بقلم / عبدالجبار دريب الشريف
إلى القوى السياسية اليمنية في فريق الرياض ايامكم القادمة صعبة جدا.. وتعلموا من دروس المعارضة السورية

قادم الأيام قد لا يحمل لفريق الرياض شروط تسوية أفضل مما هو قائم اليوم.
وربما يفقدون مستقبلا بعض الأدوار المسنودة إليهم خاصة وقد بدا أنهم لم يستوعبوا طبيعة هذا الدور وأظهروا تمردا على مقتضياته.

لتأتي تحركات (كيري) وتصريحات سفيري أمريكا وبريطانيا الأخيرة لتضع قواعد جديدة وتهز الكثير من الأوهام التي ظنها البعض مسلمات.ولتذكير هذا هذا الفريق ببعض الأمور التي لا ينبغي نسيانها أو تناسيها.
لازال العالم يتعامل مع هادي وحكومته بدبلوماسية ويحظون ببعض الإهتمام،ويعطون حق إبداء الرأي..

لكن السؤال الذي ينبغي أن يقلقوا بشأنه هو:
هل هذا الإمتياز سيستمر على طول الخط؟

للرباعية (أمريكا، بريطانيا،السعودية،الإمارات) أهدافها في هذا الجانب وعلى رأسها وصم محاولات التدخل في الشأن اليمني من قبل القوى الإقليمية والدولية المناوئة بإنتهاك القانون الدولي لتجاوزها الحكومة الشرعية، بخلاف تدخل التحالف المستند لطلب الحكومة ورغبتها.

وللسعودية معطاها الأساس القائم على التنصل من تبعات الحرب وتحميلها لهادي وحكومته بإعتبار تدخلها جاء بطلب منهم ولا تريد أن تتناقض فيما لو أعلنت وقفا للحرب دون موافقتهم ولو في الشكل.

لكن هذه الدوافع والمعطيات التي يستند إليها بقاء (هادي) وحكومته في الصورة تتآكل ولن تصمد طويلا،لأسباب تتعلق بعجز هذه الحكومة وأدائها السيئ وإفتقادها للدعم الشعبي في مناطق تواجدها وخاصة في المحافظات الجنوبية التي تتجاذبها مشاريع كثيرة.

وبطول فترة الحرب وكلفتها وتعقيدات الوضع الميداني الذي يراوح مكانه منذ ما يقارب العام،والكارثة الإنسانية التي خلفها ٦٠٠ يوم من المعارك.

إضافة لتأرجح موازين القوى الدولية والإقليمية وصعود التيارات القومية الإنعزالية في أهم دول الغرب.
رغبة السعودية في إنهاء شقها من الحرب لا تخفى على أحد،وبحثها عن صيغة جديدة من الصراع لا تكون طرفا مباشرا فيه واضحة للعيان.

وتملك أدواتها لإجبار هادي وحكومته على قبول ما تريد،وبشكل فج لا يستطيعون معه تكرار تصريحاتهم الرافضة لتسويات الكبار(الرباعية).

لذا على القوى السياسية اليمنية في فريق الرياض أن تعيد حساباتها وتبلور رؤيتها لمرحلة ما بعد (هادي)،وألا ترهن مصير البلد ومستقبلها كقوى سياسية بشخص (هادي) و(بن دغر) اللذين أصبحا خارج حسابات القوى الدولية والإقليمية المؤثرة.

ما ينبغي أن يكون في صدارة أولويات القوى السياسية اليمنية هو وقف الحرب وإنهاء مظاهر الإنقلاب والإنقسامات والعودة للعملية السياسية وفقا للمرجعيات الوطنية وإستعادة وإصلاح مؤسسات الدولة على قاعدة الشراكة السياسية والتوافق الوطني.

ودون التخلي الكامل عن رمزية مؤسسات الدولة القائمة حتى الوصول لتسوية مرضية،على القوى السياسية أخذ زمام المبادرة والتعاطي مع الجهود الأممية لإحلال السلام دون الإكتفاء بالفريق الحكومي المفاوض الذي ثبت عدم أهليته.
بإمكان هذه القوى تشكيل فريق خاص بها كقوى سياسية يلتقي بالأطراف الدولية والأقليمية ومبعوث الأمم المتحدة لليمن لمناقشة خطط السلام وتصويبها وإقتراح التعديلات التي لا تعنى بالمصالح الشخصية والدوافع الثأرية وبقاء هذا الشخص أو ذهابه بقدر حرصها على المصلحة العليا للبلد وإنهاء معاناة الشعب والحيلولة دون تشظي الوطن وتفتت النسيج الإجتماعي والدخول في حرب أهلية مناطقية مذهبية غير متناهية.

إنطلاقا من المسئولية الوطنية والتاريخية التي تتحملها هذه القوى تجاه شعبها ووطنها.

لأنه وفي حال إستمرت هذه الحرب ومع ما بدأ من تلاشي للبعد الوطني والمشروع والرؤية الواضحة لصالح المشاريع المناطقية والمذهبية،ستفقد القوى السياسية ما تبقى لها من وجود وتأثير وسيحل أمراء الحرب وقادة الجماعات المسلحة محل قادة الأحزاب في صدارة المشهد والتحكم بمجرى الأحداث وتسيير شئوون البلد.
قد لا تتمكن قوات الحوثي وصالح من حسم المعركة وإستعادة المناطق الشاسعة التي فقدوها،وخسارتهم أراضي أخرى أمر وارد.
لكن من سيقابل تحالف الحوثي وصااح في الخندق المقابل من المواجهات مستقبلا،ليس أنتم كقوى سياسية،بل جماعات مسلحة لا تعترف بكم وترتبط بشكل مباشر بالممولين من القوى الإقليمية والدولية.

في بداية الأحداث في سورية يتذكر الجميع كيف كان زعماء ١٠٠ دولة (أصدقاء سوريا) يفسحون لقادة الإئتلاف الوطني وحكومتهم المؤقتة مكانا في صدارة قاعات الإجتماعات، وكيف كان يفرش لمرورهم البساط الأحمر في كبرى العواصم العالمية التي يجوبونها بإعتبارهم الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري.

لكنهم لم يكونوا بمستوى المسئولية وصدقوا تعهدات الممولين ولم ينتهزوا فرص الحل حينما كانوا في موقع القدرة على إتخاذ قرار التسوية وفرضه في مناطق سيطرتهم،قبل أن تحل التنظيمات المتطرفة والجماعات المنفلته محل جيشهم الحر الذي لم يعد يسمع به أحد.

شخصنة الصراع والسقوف المرفوعة والنزعة الثأرية وضبابية الرؤية وغياب المشروع الوطني الجامع واللهث خلف مغانم الحرب والتكسب بالمساعدات والسلاح والركون للممولين وتعهدتاهم.

كل ذلك أخرج قادة الإئتلاف الوطني وحكومتهم المؤقتة من معادلة الحرب والسلم والتسويات في سوريا وأصبحوا آخر من يعلم بما يحدث في سوريا وتسويات الكبار فيها.

وكل ما يعرفه العالم عنهم اليوم هو أنهم كانوا الممثل الشرعي والوحيد لسوريا قبل أن يصبحوا ضيف ثقيل في فنادق إسطنبول.
فهل تتعظ القوى السياسية اليمنية بالدرس السوري!!
نأمل ذلك.

عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني
*نقلاً عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس