عبد المجيد التركي
لأننا في بلدٍ ليس فيه قانون نافذ ينصُّ على السن القانونية للزواج، ولأن بعض أعضاء مجلس النواب والعلماء الأفاضل وقفوا ضد قانون زواج الصغيرات.. ترى وتسمع الكثير من الجرائم والوفيَّات التي تحدث للأنثى/ الضحية.. ضحية المجتمع الذكوري، وضحية الأب والزوج والأخ والقانون أيضاً.
قبل أيام سمعنا عن وفاة الطفلة روان، من مدينة حرض، لم تتعدَّ العاشرة من عمرها، قام أبوها بتزويجها من رجل يكبرها سناً بأربعة أضعاف.. وهي ليست المرة الأولى التي تموت فيها طفلة ليلة عرسها.. لأن المجتمع الذكوري قذر، ولا بد أن يقوم الرجل بمهمَّته ليبيِّض وجهه حتى وإن كان هذا على حساب فتاة ستلفظ أنفاسها الأخيرة، ليؤكد لأهله وعشيرته أنه رجل.
اللعنة على الرجولة، وعلى الأب الذي رضي وقبض ثمن ابنته، واللعنة أيضاً على القاضي الذي عقَد هذا الزواج، فانسلخ من إنسانيته، واللعنة على الشاهدَين اللذين شهدا على هذا الزواج الذي هو إلى القتل أقرب.
الشرطة والأمن والنجدة لم تعد في خدمة الشعب ولا في خدمة النظام، فقد أصبحَت في خدمة الحزب الذي ينتمي إليه القائد أو الوزير.. ولو كان هناك قانون يلوي عُنق الأب والزوج لما تجرَّأ أحد على إتمام صفقة قذرة كهذه.. لكن القانون لا يهتم بأرواح المواطنين، فأصبح- بصمتِه- مصدراً من مصادر الموت، ومُصدِّراً له.
مثل هذه المتاجرة بالصغيرات لا توجد إلَّا في بلاد المسلمين فقط.. أما في بلاد اليهود والنصارى فإن القانون يجرِّم انتهاك الطفولة بأي شكلٍ من الأشكال.. والقانون هناك هو النافذ فقط، وهو الذي يكفل لكلِّ ذي حق حقه.
وإن لم يكن لدينا قانون رادع فلدينا دينٌ وشرع، لكن القضاة يعطِّلونه حين يقومون بإجراءات عقود الزواج بين رجل في الخمسين وطفلة في العاشرة، وهم يعرفون أن الزواج تكافؤ، فيكتبون وثيقة الزواج كما يكتب السمسار عقد تمليك أو مبايعة سيارة.
وللحديث بقية.

حول الموقع

سام برس