بقلم / حمدي دوبلة
لم المس في حياتي حميمية وارتباطا وجدانيا بين الناس والبرلمان كالذي لمسته وقراته في عيون ونفوس اعداد كبيرة من العامة قبل واثناء وبعد انعقاد جلسة مجلس النواب ليوم السبت الماضي.

كان الشغف حاضرا والابتسامات المستبشرة مرتسمة في وجوه الآلاف من الناس الذين لم يطيقوا صبرا لانتظار ماستفسر عنه الجلسة المرتقبة لبرلمان طال غيابه فاندفعوا تلقائيا الى الشوارع والاحياء المحيطة بمبنى البرلمان غير آبهين بالتهديدات التي اطلقها العسيري وردد صداها المخلافي الذي تم تعيينه في الرياض وزير خارجية في حكومة لايتعدى مداها ومقدرتها مساحة الفندق الذي تقيم فيه هناك ومع ذلك اعطى لنفسه الحق في محاولة النيل من شرعية المجلس المنتخب من قبل الشعب اليمني.

في تلك الاجواء المهيبة التي سبقت التئام البرلمان للمرة الاولى منذ فترة ليست بالقصيرة كانت ذاكرتي وانا اتابع الحشود العفوية في محيط مبنى مجلس النواب تعود بي الى الايام الخوالي من الزمن الجميل وتحديدا الى فعاليات الاستحقاق الوطني المتمثل في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العام 2003م والتي اسفرت عن هذا المجلس الموقر.

يومها كنت احداعضاءالحملة الانتخابية لشقيقي الشهيد الرائد/عبده مشولي دوبلة الذي خاض تلك الانتخابات مستقلا وواجه بامكانيات محدودة جدا وبجهود ذاتية مرشح المؤتمر الشعبي العام في الدائرة 180بمديرية الخوخة والتي شهدت تنافسا محموما وغير مسبوق في تاريخ المنطقة وكاد "الحزب الحاكم"يومها ان يخسر هذه الدائرة لكنه حسمها لصالح مرشحه في اللحظات الاخيرة وبفارق ضئيل من الاصوات .

حينها لم اقبل تلك النتيجة ولطالمااعتبرتها كما هو شان الكثيرين من ابناء الدائرة غير نزيهة وعادلة لذلك لم اكن اشعر باي ارتباط وجداني مع هذا المجلس وظل الجفاء العاطفي بيني وبينه حتى الى ماقبل انعقاد جلسة السبت واذا بي وبعد مرور كل هذه السنوات وكغيري من اليمنيين اهفو عشقا وشغفا ببيت الشعب ومنبع شرعيته ومرجعية المؤسسات التي تنظم حياته وتدير شئونه.

كان مشهدا مهيبا لنواب الشعب وهم يتوافدون رجالاً وركبانا الى قبة البرلمان ومنهم من جاء محمولا على الاكتاف وعلى الكراسي المتحركة من البرلمانيين المرضى وكبار السن الا ان الجميع ترك بصمته في رسم تفاصيل وملامح هذه اللوحة الوطنية العظيمة في هذا الظرف العصيب الذي تكالبت فيه قوى الشر والطغيان في هذه الدنيا للنيل من اليمن وشعبه الكريم.

لقد احيا البرلمان الامل في نفوس الناس المتعطشة لاستعادة دولتهم ومؤسساتهم الدستورية وحياتهم الطبيعية وماعلي هذا الصرح الوطني الا ان يعمل جنبا الى جنب مع المجلس السياسي الاعلى الذي منحه الثقة واستمع الى اليمين الدستورية من قبل رئيسه واعضائه لترجمة امال وتطلعات الناس في هذا البلد دون الالتفات الى مايتشدق به الموتورون والحاقدون خارج حدود هذا الوطن وفقا للامكانيات المتاحة وحسب طبيعة المرحلة وتحدياتها الكبرى دون شطط ومبالغات وكما قال رئيس البرلمان يحيى الراعي وهو يخاطب الصماد وزملائه لانريد منكم ان تصنعوا سقفا لصنعاء وانما نتطلع الى امن ملموس واقتصاد معافى واهتمام بالجرحى واسر الشهداء الذين قدموا ارواحهم فداء لهذا الوطن وكرامة ابنائه.
*يوميات الثورة
* نقلاً من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس