بقلم / عبدالكريم المدي
كثيرا ما تساءلنا عن الحكمة والسرّ الذي يقف وراء كل هذا الإصرار العجيب في تحويل ما تبقّى من رواتب للموظفين إلى قسائم سلعية،لو كان لها أن تنطق لقالت: أنا أجسّد الفساد في أقبح صوره وأحطّ معانيه؟

نأتي للمفيد ونقول: هذه القسائم ،رغم أنها فساد مفضوح، فهي إمعان في معاناة الناس وإذلالهم ونهب رواتبهم،  وإجبارهم على أخذ سلع هي في الأساس شبه تالفة ورديئة جدا جدا، ناهيك عن أسعارها الخيالية التي تصل نسبة الزيادة في كثير منها عن (40%) عمّا هو معروض في السوق وفي نفس السوبر، أحيانا، لمن يدفع كاش وبجودة أفضل .

نكرر طرح سؤال حائر، ومُعلّق منذُ عدة أشهر على أبواب السلطان الذي لم يكرمنا في الإجابة عليه ولو كان بلغة " ثورية " تعوّدنا عليها منذُ أن بدأت مهرجانات " ربيع " السقوط وتفكيك منظومة القيم والأخلاقيات  :

تحلّوا بالشجاعة واكفونا ،على الأقل، حرج وملل تكرار التساؤلات: لماذا تتمسّكون بهذه القسائم اللعينة وتفرضونها على الموظفين كل شهرين أو أربعة أشهر ، بدلا عن صرف فتات رواتبهم نقدا ،طالما وأن مولانا قداسة " القرماني " وغيره قد قبضوا قيمتها ( رواتب الغلابى) وتعاقدوا مع عدد من مراكز السوبر التي يتم تعبئتها بمتردية ونطيحة البضائع على كافة المستويات،ومن اراد أن نرصد له بعضا من عِللها ومخالفاتها ننصحه بأن يستعد بالقلم والورقة كي يدوّن نزرا يسيرا من بلاوي " القرماني"  وشركاه في القطاعات العامة والخاصة والمختلطة والمنبطحة والمخدّرة والمغيبة .

القسائم -  يا عالم - تعني طوابيرا طويلة ينتضم من خلالها الموظفون كبيرهم وصغيرهم ، رجالهم ونساؤهم، شبابهم ومسنوهم ، وهوءلاء جميعا (المجندون الجُدد) لا يحق لهم الإعتراض على أي شيء يتعلق بتكريس ثقافة النهب والإذلال والبيروقراطية العفنة..

المهم تستمر هذه الطوابيرلمدد قد تزيد عن  أسبوع ويجب على كل المنخرطين فيها تخطيها كمرحلة أولى للإختبار، وفي نهايتها يحصل الناجحون على قسائم مُلوّنة ، يسرعون بها إلى أحد هذه الكوارث التي اسمها(  الجندول) ، ( ظمران )، ( الشارقة ) وهناك تنتظرهم اختبارات وطوابير تجنيد  جديدة، نعتقد بأنها أكثر قُبحا وغرابة..أما حصيلة المرحلة الثانية من هذا الاختبار والتجنيد الإلزامي-  لمن اراد لمحة من ذلك-  فهي كالتالي :
- علاقية دعاية تحتوي على سلع تاريخ إنتاجها قد شارف على الإنتهاء، إذا لم يكن قد أنتهى بالفعل.

- لا تتمتع بأي جودة .
-مهترئة بها عِلل ثورات الربيع كُلها.
-أسعار فلكية.
-إجبارية وغير قابلة للإرجاع أو الإستبدال.

-كثير من الأقسام محظورعلى ضحايا القسائم، حتى مجرّد الوقوف أمامها لأنها أصلا (مخصّصة للكاش)
-السوس ينخر في كثير من المواد الغذائية التي ستشبع البطون الجائعة وتنقذها من حافة الموت جوعا.
-الأزدحام الشديد في المراكز، صورة تقريبية ليوم القيامة، وهذه ربما الفائدة الوحيدة لهذا المسلسل الطويل من المعاناة ، لأخذ العظة والعبرة من هذه الحياة ( الدنيا فانية يا جماعة)

خلاصة الخلاصة:

القسائم السلعية - يا حيتان الفساد - لعنة ستظل تطاردكم أشباحها وأصوات الأطفال الذين قمتم بالإحتيال على قوتهم من حليب ودواء ونصف نصف كرامة وأمان ..أينما ولّيتم،ولا تعتقدوا أن الله غافلٌ عن هذا الظلم ،وسيترككم تستمتعون بهذه النوع من التّكسُّب المحرّم على حساب أسر جائعة ومشرّدة تهيم على وجوهها في كل إتّجاه، عاجزة عن دفع إيجارات البيوت أوتأمين قوتها الضروري ..
ملاحظة: هذه هي الحلقة الأولى .. والثانية تتبع ..
والعاقبة للمتقين.

حول الموقع

سام برس