بقلم / أكرم العجي
في جلسة مقيل اليوم، وكما هي عادة اليمنيين في جلسة كل يوم، حيث عادة ما تكون الأوضاع المزرية التي يعيشها الوطن محور حديثهم واهتمامهم اليومي.... الحوار والنقاش ظاهرة أكاد اقول بإنها ظاهرة صحية رغم أنها لا تخلوا من بعض الآراء الجامدة و العتيقة البالية...التي استهلكها الزمن وعفى عنها الدهر، الآراء التي روجت لها بعض الألسن وصدقتها الكثير من العقول...العقول المعتله الضيقة...العقول ذات الإتجاه الواحد، مع احترامي لكل ذي عقل من تلك العقول.

الآراء التي تحملها تلك العقول تقول إن شر ما حل بالوطن من ويلات ومصائب وخراب ودمار هو بسبب فلان....أو علان من الداخل أو بسبب الدولة الفلانية من الخارج.

الكثير من العقول التي عرفناها تلقي باللائمة على طرف -شخص أو فئة أو حزب- من الداخل وتحمله تبعات ماحدث في الوطن من نزيف للدماء وإزهاق للأرواح وتدمير للبنية التحتية، ونهب لخيرات ومقدرات الوطن دون غيره من الأطراف.....وهناك من يلقي بألوم على طرف خارجي دون غيره من الأطراف الداخلية.

كل شخص يحمل رؤيته وفقا لمنظوره الشخصي وتوجهه السياسي أو المذهبي، وهذا شيء طبيعي لعقول حبيسة لأفكار معينه أو لأشخاص محددة، لكن أن تصدر مثل هذه رؤى من قبل أفراد يفترض أنهم بناءة الوطن وعماد نهضته وحماته، وعليهم تعتمد الشعوب في الرقي والتقدم ...فهنا تكمن الكارثة والمأساة عندما يكون خيرة رجال البلد مجرد أدوات أو ابواق تتجاذبها النخب المهيمنة على البلد وتستغلها في تحقيق اطماعها...! قد تكن بعض تلك الرؤى صحيحة في مجملها، لكنها قاصرة لانحيازها الظاهر والتام إلى طرف دون آخر. فكل إنسان ينظر وفقا للإطار الفكري المطبق على عقله..اي انه عندما يضع رأي أو تصور لموضوع يضعه وفقا للإطار المحيط بعقله.

كل الآراء المطروحة...محل أحترام وتقدير، ولكلا وجهة نظره التي لا تخلوا في مجملها من القصور أو التحيز ، ﻹن الكمال لله، أما نحن البشر فنحن مجبولون على القصور في كل الأمور.

سبب الأوضاع المأسوية التي يتخبط فيها مجتمعنا اليمني، لايمكن إرجاعها إلى طرف وحيد من الأطراف المتنازع في أمرها ...هناك الكثير اليوم من يلقون بألوم على الخارج ، فهو السبب والمسبب الأوحد لاوضاعنا التعيسة وظروفنا الصعبة.....!! ونحن هنا لا ننكر دور الخارج في بعض من تلك المأسي ولا نقلل من شأنه سواء كان تدخلا سافرا ومباشرا - كالعدوان السعودي- أو تدخل غير مباشر لبقية الأطراف الدولية و الإقليمية ....فالكل وجد الأرض الخصبة والملائمة لتنفيذ أجندته و لتحقيق مشاريعه وأهدافه.

وهذه هي قدرت الكثير من العقول اليمنية، فهي عاجزة عن صنع أي شئ ينتفع به مجتمعاتنا، وكل ما تستطيع فعله هو إلصاق عجزنا وفشلنا الذريع في النهوض والإرتقاء بمجتمعنا بالخارج....!! الخارج هو العدو الأول والأخير للمجتمع اليمني وفقا لرؤية تلك العقول، وهذه هي قدرات تلك العقول..!

اليس من الحكمة اليوم أن نراجع أنفسنا قليلا قبل أن نصدر أحكاما مطلقة على المتهم الأوحد- الخارج مع اعترافنا بدوره الغير محدود- اليس من الحكمة التي نتغنى ونفتخر بها ليلا ونهارا الرجوع إلى جادة صوابنا، والبحث عن أسرار وأسباب ما أصابنا لنرتقي بإراؤنا ونضع النقاط على الحروف..!!

إلقاء ألوم على طرف معين سواء كان داخلي أو خارجي اجحاف وتضليل وتزييف للواقع والحقائق...إذا كان هناك من عدوا لنا يمكن إلقاء ألوم عليه هي نخب النهب والفساد تجار الحروب وأمراء السلطة...فالعدوان الخارجي لم يكشر عن انيابه إلا عندما وجد الفريسة لقمة صائغة..!!

سبب مأسينا السياسية والاقتصادية والاجتماعية...الخ ناتجة عن أمراض داخلية، أمراض استوطنت عشرات السنين في بلدنا حتى أصيب الجميع بعدوى تلك الأمراض المزمنة، والتي من الصعب اليوم الخلاص منها، كونها كامنه في أعماق صدور ونفوس الكثير منا.
لقد عمدت نخب النهب والفساد سنوات طوال لخدمة مصالحها وطبيعي أن تؤول الأمور إلى ما آلات اليه، ومع شروع النزاع على السلطة بالوسائل المناسبة، وفي ظل الدور الهامشي للسلطة في الضبط وتحقيق العداله ظهر المتشدقون بإسم الوطن، واتسعت مساحات النهب والارتزاق على حساب مصلحة الوطن.

ودائما ما يستوقفني رأي قائل... يقول أن سبب ما حل بوطنا هي سياسة المؤتمر الفاسدة والمتمثلة بسياسة الزعيم لا بل الزعيم هو المنقذ للوطن ، وثاني يقول لا بل السبب هي الحركة الانقلابية أنصار الله ذات العقيدة الجهادية الزائفة...!! وثالث يقول لا بل هاااادي هو رأس الأفعى هو من جلب عدو اليمن الوحيد.....! لا بل الإصلاح بسياسية الاقصائية وعقيدته الدمويه، وفلسفة الدينية الزائفة هو وراء كل ذلك.

لقد ارهقنا الجدل العقيم والتعصب المقيت وعصفت بنا الحروب وحلت بوطنا الويلات...ولم نعي من هو عدو الوطن الأول..! الأطماع المستفحلة على قلوب تلك النخب هي عدو الشعب والوطن، والعوام أدوات ذلك المرض الخبيث.التعصب والغلو مرض اجتماعي أعمى الأبصار والقلوب التي في الصدور، وبتعصب العوام اتسعت رقعة الأمراض المجتمعية، والتي بدرها مزقت النسيج الأجتماعي وعمقت الإنقسام المجتمعي.

لقد ارتقت المجتمعات في نزاعها على السلطة من خلال انتهاج ا الوسائل العصرية ( الانتخابات)، ونخبنا الموقرة لم ترتقي عقولها حتى تؤمن بمثل تلك الوسائل، وإن آمنت بها فقد افسدتها بهدف تحقيق مصالحها...ومن وراءها العقول المسبحة بحمدها...كل القوى المتنازعة على السلطة مساهمة في الخراب والدمار الحاصل بوطنا، ومن الإجحاف والتضليل تحميل طرف دون غيره فالجميع يسعى وراء غاياته واطماعه، ونحن من يساندهم في ذلك من خلال تعصبنا العقيم .

الأمراض المسيطرة على تلك القلوب من الصعب استئصالها ولا ندعوا إلى استئصالها، فنحن نؤمن من أن للخطأ الحق في الحياة وسوف يموت موتا طبيعا مع مرور الأيام ....لكن من واجبنا كابناء لهذا الوطن أن لا نكون أبواق بأبيدي طرف أو سيوف بأبيدي آخر، علينا أن نقل للمخطئ انت مخطئ وأن نسمي الأشياء بمسمياتها بغض النظر عن توجهاتنا وانتماءاتنا الضيقة.

الجميع يدور في جدل عقيم كالجدل البيز

حول الموقع

سام برس