بقلم/ حسن عبدالوارث
كثرت الأعياد والمناسبات في بلدي. لكنها مجرد أرقام وتواريخ وأيام، لا فرحة فيها ولا ابتهاج بها.

واِذْ تزايدت العطلات، فلا فرق أحدثت ولا تميُّز أنجزت، فقد صارت حياة الناس في هذا البلد مجرد عطلة مديدة ومفتوحة، وغير مدفوعة الأجر أيضاً!

تأتي الأعياد وترحل، وتقدم المناسبات وتمضي، وتتوالى العطلات تترى، من دون أن يشعر المرء بحضورها أو غيابها، ولو أستمر الحضور شهراً والغياب دهراً.

حتى عيد الأضحى، ومثله عيد الفطر، لا ترى له وجوداً الاَّ في ملابس الأطفال وألعابهم النارية وضحكاتهم التي لا تكتمل. فحتى الأطفال صاروا يدركون حجم المعاناة ووطأة الهموم وشدة المكابدة التي تنتاب أهاليهم بقدوم هذه الأعياد، جراء ضيق ذات اليد على نحو مرعب.

وحدهم تجار الأعياد -وهم صنو تجار الحروب تماماً- يبتهجون لقدومها، اِذْ تعني لهم مزيداً من الأرباح ووفرة في الأموال تكتظ بها جيوبهم وخزائنهم. والحديث هنا يخص كبار التجار فحسب، أما صغارهم فقد غدوا من أهل الكفاف العفاف.

كان الناس يحصون الأيام المتبقية على قدوم هذا العيد أو تلك المناسبة، على نحوٍ لافت من الغبطة والحبور. وهم يعدُّون العُدَّة له منذ شهور. فاذا ما حلّ، حلّت البهجة، بقدر ما تحلّ البركة.. فتسمو النفوس بالكرم، وتترع القلوب بالخير ، ويهطل في الأيدي غيث العطاء.

أما اليوم -ومنذ سنين غير قليلة- فقد صار العيد مناسبة للنكد وموعداً للكرب وحالة قَدَرية باعثة على الهمّ والغمّ و الألم الموغل في الروح والجسد معاً!

ومثل الأعياد، يكون موسم المدارس -الذي يحلّ بعد أيام- موسماً لقهر الآباء وسهر الأمهات واحباط الأبناء. وفي كل عام تتصاعد وتيرة الغلاء في أثمان مستلزمات المدارس ورسوم الدراسة. فقد أنخفضت القدرة الشرائية للعملة المحلية الى مستويات متدنية جداً، وباتت الميزانية المخصصة لهذا الغرض أو ذاك -وبالذات المدارس- باعثة على الرغبة الجامحة في الانتحار.

ولا يدري المرء (ربما تدري السماء!) متى يحين موعد الفرح في هذا البلد، أو متى يعرف أهل هذا البلد قبساً من غبطة أو انشراح؟

ويشكّ اللبيب في أن هذا الحدث المرتجى مقدّر له الوقوع قبل موعد يوم القيامة!

المصدر: يمن مونيتور

حول الموقع

سام برس