بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
يأتي الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف والامة العربية و الاسلامية في أمس الحاجة الى مراجعة النفس ، ووخز الضمير ، والتحرر من الهوى واحياء السنة النبوية المطهرة من خلال التأسي بالسيرة العطرة والاخلاق الفاضلة والقيم العظيمة لخاتم الانبياء والمرسلين .

تطل علينا هذه الذكرى العطرة وقلوب المسلمين يعصرها الاسى والالم، ويلفها السواد والحزن من جور ذوي القربى التي امتلأت قلوب السواد الاعظم منهم بالحقد والكراهية ، وتشبعت بالحسد والقسوة ، والتآمر والخيانة ، والدماء والدمار، ورغم المفاخرة بروابط الدين والنسب واللغة والجغرافيا والتاريخ المشترك ، إلا ان واقع الحال والمشهد المروع يؤكد بما لايدع مجالاً للشك ، أن الامة تعيش حالة من الاضطراب والحيرة والسقوط الاخلاقي والانساني بعد ان قفزت الامة المحمدية على منظومة تعاليم القرآن الكريم والسيرة العطرة لخاتم الانبياء والمرسلين الذي انتشل الامة من لظلمات الى النور ، في حين بقيت قلوب الكثير من الحكام والمحكومين خارج اطار الحكمة بتجاوز تلك السيرة العطرة والمثل الرفيعة والاخلاق النبيلة التي تجسد مشروع حياة .

ورغم المآسي والمصائب والاخطار المحدقة بالأمتين العربية والاسلامية ، إلا ان التذكير والاحتفال بهذه المناسبة العطرة منقوشة في قلب كل مسلم وكل اسرة وقرية ومدينة ودولة بمختلف مشاربها الاسلامية للتزود بمنظومة القيم السامية وتطبيقها في الحياة، وان لها من الاهمية والاجلال والتقدير ما يفوق التصور ، رغم الاصوات النشاز والجدل العارض وبعض الفتاوى التي ترى في الاحتفال بسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام " بدعة " في حين يغض الطرف بعض العلماء عن بدع حقيقية واحياء احتفالات وسهرات ومؤتمرات لتدمير الاخلاق وتكريس التطرف والتشكيك في الامة واذكاء الخلاف الفكري وهو ما يحمل أكثر من علامات تعجب واستفهام واستفزازاً للامة .

ولهذه المناسبة السعيدة على قلوب كل مسلم مازلنا نحتفل نحن اليمانيون انصار رسول البشرية منذ الازل بهذه المناسبة العظيمة من كل عام بمولد رسول الانسانية محمد عليه السلام على مستوى الفرد والاسرة والدولة في البيوت وكل مساجد اليمن بسعادة وزخم كبير ، ومازلنا نتذكر ونعيش بعض لحظاتها السعيدة وروائحها الزكية وعطورها العبقة وموائدها المتواضعة والاستعدادات الكبيرة وقراءة الموالد الدينية والاصوات المميزة والاناشيد الدينية والصلاة على لنبي والتزود بالتقوى ، لاسيما في محافظة الحديدة وتعز وصنعاء وذمار وحضرموت وحراز وغيرها من المدن اليمنية ، مسجلين لحظات ايمانية وسلوك عظيم ..

كما يحتفل ابناء مصر والمغرب والاردن والجزائر وفلسطين وغيرها من الدول الاسلامية بهذه المناسبة العظيمة بشيء من الاجلال والقدسية في ابهج صورة وتزدان الشوارع والاسواق بالأعلام والحلوى وغيرها من اللوازم والاستعدادات للاحتفاء بهذا اليوم للوقوف على سيرة خير البرية ودراسة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولذلك فلاغرابه ان يبادر ابناء اليمن الى الاحتفال بالمولود النبوي الشريف الى ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء ، بعد ان ضاقت عليهم الارض بمارحبت ونزفت دمائهم ودمرت بيوتهم ومقدراتهم من جور وعدوان ذوي القربى بعد ان جاوز قادة العالم الاسلامي المدى ولهثوا وراح المصالح والتكتلات الضيقة وأيدوا الظلم وتناسوا الدور المشرف لليمنيين في نصرة الرسول ص وايصال الاسلام الى كافة مشارق الارض ومغاربها ، مشككين ومستغربين من الاحتفال بالمولد النبوي وتلك الفرحة وذلك الحضور المتميز رغم الجراح المثخنة والعدوان والحصار الجائر.

كما ان اليمانيون بحضورهم وتلبيتهم من معظم مدن اليمن يقولون للمشككين ان الاحتفال بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم شيء عظيم يستلهم منه الجميع الدروس والعبر والعظات والامتثال والتأسي بإخلاق رسول البشرية مهما عظمت المصائب والمحن ونوائب الدهر ، وان الدعوة الى احتفال رسمي من قبل المجلس السياسي اوغيره بهذه المناسبة الجليلة ليس حقاً حصرياً لجماعة انصار الله الحوثيين أو المؤتمر وغيرهم وان حضور مئات الالاف من ابناء الشعب اليمني الى ميدان السبعين بصنعاء عصر الاحد صورة مشرفة ومشرقة ومشهد مذهل ودليل كبيرعلى قوة ايمان اليمنيين وحكمتهم وحبهم وتمسكهم بالإسلام ورفضهم للفتاوى السياسية والمتطرفة التي تحاول التشكيك في عظمة وقدسية الاحتفال والتمتع بهذه المناسبة السعيدة .

كما ان الاحتفال به في مصر وغيرها من الدول الاسلامية ليس منتجاً حصرياً للازهر الشريف او غيره كون الهدف من الاحتفال بالمناسبة هو التذكير بخاتم الانبياء والمرسلين والتأسي بمناقبة العظيمة واستلهام الدروس العظيمة.
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس