بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
يبدو ان المشهد اللبناني اليوم أكثر سخونة ورعونة، وان ترمومتر الفوضى يرفع حمى الشارع اللبناني بجميع مشاربة واتجاهاته السياسية والثقافية والفكرية و الاجتماعية ، بعد ان فشلت أدوات الداخل والخارج في اشعال فتيل الفتنة وتصدير الارهاب وجر لبنان الى حرب أهلية الغرض منها القضاء على أمنه واستقراره وسيادته ، خدمة لأمريكا ولقيطتها اسرائيل التي تواصل مسيرة العبث والفوضى عبر أدواتها من المتربصين الذين كلما أشعلوا ناراً أطفأها كل اللبنانيين الشرفاء.

وفي اطار الفتنة وشحن الشارع اللبناني ، جاءت كلمات رئيس التيار الوطني الحر - وزير الخارجية باسيل التي وصف من خلالها رئيس مجلس النواب - رئيس "حركة امل" "نبية بري بـ " البلطجي" بمثابة الصدمة لانصار بري والشارع اللبناني لتُثير البلبلة وحالة من الاحتقان والاستفزاز وردود أفعال متشنجة ترجمها انصار " بري " وغيرهم من القوى السياسية الرافضة لذلك الاسلوب المشين ، لاسيما وان اللبنانيين كباراً وصغاراً يجسدون القيم والتقاليد ويجيدون فن الخطابة والكلمات المتزنة التي تعكس كاريزما وشخصية المتحدث ووعي المتلقي.

ورغم الثورة العارمة التي قام بها أنصار رئيس مجلس النواب اللبناني " نبيه بري" بالنزول الى الشوارع للتعبير عن غضبهم وتضامنهم وامتعاضهم الشديد من التلفظ المشين وشتيمة وزير الخارجية باسيل، وما صاحب تلك الاعمال من قطع طرقات واشعال الاطارات وردود افعال مخيفة وتطورات كادت ان تخرج عن السيطرة ، كان يجب أن يكون القضاء هو الأسلوب الانجع.

إلا ان تعليق رئيس حركة امل "نبيه بري "على وصفه بالبلطجي في ذلك الفيديو المسرب ، كان في قمة السمو والتعامل المسؤول لسياسي محنك ومشرع حاذق ومثقف واعي .. عندما قال " بري" كلام باسيل ، مستنكر وغير لائق، ولا يتماشى مع طبيعة العلاقات السياسية الداخلية، حتى لو كان من موقع الخلاف في وجهات النظر" ، ودعا " بري" لتصحيح هذه الإهانة المرفوضة من خلال موقف واضح وصريح يعيد الأمور إلى نصابها، وينفس الاحتقان في الشارع، ويؤسس لمرحلة جديدة تحمي الاستقرار الداخلي ، ويحول دون تمزيق لبنان المغترب، ما يترك تداعيات في غاية السلبية".

أطلاق وزير الخارجية اللبناني على " نبيه بري" كلمة " البلطجي" ، ربما تكون زلة لسان او خانه التعبير أو من باب السفاهة او شيء في نفس يعقوب ، بينما كان الاجدى والاجدر ان يتمالك أكبر مسؤول في الخارجية اللبنانية نفسه ويكون أكثر دبلوماسية واتزان ولباقة في توجيه سهام النقد بعيداً عن الحماسة وغلظة الاعراب أو الافراط في الحماقة ، وبهذا التصرف لكل جواد كبوة وغلطة الشاطر بعشر ، وعلى الجميع ان يستلهم الدروس.

ورفضاً لذلك التهور والاستفزاز والقفز على واقع المسؤولية الأخلاقية أصدرت عدد من الاحزاب عن ادانتها لمثل هذ السقوط ، كما اعرب حزب الله من خلال بيان صادر عنه رفضه القاطع لما صدر عن جبران باسيل، وأكد على تقديره العالي والاحترام الكبير لشخص ومقام دولة الرئيس نبيه بري ، وهذا ما كان يعبّر عنه سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاباته ومواقفه" ، وقال الحزب إن "هذه اللغة لا تبني دولة، ولا تأتي بإصلاح ، بل تخلق المزيد من الأزمات ، وتفرق الصف، وتمزق الشمل، وتأخذ البلد إلى مخاطر هو في غنى عنها".

ودعا الحزب إلى المسارعة في معالجة الوضع القائم بأعلى درجة من الحكمة والمسؤولية، وفقا للبيان.

وأياً كان الخلاف بين الرئيس اللبناني ميشيل عون ، ورئيس مجلس النواب او رئيس الحكومة سعد الحريري أو غيرهم من صفوة المجتمع اللبناني ، فإن المنطق ولغة العقل ستنتصر على كل الخلافات او تحد منها بالمصارحة والمصالحة والحوار وقيم التسامح والتعايش التي ستنأ بسفينة لبنان الى شاطئ الامان ، مهما حاول القراصنة صناعة الفتن وضرب الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي ، ومهما كانت أمواج التآمر ، سيظل كل اللبنانيين بمشاربهم المتنوعة كالجسد الواحد في مواجهة شياطين الداخل وبالمرصاد لذئاب تل ابيب الذين يخططون على مدار الساعة للفوضى وجر لبنان الى الاقتتال ونهب ثرواته النفطية ومصادرة قراره السياسي والسيادي..

فهل يعي اللبنانيون أن الوطن فوق الاحزاب ، والطوائف ، والمذاهب والولاءات الضيقة ، وان حجم المؤامرة كبير ولابد من الترفع عن الصغائر وحماية البيت اللبناني من أجل البقاء ، وما يحصل في سوريا والعراق واليمن وليبيا ،، خير شاهد على ان أول الحرب كلام وآخرها دمار ودماء وتشرد وتهجير وأرتهان.. أملنا كبير .

shawish22@gmail.com


حول الموقع

سام برس