سام برس
بعد انخفاض أسعار النفط الذي أثر على كافة مناحي الحياة في السعودية وادى الى عجز موازننتها لثلاث سنوات على التوالي ، طرق النظام جرس الانذار وأيقن أن اعتمادها على تصدير النفط وحده غير كافٍ لادارة الدولة والانفاق على المواطنين وبناء المشاريع وعقد صفقات الاسلحة والتورط في حروب عبثية وحالات الابتزاز الدولي .

كل هذا النظام السعودي إلى تبني عملية التغيير واستراتيجية 2030 الذ اطلقها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتنويع مصادر الدخل ومحاولةالخروج من المأزق .

إلا أن أي تقدم يعتمد في الأساس على تطوير العنصر البشري، وعند النظر إلى برنامج التحول الوطني، نجد أن محاولات تنويع مصادر الدخل السعودية على الأرجح لن تحقق الكثير، لأنها لا تركز على التطوير من " الإنسان "، وهو العنصر الأهم ، بحسب مانقله " رأي اليوم".

يقول الكاتب إن الدول تحقق معدلات نمو أعلى عندما يكون لديها تنوع في مصادر الدخل، إلا أن دولًا قليلة هي التي تمكنت من تحقيق ذلك. أوضح تقرير للبنك الدولي أن إندونيسيا والإمارات العربية المتحدة هما الدولتان الوحيدتان اللتان تمكنتا من تنويع مصادر الدخل من بين الدول التي يشكل تصدير البترول الخام نسبة 50% من صادراتها.

كما نجحت كل من ماليزيا والمكسيك في ذلك المسعى، يشير الكاتب. لكن المكسيك تفوقت على غيرها بالتركيز على تطوير الصناعات التي تعتمد على العمالة الكثيفة، مستفيدة من ميزة رخص اليد العاملة ومنطقة التجارة الحرة مع أمريكا.

يقول الكاتب إن نيجيريا تسعى إلى زيادة إنتاجها من النفط إلى 30 مليار دولار بحلول العام 2025 سنويًا. ولكنها تعتزم التركيز على تطوير الصناعات التي تعتمد على العمالة الكثيفة في مجال الزراعة، وهو ما لن يفلح مع دولتين مثل روسيا والسعودية، لأن شعبيهما غير مهتم بمثل تلك الوظائف.

بدراسة المثال السعودي يمكننا أن نرى أن تعداد الخريجين الجامعيين يزيد عن نظيره في المكسيك وإندونيسيا. وتعزى نهضة البلاد الحالية إلى حوالي 10 ملايين عامل أجنبي هم من تولوا العمل الحقيقي. بينما يفضل السعوديون وظائف القطاع الحكومي. كما أن الشركات في السعودية تتجنب تعيين السعوديين لارتفاع تكاليف استئجارهم أربعة أضعاف عن استئجار الأجانب. وليس للمرأة دور يذكر في عملية التنمية في السعودية، إذ أن النساء يشكلن حوالي 23% من قوة العمل، ولا يسمح لهن بقيادة السيارات، وتحظر التقاليد إسناد أدوار هامة لهن.

يشير التقرير إلى أن السعودية دشنت «رؤية 2030»، وهو برنامج إصلاحي شامل يقر بوجود كل تلك المشكلات. لكن البرنامج لا يحدد أهدافًا محددة يجب تحقيقها.

بسبب أزمة السيولة الناتجة عن انهيار أسعار النفط، ستضطر السعودية إلى خفض الرواتب الحكومية بنسبة 20%، ما سيدفع السعوديين تجاه العمل في القطاع الخاص، وبالأخص نحو قطاع السياحة الذي تعتزم المملكة توسيعه، بينما سيتجه بعضهم إلى صناعة التكنولوجيا، التي يعتبر من المنطقي بالنسبة لدولة غنية كالسعودية أن تتوسع فيها. حيث تعتزم السعودية إضافة 20 ألف وظيفة فقط إلى هذا القطاع بحلول 2020.

ويشير التقرير إلى أن إدماج المرأة بشكل أكبر في خطط التنمية في السعودية ليس مطروحًا في السنوات القليلة المقبلة. تعتزم المملكة زيادة حصة المرأة من القوة العاملة إلى 42%، لكن ذلك سيقابل بعوائق مثل منع المرأة من القيادة.

للتعليم دور هام في تحسين أحوال البلدان، وتدرك السعودية أنه لا بد من تحسين نوعية التعليم من أجل ضمان تحقيق تنوع ذكي في مصادر الدخل، فأدخلت تحسينات على مواد العلوم والرياضيات. لكن هذه العملية تتسم بالبطء، ولن تدخل النتائج المحققة السعودية ضمن مصاف الدول المتقدمة في مجال التعليم.

إلا أن المستثمرين في حالة ترقب شديدة لخطة التحول السعودية، حيث سيجري خصخصة الكثير من المؤسسات العامة لزيادة حجم الدين العام إلى 30%. كما تعتزم الحكومة تمويل مشروعات طموحة مثل مشروع الحكومة الإلكترونية ومشروع مواصلات النساء. وترغب الحكومة في جذب المزيد من الاستثمارات لزيادة العائدات غير النفطية بمقدار ثلاثة أضعاف. لكن عدم التركيز على تطوير العنصر البشري سيعرقل تلك الخطط.

لا سبيل لدول الشرق الأوسط إلا بالاستثمار في التعليم لتحسين مستوى القوة العاملة إذا ما أرادت التخلص من الاعتماد على النفط. لكن الأنظمة الاستبدادية تخشى من تعليم الناس وتثقيفهم لأن ذلك سيشكل خطرًا على سلطتها.

يقول جاكوب فانك كيركيجارد من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي «إن رؤية 2030 لن تنجح دون منح السعوديين حق الانتخاب المباشر والتخلص من السلطة الدينية الوهابية». وطالما عمل القائمون على الإصلاحات بحذر، فقد لا تثمر الخطة السعودية النتائجَ المرجوة.

حول الموقع

سام برس