بقلم / عبدالكريم المدي
الكثير من الناس يتذكّر بثناء وإعجاب أداء الأستاذ محمد ناصر الجند القائم بأعمال وزير المالية سابقا، الذي كُلّف بالعمل في واحدة من أصعب المراحل التي يرفض القبول بالعمل فيها أي شخص، لكنه قبل بالمهمة واستطاع أن يضخّ في أركان أوردة العمل المالي دماء الحياة، ليمثّل أدؤه علامة فارقة ورئة ونوافذا تنفست من خلالها العملية المالية وتمكنت من القيام بكافة إلتزاماتها إبتداء من الوفاء بصرف رواتب الموظفين في كافة المحافظات الجنوبية والشمالية، مرورا بدعم المجهود الحربي وإرسال مستحقات الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج وغيره.

من يعرف الخبير المالي والاقتصادي محمد الجند في جميع المواقع القيادية التي ترك فيها بصمته وأثره الإيجابيين، يستطيع أن يقول لك: هذا شخص يعمل بمهنية عالية ويؤمن، قولا وعملا، بقواعد النجاح وإكساب من يعمل معه الثقة وحب العمل والإبداع فيه.

ومن المفيد القول في هذا السياق إنه يتميز بعنصرين رئيسيين الأول : الذكاء والإبداع الصارخين.

و الثاني: الروح الوطنية المتقدة، وفي ظننا إن توافر هذه الصفة الأخيرة في أي مسؤل أوشخص قيادي تكتسب أهميتها من إرتباطها بمصالح المجتمع ومبادىء العمل الوظيفي والنزاهة ونداءات المستقبل،وغنيٌّ عن البيان القول إن هذه القيمة تُعتبرُ من صنيعة الضمائر الحية التي تظل مجتمعات كمجتمعنا في أمس الحاجة لها لتقديم النموذج والقدوة للآخرين.

لا نُذيع سرّا حينما نؤكد بأن الأستاذ الجند يمتلك ذخيرة ومقومات وافرة تجعله شخصية قيادية محورية،لم تُضعفه المناصب أو تجعله يلهث وراءها بحثا عن مكاسب شخصية، أو شهرة ما ، وليس ذلك فحسب ،بل أن إهماله وعدم تمكينه من عمل ما ، يستحقه وعن جدارة، لم يُغير ذلك في مبادئه شيئا،بدليل أنه ومنذُ أن تم تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، وعطفا على أدائه اللافت خلال الفترة الحرجة التي سبقت التشكيل ،لم يسمعه أحد من يومها يعترض أو يناكف الحكومة والقوى الوطنية، ويعلن عن ضجره وعدم رضاه بسبب إبقائه بدون عمل لأكثر من (8) أشهر ،وهو الذي ثبت في قلب عاصفة التحديات التي أرتجفت معها أكتاف وأرتعشت على وقعها فرائص الكثيرين.

للعلم - وكما سمعتُ ذات مرة - أن الجند رفض مغريات هائلة تُسيل لها لعاب بعض الأشخاص الذين يُعدُّ المال كل ما يهمهم في الحياة ،مفضلا وبكل قناعة البقاء في بلده مشاركا الناس  أفراحهم واتراحهم ،ناهيك عن تحمله مسؤلية وزارة المالية في ظرف معقد،متغلبا على كل ألوان التهديدات الخارجية اضافة إلى النيران الصديقة التي تأتيه من الداخل، من أصحاب المصالح وأعداء النجاحات الذين ضاعت كل أصواتهم التي كانت تنفخ في قرب تثبيط مثقوبة ، مطبقا في أدائه وعلاقاته مفهوم المساهمة الحقيقية في الدفاع عن ملايين اليمنيين أمام قنابل الفقر والعدوان وصواريخ الحصار والحرمان.

بشفافية وصدق  يستطيع أي مراقب إستنتاج حقيقة تطبيق الجند في عمله ،مفهوم الحكم الرشيد لتحقيق النجاح ،أولا:
 وثانيا: لتجاوز أي تداعيات ما قد تعصف بالوضع الاقتصادي وهذا ما قام به تحديدا في عمله كقائم بأعمال وزير المالية وقبل ذلك في جميع المواقع التي شغلها وفرضت على شخص من خامته إحترام المصلحة العامة وخدمتها بفاعلية وحيوية وأبداع.

نطرح هذا الكلام اليوم ، ليس تقليلا من جهد أحد أو مجاملة لأحد، ولكن للإنصاف الذي نعتقدُ بأنه قيمة وضرورة تتعدّى أسباب المرء في التحفُّظ وغض الطرف عن قول كلمة حق، سيما في زمن يطغى عليه النفاق والسلبية.

لذلك نكرر هنا وبأوسع ما في الكلمة من معنى أن الأستاذ محمد الجند  حقّق كل هذا الحضور المظفّر بكثافة الابهار وفرض نفسه كرجل يُمكن لبلد بكامله أن يعتمد عليه ، سواء في الجانب المالي والاقتصادي أو الإداري المتجذّران فيه، وخير شاهد على هذا الكلام فترة قيامه بأعمال وزير المالية الذي تألّق فيها بصورة مدهشة،رغم أنه لم يكن يجد أحيانا مكانا آمنا لعقد اجتماعاته، ومع هذا استطاع أن يحفر اسمه في وجدان الناس ويقدم النموذج الفريد في الأداء المتفاني ولم يغرق في موجات المصالح الذاتية وهلع تعفّنها، ويستغل الفوضى العارمة التي عاشتها البلاد وغياب السلطة والمساءلة، وهذا ما يجعل منه محمدناصر الجند الذي يستحق أن نرفع له القبعات،ونستفيد منه، أيضا، كمجتمع وكسلطة وكدولة.

حول الموقع

سام برس