سام برس
تفجير الكنيسة المرقسية في القاهرة جزء من مخطط تهجير المسيحيين في المنطقة.. واغراق مصر في فوضى دموية على غرار سورية وليبيا واليمن.. المصالحة الوطنية بعيدا عن سياسات الاقصاء والتهميش هي اقصر الطرق لمكافحة الإرهاب

رأي اليوم:

لا نجادل مطلقا بوجود مخطط لترحيل الاشقاء المسيحيين من منطقة الشرق الأوسط، والدفع بهم للهجرة، تقف خلفه جهات متشددة إسلامية وغربية، وربما اسرائيلية أيضا، وتفجير الكنيسة المرقسية امس مقر بابا الاقباط الأرثوذكسي في قلب القاهرة هو احدث حلقات هذا المخطط، الى جانب مخططات أخرى بزعزعة استقرار مصر، وليس نظامها فقط، وتمزيق أواصر وحدتها الوطنية، والتعايش على ارضها بين الديانتين المسيحية والإسلامية الذي يعود الى اكثر من 1500 عام.

مخطط ترهيب الاشقاء المسيحيين بدأ في العراق، وقبلها في لبنان، وامتد الى فلسطين وسورية، وها هو يتجلى في ابشع صوره في مصر، وتتزامن في يوم الاحتفال بذكرى المولد النبوي، وكأن من يقف خلف تفجير الكنيسة المرقسية، اختار هذا التوقيت بعناية لربطه بالديانة الإسلامية السمحاء.

استهداف المواطنين ودور العبادة فعل اجرامي إرهابي بكل معنى الكلمة، وترفضه الأديان السماوية كافة، وتأكيد إضافي بأن الارهاب لا دين له، ويجب مقاومته من قبل كل من يؤمن بالخالق جل وعلا، وبكل الطرق والوسائل.

لا نريد ان نغرق في اطلاق الاحكام المسبقة والمتسرعة، ونشير بأصابع الاتهام الى هذه الجهة او تلك بالوقوف خلف هذه الجريمة الإرهابية، ولكن لا نتردد في القول بان ادخال قنبلة وزنها 12 كيلوغراما من الديناميت الى قلب الكنيسة التي تحظى بحماية امنية استثنائية، خاصة مع اقتراب أعياد الميلاد المجيدة، لا يمكن ان يتم الا في حالتين: الإهمال المطلق من قبل الحراس، او تواطؤ جهة امنية عليا، لها امتداداتها داخل فريق الحراسة، وسهلت دخول هذه المتفجرات.

نقول ذلك ونحن الذين تابعنا تفجيرا مماثلا لكنيسة القديسين في الإسكندرية ليلة 31 كانون الاول (ديسمبر) عام 2010 التي راح ضحيتها اكثر من 21 مسيحيا كانوا يحتفلون ليلة رأس السنة الميلادية، وتبين لاحقا ان جهات امنية مصرية تابعة لوزارة الداخلية التي كان يرأسها اللواء الحبيب العادلي هي التي نفذتها، لاستغلالها كذريعة لضرب حركة “الاخوان المسلمين” وجماعات “اسلام سياسي” أخرى.

عودة الإرهاب الى قلب القاهرة والمدن المصرية الأخرى هو آخر ما تتمناه الحكومة المصرية التي تواجه ازمات اقتصادية طاحنة، لان الاستقرار الأمني هو الحجر الأساسي لاي حلول لهذه الازمات وبما يؤدي الى عودة الاستثمارات والسياح.

واذا كان الذين يقفون خلف هذه الاعمال الاجرامية يريدون الحاق الأذى بالنظام، والتعجيل بإنهيارة، فانهم يرتكبون خطأ كبيرا، لان الضحية الأكبر هي مصر، ووحدتها الوطنية، وشعبها الطيب الذي يعيش معاناة معيشية غير مسبوقة بسبب الغلاء الفاحش، والبطالة والفقر المدقع.

مصر تحتاج الى حوار سياسي معمق لا يقصي او يهمش أحدا، بين مختلف الوان طيفها السياسي والديني، يقود الى مصالحة وطنية، والافراج عن المعتقلين، لان البديل مرعب جدا، فأما الفوضى الدموية، مثلما يحدث حاليا في ليبيا وسورية، واليمن، واما ديكتاتورية عسكرية تحكم البلاد بقبضة حديدية واحكام عرفية، تمارس المزيد من القمع والبطش والتغول اكثر في مصادرة الحريات، وحقوق الانسان، وهذه كليها تشكل عناصر الكارثة التي لا يتمناها الا حاقد وفاشي لمصر وشعبها الطيب.

حول الموقع

سام برس