بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
صوّتت الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، مساء الخميس، بأغلبية 128 صوتًا لصالح القرار العربي الإسلامي ضد اعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي ، وجاء هذا التفاعل الدولي والقانوني مستمداً من الجذور التاريخية للحقوق الفلسطينية عقب تصويت 14 من اعضاء مجلس الامن الدولي برفض القرار الامريكي الجائر والشذوذ الدائم لحكام واشنطن باستخدام حق " الفيتو" لتهديد السلم والامن الدوليين.

هذا التصويت العادل الموثق بشهادة 128 بلداً يمثل انتصاراً للقضية الفلسطينية والمجتمع الدولي والشرعية الدولية والقانون الانساني ، كما يوثق لحظة تاريخية ومشهد عظيم وصورة جلية عن الصراع بين الخير والشر والحق والباطل الذي أنتهى بالإطاحة بالسمعة والهيبة والهيمنة الامريكية، وكشف عن حقيقة " الوهم" لتاريخي لاسرائيل والواقع الزائف الذي تعيشه الصهيونية العالمية وترنح الصهاينة العرب المغرر بهم.

كما يدرك العرب والمسلمين وكافة مواطني العالم ان تصويت الجمعية العمومية في جلسة علنية امام العالم هو محاكمة تاريخية للجلاد الامريكي واللقيط " الاسرائيلي" كشفت فضيحة القرن بالصوت والصورة وقاحة وتضليل امبراطورية القطب "المتوحش" الذي يفتقد الى العدالة والتاريخ المشرف والحضارة الضاربة الجذور والقيم الانسانية النبيلة والديمقراطية التي هي عنوان وسلوك لشخصية الفرد والمجتمع والدولة.

ورغم ذلك السقوط الامريكي " الرسمي" والتسويف الاسرائيلي مازال الكثير من الملوك من الامراء والقادة والمثقفين المطبعين وحجاج البيت الابيض والمعتمرين في حائط المبكى مخدوعين بالمبادئ والمثل والقيم الديمقراطية الامريكية والاقنعة الغربية وتمثال الحرية الزائف والحديث عن العدالة والمساواة والتسامح والتعايش التي أصبحت مصيدة للفوضى الخلاقة وقلب الانظمة وتنصيب الديكتاتوريات وتثبيت الطغاة في منطقة الشرق الاوسط ونشر الفساد ونهب الثروات ، إلا ان الايام كشفت زيف تلك الاباطيل وانها مجرد حق يراد به باطل.

وأكثر ما لفت نظري في تلك المحاكمة الاممية هو حالة الضعف والهوان والارتباك الشديد والصدمة الاممية لمندوبي امريكا واسرائيل لاسيما بعد الكلمات التي القاها مندوبي اليمن وفلسطين ودول عدم الانحياز وباكستان واندونسيا وسوريا وغيرهم من الاصوات التي صدحت بالحق وطالبت بالعدالة ورفض القرار الامريكي الجائر حول القدس ، وهو مادعى المندوبة الامريكية "هيلي" الى تهديد الدول التي ستصوت للقرار ضد القدس عاصمة لاسرائيل ومكافأة الدول المتجاوبة مع الادارة الامريكية بحفلة عشاء، في حين اعتبر المندوب الاسرائيلي تصويت الجمعية الاممية بإن القرار الصادر عنها في "مزبلة التاريخ" ، غير ان هذه الوقاحة والسلوك المشين والحماقة زادت الدول قناعة وايمان كبير بإن واشنطن وتل ابيب تفتقد الى الاخلاق والكياسة ومسجل خطر ، وان وصف المندوب الاسرائيلي سيطيح بالولايات المتحدة واسرائيل عاجلاً ام آجلاً الى مزبلة التاريخ نتيجة للطغيان والظلم ، ولنا في الحضارات السابقة من الرومان والفرس والاسلام والاتحاد السوفياتي عبرة.

ولتلك الرعونة والافراط في الطغيان سقطت هيبة وسمعة ومصداقية ومبادئ امبراطورية " الشر" الامريكية بعد ان كشفت عن الوجه البشع للجلاد الامريكي الذي قامت حضارته على غزو البلدان والصعود على جثث الهنود الحمر ودماء ابناء افغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان ،، ودعم التنظيمات الارهابية.
ولذلك جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤكداً على الاتي:

1- أن أي قرارات وإجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديموغرافية ليس لها أي أثر قانوني، وأنها لاغية وباطلة، ويجب إلغاؤها امتثالًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ، وتدعو في هذا الصدد جميع الدول إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس الشريف، عملًا بقرار مجلس الأمن 478 (1980).

2- تطالب جميع الدول بالامتثال لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمدينة القدس الشريف، وبعدم الاعتراف بأية إجراءات أو تدابير مخالفة لتلك القرارات.

3- تكرر دعوتها إلى عكس مسار الاتجاهات السلبية القائمة على أرض الواقع التي تهدد إمكانية تطبيق حل الدولتين، وإلى تكثيف وتسريع وتيرة الجهود وأنشطة الدعم على الصعيدين الدولي والإقليمي من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط دون تأخير على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967.

4- تقرر دعوة الجلسة الطارئة المؤقتة الخاصة للانعقاد، وتكليف رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في أقرب جلسة لاستئناف عملها بناء على طلب الدول الأعضاء.

وأخيراً نحن نفرق بين الشعب الامريكي المحب للتعايش والتسامح والسلام وبين حكامة وقياداته المتوحشة التي حولت حياة العالم ومنطقة الشرق الاوسط على وجه التحديد الى جحيم ، وهل يستيقض الشعب الامريكي من سباته ويضع حداً لتهور صقوره وكبح مخالب اسرائيل ، مالم فإن القادم أسوأ في ظل استمرار الطغيان.

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس