سام برس
وما هي الأسباب الأربعة التي تقف خلفها؟ وهل سيستمر الانهيار في قيمة الليرة التركية؟ وكيف نرى المخرج من الازمة؟

نقلاً عن رأي اليوم:

صعّد الرئيس الامريكي دونالد ترامب الحرب الاقتصادية التي يشنها ضد تركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان الى مرحلة جديدة اكثر شراسة عندما اعلن امس انه امر بمضاعفة رسوم الحديد والصلب والالمنيوم التركيين، في محاولة لتدمير الاقتصاد التركي، ومضاعفة ازمة انخفاض الليرة التركية.

نشر الرئيس ترامب تغريدة على حسابه على “التويتر”، تعكس حالة من التشفي والحقد في الوقت نفسه قال فيها “لقد سمحت للتو بمضاعفة التعريفات الجمركية على الصلب والالمنيوم من تركيا في حين تنزلق عملتهم، الليرة التركية، متراجعة بسرعة مقابل دولارنا القوي جدا، علاقتنا مع تركيا ليست جيدة في هذا الوقت”.

هذه التغريدة، وما احتوته من كلمات تنضح بالعنصرية، والروح الانتقامية، تؤكد حقيقية المؤامرة الامريكية ضد تركيا، الدولة المسلمة، التي تركز على ضرب الاقتصاد التركي، وتقويضه، لحرمان الرئيس اردوغان من ابرز إنجازات حكمه التي مكنته من الفوز في جميع الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي خاضها منذ عام 2002.

انه حصار امريكي “غير مباشر” على تركيا، لا يقل مفعوله عن الحصار المفروض على ايران، ان لم يكن اخطر، فالليره التركية سجلت تدهورا اليوم الجمعة هو الأكبر في يوم واحد منذ عامين، زادت نسبته عن 10 بالمئة لتتخطى قيمتها حاجز الـ 6 ليرات النفسي مقابل الدولار، ومن غير المستبعد ان يتواصل هذا الانهيار بعد خطوة الرئيس ترامب برفع الرسوم على الصادرات التركية من الصلب والالمنيوم.

الرئيس اردوغان حض الاتراك اليوم الجمعة على تحويل أموالهم ومدخراتهم بالعملات الأجنبية لدعم الليرة التركية، معلنا الكفاح الوطني في وجه الحرب الاقتصادية التي تشن على بلاده، مؤكدا ان تركيا لن تخسر هذه الحرب، قائلا “اذا كانت لهم دولاراتهم فنحن لنا شعبنا، ولنا الله”.

ربما تنجح هذه الدعوة بدفع بعض الاتراك الى الذهاب الى المصارف واستبدال ما لديهم من دولارات وعملات اجنبية بالليرة التركية، مثلما فعلوا تجاوبا مع دعوة مماثلة قبل ثلاثة اشهر، ولكن تأثير هذه الخطوة ربما يكون محدودا للأسف.

ويعتقد خبراء في الاقتصاد التركي ان الجانب الأقوى في هذه الازمة التي ضربت قيمة الليرة، يعود الى القلق من عجز الشركات التركية المثقلة بالديون عن سداد القروض المصرفية التي استدانتها من البنوك بعملات اجنبية، مثل اليورو والدولار، اثناء الطفرة العقارية التي شهدتها تركيا تحت حكم الرئيس اردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه، مما قد يؤدي الى انهيار بعضها.

الرئيس ترامب يريد ان ينتقم من الرئيس اردوغان بسبب تمرده على السياسات والاملاءات الامريكية، ويمكن تلخيص اسباب الازمة في أربعة:

ـ أولا: رفض الرئيس اردوغان الافراج عن القس الأمريكي اندرو برانسون المعتقل حاليا ويواجه تهما بدعم الإرهاب، أي جماعة الداعية التركي فتح الله غولن، والذي تشترط الحكومة التركية مبادلته به.

ـ ثانيا: إصرار الرئيس اردوغان على شراء صفقة صواريخ “اس 400” الروسية المتطورة كبديل عن صواريخ “الباتريوت” الامريكية.

ـ ثالثا: معارضة الرئيس اردوغان لنقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة، والاعتراف بالمدينة المقدسة كعاصمة لدولة إسرائيل، ودعمه، أي الرئيس اردوغان، لحركة “حماس″، وادانته للحصار المفروض على قطاع غزة.

ـ رابعا: اعلان الرئيس اردوغان معارضته للحصار الأمريكي ضد ايران، وتأكيده بعدم الالتزام به، انطلاقا من مصالح تركيا، وحفاظا على ميزان تبادل تجاري بين البلدين تصل قيمته حوالي عشرة مليارات دولار حاليا.

هذا الابتزاز المالي الذي يمارسه الرئيس ترامب ضد تركيا سيدفعها للمضي قدما في تقاربها مع روسيا وايران، ومن غير المرجح ان تنجح هذه الضغوط في دفع الرئيس اردوغان للركوع عند اقدام ترامب، واملاءاته بالافراج عن القس الأمريكي المعتقل مجانا ودون مقابل، او الالتزام بالحصار ضد ايران.

أيام الاقتصاد التركي، وليس الليرة التركية فقط، تبدو صعبة جدا في المستقبل المنظور، خاصة ان تركيا محاصرة بأعداء، وان حلفاءها الروس والإيرانيين يواجهون عقوبات أمريكية في الوقت نفسه.

انها حرب سياسية بواجهة اقتصادية تعلنها أمريكا وحلفاؤها في حلف “الناتو” ضد تركيا، والرد عليها يجب ان يكون بتجميد تركيا لعضويتها في هذا الحلف، والدخول في تكتل سياسي وعسكري جديد مع المحور الروسي الصيني الإيراني الهندي، والتوصل الى حل سياسي سريع للازمة السورية يضع حدا للحرب.

هل يفعلها الرئيس اردوغان؟ نأمل ذلك؟

حول الموقع

سام برس