جمال الظاهري
يتردد هذه الأيام حديث عن مساعٍ لتمديد الفترة الانتقالية بين العام والعامين كحد أقصى. هذه الأخبار وإن كانت حتى الآن عبارة عن تسريبات إعلامية لم تنفِ أو تؤكد من الجانب الرسمي للحكومة أو من قبل أي طرف من شركاء التسوية إلا أن الشواهد تدعمها، فمهام حكومة الوفاق التي التزم ممثلوها الموقعين على المبادرة الخليجية بإنجازها خلال فترة ولايتهم التي حددت بعامين لا يزال منها الكثير عالقاً ولم ينجز منه غير الجزء النظري في بعضها وما تم إنجازه عملياً لم تستتب له الأوضاع تماماً، بمعنى آخر لم يؤت أكله واقعاً على الحالة المجتمعية. والشاهد هنا ما يعترض القضية الأكبر التي حشدت لها إمكانيات البلاد وما تقدمه الدول الراعية للمبادرة الخليجية والمجتمع الدولي من دعم مادي وسياسي ومعنوي لمؤتمر الحوار الوطني الذي قطعت فرق عمله على طريق إنجازه شوطاً كبيراً في المحاور التي كلفت بها هذه الفرق. أكيد أن النسبة الأكبر من القضايا التي تمت مناقشتها تم التوصل فيها إلى الاتفاق على صيغ وحلول ومعالجات لمعظمها، غير أن القضايا المحورية والرئيسية ما يزال يعترضها الكثير من المعوقات ونقاط الخلافات التي تنذر بازدياد الشق والهوة بين المتحاورين وتهدد بفشل الجهود التي بذلت على مدى الأشهر الماضية. القضية الجنوبية التي يتفق الجميع على أنها محور رئيسي ومفتاح لحلحلة بقية القضايا صارت تمثل «الترمومتر» الذي يقاس عليه ارتفاع التفاؤل بالنجاح وانخفاضه، غير أن مجمل النشاط التحاوري، وخاصةً في شقه الوطني المتأرجح بين مفهوم أن عملية التحاور بمجملها تتم تحت سقف اليمن الواحد والاعتراف في نفس الوقت بوجود خلل صاحب مراحل استعادة الوحدة يتصادم من حين إلى آخر مع طموحات ورغبات جزء من المتحاورين الذين يسعون إلى فرض مفهومهم الذي يقول إن موضوع القضية الجنوبية يجب أن يكون تحت مسمى «التفاوض» بين دولتين جنوبية وشمالية، ولم يقف أصحاب هذا الطرح عند هذا الحد، بل إنهم يحددون مبدأ تفاوضهم أنه تفاوض على فك الارتباط «الانفصال». أصحاب هذا الطرح وآخرون يمالونهم خفية، يرون أن الأحداث وما يجري على مستوى المنطقة العربية وحالة الهشاشةالتي تعاني منهامؤسسات الدولة اليمنية فرصة مناسبة لتحقيق أهدافهم، هذا بالنسبة للفصيل أو العناصر المتشددة في هذا الطرح، فيما هناك عناصر منهم يسايرونهم ولكن ليس بنفس التشدد، طارحين في اعتبارهم أكثر من خيار، فمن خيار الانفصال هناك خيار آخر يوازيه يعبر عن أهداف نفعية شخصية يقايضون بها بأسلوب انتهازي يتمثل في الابتزاز المادي للسلطات الرسمية للدولة، وابتزاز اجتماعي يتمثل مكوناتهم السياسية وفي مطالبات بالمزيد من المزايا لمناطقهم ومحافظاتهم على مستوى المشاريع أو من أجل الاستحواذ على مناصب كبيرة في الدولة لشخصيات تمثل مناطقهم جاعلين من ذلك شرطاً لمواصلة السير في الحوار تحت سقف يمن واحد وإلا فإن دعوى الانفصال والتفاوض بدل الحوار هو الخيار البديل.

حول الموقع

سام برس