة وداعش والزج بهم في جنوب اليمن كقنابل موقوته بإمكانها تعريض السلم الدولي للخطر.

كل تلك الحقائق ربما جعلت السعودية تبادر الى الغزل وانتهاج المرونة والايمان بسياسة الامر الواقع للمضي نحو طريق السلام الذي يحفظ للجميع ماء الوجه ويؤسس لعلاقات ندية والتفرغ لعملية البناء واسكات الجبهة الداخلية والسيطرة على عجز الموازنة ووقف الابتزاز والانطلاق نحو تحقيق رؤية 20- 30 التنموية والاقتصادية الأكثر طموحاً لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي يتوقف قطاف ثمارها بعد إرساء عملية السلام وتجسيد الامن والاستقرار للانطلاق نحو الغد المشرق .

هذه القراءه السعودية أكثر منطقية اذا ما صدقت النوايا ونتاج ضؤ أخضر من اعلى هرم في القيادة السعودية نظراً للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية التي القت بظلالها وجعلت الجبير يوردها في تويتر ، وهي نتاج ضغط دولي ، لاسيما بعد ان انقلبت آلهة واشنطن وبدأ الغرب يتعامل مع ايران كقوة إقليمية ودولية ويتحدث عن الإرهاب والتطرف السعودي لابتزازه أكثر بعد ان أخذت نصيب الأسد من خزائن الرياض في صفقات أسلحة لتدمير اليمن واشعال المنطقة.

فهل يعي قادة الرياض وصنعاء " الخطر " وتحكيم العقل ووخز الضمير وتغيير الخطاب والجنوح للسلم والتسريع بإنجاح المفاوضات ، والرهان على الشعوب الأصيلة بدلاً من تجار الحروب وعبدة المال ونافخي الكير ، وسرعة ترميم القلوب وإصلاح مادمرته الحرب والخروج بإقل الخسائر بعيداً عن الغرور والطغيان ، وبدء صفحة جديدة شعارها السلام وإرساء الامن واذا ماحكمت الشقيقة العقل وكبحت نرجسيتها وعرفت بيت الداء لوفرت على نفسها الكثير وملكت قلوب الناس ، فهل من مجيب .. أملنا كبير ؟
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس