اسكندر المريسي
ليس هناك أدنى شك بأن السياسة الدولية قد تعاظم خطرها وأظهرت حقيقتها بالظرف الراهن كعالم اخطبوطي وشيئاً دائماً ما يكتنفة الغموض والالتباس ويحكمة الرعب ويحركة الفجور العالمي الذي يرسم معالم وأبعاد تلك السياسة الدولية ومحدداتها المخيفة لا سيما تجاة الشعوب المستضعفة والمنطقة العربية على وجة التحديد.
لذلك فإن السياسة الدولية في تقديري لاتنظر لليمن من واقع ضعفها القائم ولكنها تتعامل خشية من نهضتها الممكنة، على ذلك الأساس تتعاطى مع الواقع السياسي في الشأن المحلي، ومما لاخلاف فيه أن كل الدول سبق وأن قلنا تؤكد في المعلن عنه أنها مع يمن موحد ومستقر وغير مقسم ولا مجزأ ولكن ثمة حقائق مختلفة تؤكدها بما لايدع مجال للشك مؤشرات سياسية في ما نلاحظه من تحركات لأطراف إقليمية ودولية تجاه اليمن خاصة وقد برزت في الآونة الأخيرة دعوات مريبة كانت في نطاق محلي محدد لكنها أصبحت موضع تداول في السياستين الأقليمية والدولية تجاة الحالة اليمنية على نحو ما يجري تداوله بالوسطين السياسي والإعلامي وعلى نطاق واسع من مفهوم ملتبس ومتناقض حول ما يسمونه بالقضية الجنوبية على نحو من التسويق المفخخ الذي لا يجنح في تلك السياسة الدولية نحو التهدئة في ظل حكومة الوفاق التي تمت بناء على مبادرة إقليمية ودولية واشترطت في تحقيق ذلك وحدة وأمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه .
لكن إصرار بعض القوى السياسية على ما تسميه بالقضية الجنوبية يتناقض شكلاً ومضموناً مع الحل الوطني الذي قبلت به جميع الأطراف السياسية المحلية بخصوص التفاهم والوفاق وأن يكون الخلاف السياسي المشروع تحت سقف الوحدة الوطنية بمعناها الشامل الوحدة اليمنية، وبالتالي ما هي مشروعية ما يطرح وتتناقله بعض الوسائل الإعلامية المحلية التي ترفع إلى تلك السياسة الدولية تباعاً عما تسميه بالقضية الجنوبية، ومع احترامنا وتقديرنا لمهمة المبعوث الأممي وما يقوم به من مساعٍٍ حميدة حتى أنه بسبب الجهد الذي يبذله وحسن النوايا التي يحملها يبدو أحرص على اليمن من اليمنيين أنفسهم ولذلك يستحق الشكر والتقدير
وبالمقابل من ذلك فإنه لما سبق وأن قدم تقريراً لمجلس الأمن عن القضية الجنوبية فإنه بذلك يضعنا أمام تساؤل حول تأكيدات السياسة الدولية الحريصة على وحدة اليمن واستقراره كشرط أساسي لحل أي إشكال، لكن التركيز على القضية الجنوبية يعني تكذيباً لما يقال عن وجود أزمة يمنية تم تجاوزها من خلال المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق، لأن القول بوجود قضية جنوبية لا ينفي وجود أزمة يمنية تم تجاوزها كما قلنا وإنما يؤسس ذلك ربما لما تريده السياسة الدولية من اليمن خلافا لما تعلنه وكأن اليمن يواجه قضية جنوبية وهذا يتنافى مع ما تقوم به السياسة الدولية لأنها كما قلنا مع وحدة اليمن وسلامة أراضيه .
وبالتالي فلا نستبعد في ظل الدعوات المطروحة لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد وحركة الربيع العربي أن مشاريع التقسيم التي هي سمة بارزة من خصائص وسمات السياسة الدولية تجاه المنطقة العربية واليمن بالتأكيد ليست استثناء، وإذا كانت السياسة الدولية بحسب ما تعلنه بظاهر دبلوماسيتها الراهنة حريصة كما تقول على يمن موحد ومستقر فإن ذلك أمر طبيعي ولا جديد فيه، لأن اليمن لا يمكن أن يكون إلا كذلك كشأن داخلي يخص كل اليمنيين، أما إذا كانت تلك السياسة تخفي في حفرياتها السياسية المتعددة غير ما تعلن فإن اليمن محمية طبيعية وحالة متماسكة ولا يمكن أن ينجح فيها أي مشروع صغير للتقسيم وإعادة التجزئة .

حول الموقع

سام برس