عبدالله النويرة
لو بدأت الحديث بسؤال قد يكون غريبا وهو من المسؤول عن توفير الأمن والسكينة العامة في الوطن؟ طبعا هذا السؤال قد يكون غير منطقي في نظر البعض ذلك أن من البديهيات هو القول أن توفير الأمن والسكينة العامة هي مسؤولية الدولة على وجه العموم ومسؤولية وزارة الداخلية على وجه الخصوص وهذا شيء قد يكون من بديهيات المعرفة التي تحتم أن يكون من أهم أعمال الدولة ووزارة الداخلية فيها هو هذا العمل الذي يهم كل مواطن وهذا حق من حقوق المواطنين الأساسية وبدونه فعلى الدولة ووزارة الداخلية أن تستقيل , هذا هو الشيء المنطقي.
إنني هنا كأحد منتسبي الجهاز الأمني أود أن أوضح بعض الأمور التي قد تكون معلومة للكثير من الناس ولكنهم إما يتجاهلونها أو أنهم يتعمدون إخفاءها رغبة في الاستمرار بالهجوم على وزارة الداخلية ومنتسبيها وخاصة وزير الداخلية الدكتور عبد القادر قحطان الذي تولى هذه الوزارة في أحلك أيامها ولم يجد حتى مكتب يجلس عليه عند استلامه لها وهو ليس بغريب عن الأمن فقد تدرج في العمل الأمني على مدى أكثر من ثلث قرن وبهذا فهو يعي تماما مسؤوليته ويعرف حدودها .
إن وزارة الداخلية ليست منظمة حكومية مستقلة تعمل بعيدة عن الأجهزة الأخرى فهي تعمل ضمن منظومة الحكومة المتكاملة ولا يمكن أن تكون هذه الوزارة بمنأى عن التجاذبات السياسية التي تعصف بالبلاد والتي تسبب عرقلة لكل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهذا الأمر لا ينكره إلا مكابر، فالوزارة تعمل في ظروف تجاذبات تؤدي إلى شلل كبير في عمل مختلف أجهزة الدولة فإذا ما حاولت وزارة الداخلية أن تخرج عن هذا الإطار فإنها ستكون كمن يغرد خارج السرب وسوف تدخل في متاهة لا نهاية لها, ذلك أن القوى السياسية هي التي توجه العملية الأمنية وهي التي تسبب شللاً شبه تام في أحيانا كثيرة لأعمال الأجهزة الأمنية وتؤدي إلى تعطليها .
إن وزارة الداخلية بين نارين نار أداء واجبها ونار الظروف السياسية القائمة والتي تحد من قيامها بواجبها الذي تعيه جيدا وهذا الأمر لو قامت به الوزارة فقد يؤدي إلى تفجر الصراع المسلح في عموم الوطن ذلك أن المخلين بالنظام والقانون هم في حقيقة الأمر قوى تتصارع في الردهة السياسية وكل فئة تعمل على إذكاء الصراع هنا أو هناك لتكون أوراق ضغط تحصل من خلالها على ما تريد تحقيقه هذه الفئة أو تلك ووزارة الداخلية لو تصدت لجميع هذه الفئات لكنا قد دخلنا في حرب أهلية لا يعلم إلا الله نتيجتها.
إن الصراع بين قوى الخير والشر محتدم وكانت الداخلية في الظروف الطبيعية معنية بالتصدي للخارجين على القانون من أفراد وجماعات محدودة وهذا شيء بمقدورها القيام به بكل اقتدار, ولكن ما هو مطلوب منها اليوم هو التصدي لكل القوى السياسية الفاعلة التي تلعب بورقة الأمن والاستقرار لكي تحقق مكاسب سياسية رخيصة وهذا الأمر خارج قدرتها بكل المقاييس.
إن وزارة الداخلية قادرة ولا شك على ردع الخارجين عن القانون الذين ليس لديهم أية ارتباطات سياسية وأمرهم بسيط ويمكن السيطرة عليهم أما الفئات السياسية التي تلعب بالأمن فإن مواجهتها والدخول معها في صراع امني يعني تفجير الوطن وهذا ما تتجنبه قيادة الوزارة وقوى الخير والسلام في وطننا الحبيب.
إن هذا ليس دفاعا عن وزير الداخلية بل هو دفاع عن وطن وأنا على يقين أن هناك الكثير من الزملاء الصحفيين بالذات لن يعجبهم مقالي هذا ولكني أقول لهم (ما أسهل الحرب على المتفرجين) و(من يده في الماء ليس كمن يده في النار).
وفقنا الله لخدمة الوطن وجنبه كل مكروه.

alnwoirah3@gmail.com

حول الموقع

سام برس