سام برس
هل أعطى الرئيس ترامب مُهلَة ثلاثة أسابيع لحُلفائِه الخَليجيين لإنهاء أزمَتِهم؟ وما صِحَّة المعلومات التي تقول أنّ مُكالَمتَهُ مع الملك سلمان كانت مُتوَتِّرة؟ ولماذا نعتقد أنّ قرار السعوديّة بِشَق قناة “سلوى” لعَزل قطر عن الجَزيرة العربيّة بَرِّيًّا أغلقت كُل أبواب المُصالَحة؟

تُؤَكِّد مُعظَم التَّسريبات الإخباريّة القادِمة من واشنطن أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “طَفَحَ كَيلُه” من حُلفائِه الخَليجيين، واستمرار خِلافاتِهم، ووجّه لهم تَحذيرًا قَويًّا بِضَرورة إنهاء الأزمة بين قطر والدُّوَل الأربَع المُقاطِعة في غُضون ثلاثة أسابيع حتّى يتم تَوحيد الجُهود كافّة، والتّفرُّغ لمُواجَهة الخَطر الإيراني.

النَّص الأمريكي الرَّسمي للمُكالمات الهاتِفيّة التي أجراها الرئيس ترامب مع العاهِل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والشيخ محمد بن زايد، وليّ عهد إمارة أبوظبي، لم يَتضمّن استخدام “لُغةٍ قويّة” ذاتَ طابَعٍ تهديديّ، والشَّيء نفسه يُقال أيضًا عن اللِّقاءات التي تَمّت في واشنطن بينه وبين الأمير محمد بن سلمان وليّ العَهد السعوديّ، أو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الذي اختتم زِيارةً مُماثِلةً قبل يَومين، ولكن من الوَاضِح أنّ هُناك قَلقًا أمريكيًّا من الصَّعبِ إخفاؤه.

تحديد مُهلَة الأسابيع الثَّلاثة لإنهاء الأزمة لم يَكُن مِن قَبيل الصُّدفة، فالرئيس الأمريكي عاقِدُ العَزم على الانسحاب من الاتّفاق النَّووي الإيراني يوم 12 أيّار (مايو) المُقبِل، وسَيلجأ بَعدها إلى عَمليّةِ تَصعيدٍ ضِد إيران، تتضمّن عُقوباتٍ اقتصاديّة وربّما إجراءاتٍ عسكريّة أيضًا، ويُريد أن يكون لحُلفائِه الخَليجيين الدَّور الأهم فيها.

من الصَّعب علينا أن نَلحَظ أيَّ تجاوُبٍ خليجيّ مع مَطالِب الرئيس ترامب هذه، والدُّول الأربَع المُقاطِعة لدولة قطر في هذا الصَّدد، لأنّ هذهِ الدُّول رتّبت أُمورَها على اتّباع استراتيجيّات طويلة النَّفس في التَّعاطي مع الدَّولة القطريّة تتركّز على تَشديد هذا الحِصار، وكان القَرار السُّعودي بإقامة قناةٍ بَحريّة على الحُدود مع قطر (قناة سلوى)، وتَحويلها إلى جَزيرةٍ مَعزولة، وإنهاء تَواصُلِها الجُغرافي البرّي مع الجزيرة العربيّة، أحد أبرز أوجُه التَّطبيق العَملي لهَذهِ الاستراتيجيّة.

قطر في المُقابِل بدأت تتعايَش مع الحِصار، وامتصّت الصَّدمة، لكن في ظِل التَّوتُّر الأمريكي الإيراني، والحرب البارِدة بين الجانبين، سَيكون من الصَّعب على قِيادتها الاستمرار في إقامة علاقات تحالفيّة مع طِهران، والبَقاء خارَج التَّحالف الأمريكي الخَليجي الجَديد.

الرئيس ترامب، وبَعد أن أنهى مَرحلة الجِباية الماليّة، وابتزاز دُول الخَليج بِفَرض صَفقات أسلحة بِعَشرات المِليارات من الدُّولارات عليها، باتَ يُخطِّط الآن للمَرحلة التالية، أي جَعلها رأس حِربة في حَرْبِه المُقبِلة والمُتوَقّعة ضِد إيران.

لا نَعتقِد أن مطالِب الرئيس ترامب ستَلقى التَّجاوب الذي يأمَله من حُلفائِه الخليجيين من حيث تَسوية خِلافاتِهم، وتَوحيد مَواقِفهم في المُهلةِ المُحدَّدة، وربّما يكون الاختبار الأبرز في كيفيّة تعاطِي المملكة العربيّة السعوديّة وحُلفائِها، مع الأمير تميم بن حمد أثناء مُشارَكته في القِمّة العربيّة التي ستُعقَد في الدَّمام بعد أربعةِ أيّام، وهي القِمّة التي لم تَندَرِج الأزمة الخليجيّة وحَلِّها على جَدوَل أعمالها.

مجلس التعاون الخليجي الذي جَسّد مَثَلاً في التَّعاون الإقليمي على مَدى 36 عامًا تَفكَّك، ولم يَعُد بالصُّورة التي كانَ عليها يوم تأسيسه، وضُغوط ترامب أو صُراخه لم تَعُد تُعطِي أوكُلَها، ولعلّه كان أوّل من اصطدمَ بهذا الواقِع، واضطرّ إلى التَّراجُع عن عَقد قِمّة كامب ديفيد في حُضور زُعماء الدُّول المُتخاصِمة للتَّوصُّل إلى حَلٍّ والمُصالَحة بالتِّالي.

حول الموقع

سام برس