بقلم / عبدالكريم المدي
من يعرف الشيخ الشاب كهلان مجاهد أبوشوارب ، سيدركُ ما أعنيه هنا حينما أقول : إنه شخصية استثنائية في هذا الواقع المرير الذي يعجُّ بالغوغائية وتراخي القيم المجتمعية وتراجع دور القبيلة ، نتيجة للتراجع الحاد للدولة ودورها ورمزيتها .

حينما قابلتُ صديقي العزيز( كهلان ) هذا الشاب الذي ينحدر من واحدة من أعرق أُسر ومشيخيات قبيلة حاشد واليمن قاطبة،وجدته - و بغض النظر عن تواضعه الجمّ وأخلاقه العالية - يطلّ عليك من نافذة الصدق والأُلفة والإنسانية والهمّ الوطني المثقل به.

قال لي مؤخراً: (يجب أن يعمل الجميع من مختلف مواقعهم ، لمواجهة عواصف الكراهية وتساقط القيم ).

الإرث الذي يتمتع به هذا الرجل كبير ويتجلى بوضوح في سلوكه وأفكاره ونوعية القضايا الكثيرة التي تُطرحُ في مجلسه .

ونظرا لذلك، فإنك تجد أن معظم أوقاته تقريباً ليست له ، إنما لغيره ، فلكثير من الناس يلجأون إليه، وهو من طرفه يقدم ما يستطيع لخدمتهم وحل مشاكلهم..ومثلما تجده يتألم أمام الحالات الإنسانية والمظالم، فإنك تجده في المقابل يتفاعل معها ولا يهملها ،وهذا كله ليس من باب البحث عن الشهرة كما يفعل البعض ، إنما كإلتزام وموقف أخلاقي لعلّه يُعبّر به عن مبدأ ثابت وواجب عليه الوفاء به تجاه الناس وما يتعلّق بكرامتهم وحراياتهم وحقوقهم .

لستُ مبالغاً إذاما قلتُ عن صديقي كهلان، الشيخ المتعصب للأرض والإنسان: إنه يحمل في داخله طاقة لا حدود لها من الحيوية، وكمّاً هائلاً من الإيمان بالآخر والتماهي مع الوطن وقضاياه ، بدون أي تعالي يصدر عنه ، أو استعراض لجهوده وأدواره ،سواءعلى مستوى الأشخاص أو الوطن.

أعتقدُ إنه - وبعيدا عن نشاطه العام ولمساته المختلفة - يُعتبرُ حاليا أهم شخصية قبلية على مستوى البلاد ، شخصية تتسم بالوسطية والحكمة والتواضع والواقعية في طرح القضايا والتعامل معها ، حتى إن كثيرا من الوجاهات ورجالات القبائل، ومعهم - أيضا - العديد من النخب ،سيما من عرفه ويعرفه عن قُرب، ينظرون له كمرجع قبلي وحيد ، أستطاع أن يسدّ فراغاً هائلا في هذا الهرم والقائم
الاجتماعي الذي تعرّض لهزّات كثيرة منذُ سنوات .

ومما ملأني إعجاباً به وتقديراً له ،هو أنه حينما يجدك مندهشاً أمام بعض الخطوات التي يقوم بها والأكثر من إيجابية وتاريخية ولا يُعلن عنها ، أو حتى يرغب في حديث غيره عنها، يُسارع إلى القول : ( من لا يعرفون إصول وأخلاق الخلاف ، لا يُمكن أن يعرفوا إصول وأخلاق الاتفاق).

المهم إذا قلتَ عن هذا الرجل إنه نظيف عقله وقلبه ونفسه ولسانه ، فإنك على حق ، وإذا قلت إنه نظامي ورصين ومقدام وناصر للمظلوم فأنت على حق ، وإذا قلت إنه أكثر شخصية قيادية سياسية وقبيلة مظلومة إعلامياً ، فأنت على حق ، وإن كان هذا الأمر يعود إليه بالدرجة الأولى ، بسبب ابتعاده عن ضوضاء الإعلام رغم مقدرته على ذلك، لكنه، يبدو لا يطرب لهذا الضجيج ولا يُمثل له غاية في حدّ ذاته.

ومن المناقب والأشياء التي تستحق أن نستشهد بها هنا ، هي أنه حينما سُئِل من قِبل البعض خارج اليمن، بداية عاصفة السعودية على بلادنا: لماذا تُريد العودة السريعة لليمن في ظل الحرب الداخلية وقصف الطيران الخارجي لصنعاء وغيرها ،ألا تخشى على حياتك ؟ قال لهم : لستُ أهم وأغلى من (25) مليون يمنياً يعيشون تحت القصف والحصار.

وسألوه - أيضا - : لماذا - إذن - تقف ضدّ التحالف السعودي ولم يُقصف بيتك وأنصار الله هم وهم وهم .. الخ؟ رد بالقول :

بيتي قُصف أول ساعة من بدء العدوان الخارجي ، اليمن وكل بيت فيها هو بيت كهلان أبو شوارب ،وأنا ضد العدوان وسأظل ، وأي خلاف يمني / يمني هو شأن داخلي، ويجب أن يُحلّ في إطار البيت اليمني على أيدي اليمنيين أنفسهم .

النضوج السياسي الذي يتمتع به، ناهيك عن كونه لا يتعصّب للقبيلة بقدرما يتعصّب للدولة ،انطلاقا من قناعته التي عادة ما يُصرّح بها ( ضُعف الدولة يؤدّي إلى ضعف القبيلة)، يجعلنا نثق بأنه سيملأ فراغ والده المرحوم ، وغيره من نخب ورموز القبيلة بمفهوم أكثر شمولا ووعيا وعصرية، بمساندة أشقائه وقبيلته ، والكثير من الشرائح المجتمعية ،السياسية والثقافية ، ومن يقترب منه أكثر ومن أسلوب تفكيره ، سيوافق هذا الرأي والشعور السائد.

شخص تلمس بأنه يعيش حقّاً حياة العمل المثمر ،يحمل تراكماً نضالياً وقبلياً مشرقاً كالشيخ كهلان ،يستحق الثقة والثناء على مختلف جهوده في شتّى الجوانب،ومنها ذات الطابع الإنساني والوطني.


للإنصاف ، جميع أبناء الشيخ الراحل مجاهد أبوشوارب يتمتعون بسمعة طيبة واحترام على أوسع نطاق، وكي أكون أمينا ، فأنا في الواقع لا أعرفهم كلهم عن قُرب كما هو الحال مع الصديق كهلان ، لكنني عرفت العزيز الشيخ / يحيى أبوشوارب ، فوجدته رجل أخلاق وتواضع وشهامة، وهذه الصفات في الحقيقة هي صفات ومخرجات مدرسة المرحوم الشيخ المناضل/ مجاهد أبو شوارب.

نقطة الختام لدي إرساءتان :

الأولى :

لا أنسى أن أبعث رسلة حب وتقدير للرائع ، البهي ، الشيخ القدير صالح أبو عوجاء الذي نسعد به وبتواجده المميز دوما معنا ومع صديق عمره كهلان .

الثانية :

لا أذيع سرّاً حينما أعبّر عن عرفاني للصديق العزيز المستشار أحمد الأسدي ،الذي من يوم عرفته وجدته حريصاً على علاقاته بالشيخ كهلان وأشقائه ، مذكرا بأدوار المرحوم الشيخ مجاهدأبوشوارب ومن بعده أولاده ، حتى أنه سبق وأن ساهم مخلصا في تهيئة الظروف للعشرات من الزملاء والأصدقاء من أجل التعرف برجال وقيادات تُشرّف المرء ُ كالشيخ كهلان ،الذي اعتذر له في الأخير بسبب كتابتيُ عنه دون إشعاره، وكشفي - أيضا - لجوانب من اشراقاته وأدواره، كإنسان بالمقام الأول .

حول الموقع

سام برس