بقلم / محمود كامل الكومى

ذات ليلة صماء لاضوء فيها و اِن بدت العواصف والأنواء ,فقد غامت الرؤيا عند السادات وبعد أن أرتدى ملابسه الهتلرية , وغاص فى نيام هبطت الأحلام فى المنام , فجاءه مَلَكُ يبث فى اذنية هاتفا : الى القدس هيا ... بيجين ينتظر قدومك الى أورشليم ,لتقابل " جولدا مائير " قبل أن تموت وهى حية الآن, سمها الزعاف قد يُرديك لكن لامفر من أن تهبط فى مطار اللد بتل أبيب , افاق السادات مذعوراً , وتقلب على سريره يمينا ويسارا فلم ير جيهان , فطار جنانه , لكنه عاد الى صوابه فهى بالشرفة المطلة على نيل القاهرة , تخاطب العاهرة الساحرة , أدركته على الفور وخاطبته بما استجد ,فأنبهر وأرتعد وقال لها هل وصلك الخبر ؟ فضحكت وأردفت ومن يصنع الجوى , غيرى انا .!

خطة مخابراتية مدبرة , نفذها شاوشيسكو ( الرئيس الرومانى الأسبق) والملك الحسن ( ملك المغرب السابق ) وشاه ايران السابق , ثلاثتهم وباِيعاز من المخابرات الأمريكية والأسرائيلية , أقنعوا السادات بزيارة القدس والصلح مع الكيان الصهيونى , وكان مبعوثه حسن التهامى اليهم وقد أستحضر سيدنا الخضر (فالرجل كان ملامس الأنس والجن) ونفذ تعليمات الشياطين الثلاثه بكل كياسة , وأبلغ السادات بخيوط المؤامرة من أجل أن يضحى كأول رجل يهبط على سطح المقبرة , متناسىاً أن " نيل أرمسترونج " أول من هبط سطح القمر .

هبطت الطائرة مطار بن جوريون , وهبطت قلوب كل أحرار العالم مع من يبيع , وأرتفعت آهات الصهاينة وعلت هتافاتهم السموات والأرضين ,فقد حقق السادات أملهم المنشود وأعتبروا أسرائيل واقع ملموس , وبداية لدولة يهوديه يحدوها الأمل بأسرائيل الكبرى من النيل للفرات , ودشنت الزيارة لواقع مؤلم لعالمنا العربى تجسد الى الآن فى التشرذم والأقتتال والأمن والأمان لدولة الكيان الصهيونى , فلا جدال أن السادات قد صار بطل صهيونى بأمتياز تكاد منزلته تتعدى منزلة تيودر هرتزل وتفوق بمراحل موشى ديان – فقد ذهب السادات للقدس لتحرير فلسطين من شعب فلسطين الذى تبقى داخل فلسطين , ومن هنا صيغت آية جديده فى التلمود اليهودى تقدس السادات , وتحتفل بكيبور بديلا عن نصر أكتوبر , كعيد أنتصار وأزدهار صهيونى بأمتياز .

شاوشيسكو , رئيس رومانيا التى ابقت على العلاقات الدبلوماسية مع أسرائيل , وقد شذت عن دول اوروبا الشرقية التى قطعت جميعها العلاقات مع اسرائيل بسبب عدوانها على الدول العربية 1967, وقد دللته أسرائيل لذلك وصار يحوى سر خفى مع السادات لف زيارة القدس والصلح مع الكيان الصهيونى , وسر المعبد لايجب أن يدركه اِلا حاخامات بنى صهيون - خيط رفيع بين أعدام شاوسيسكو وأغتيال السادات !!
فى أعتقادى أن الفوضى الخلاقه وصفقة القرن ,دُشِنت من تاريخ الزيارة وكان لابد لها أن تختفى فى نهايات القرن العشرين لضرورة السرية ليباح لها الصعود والتنفيذ الى ماقبل يومنا هذا بسبع سنين.

ليس سلاماً بكل المقايس لكنه أستسلام بأمتياز حاول اهدار عبق الشهداء هؤلاء الذين مازال عطرهم يفوح الى الآن ...يقول الكاتب الكبير " محمد حسنين هيكل" السلام مع أسرائيل لايزال مستحيلا لأنه يصعب أن أرى سلاماً يقوم بين طرفين يجلسان على مائدة ,أحدهما يقدم الجغرافيا والقانون سنداً لحقه – والاخر يؤسس دعواه ,على أنه وقع عقداً مع مجمع آلهة – آله سماوى ,وأله أمريكى وآله نووى.

حازت جيهان السادات منذ البداية على تكريم الكيان الصهيونى والى الآن وصارت أستاذ زائر بجامعات أسرائيل وغردت كثيراً مع اللوبى الصهيونى الأمريكى , وفُرِضت فى وسائل اعلام مافيا رجال الأعمال فى مصر
وكان لابد من أغتيال الزعيم جمال عبد الناصر فى قبره , لأن فى ذلك انتاج للسادات , ومن هنا دشن الموساد وال C I A لحملات متتالية لأغتيال الرمزية فى زعامة جمال عبد الناصر ومع الفضائيات المسمومة التى تمولها الرجعية العربية بالبترودولار ومافيا رجال الأعمال فى مصر توالت الحملات منذ وفاة جمال عبد الناصر الى الآن فى محاولة لأغتياله وتمجيد السادات , بل وتمجيدعصر الأحتلال البريطانى لمصر وكذا تمجيد فساد ملوك اسرة محمد على الأجانب فى حكم مصر - ومن هنا كان التركيز على 1967 وجمال عبد الناصر , بدءاً من الأطراف المطالبين بالسيطرة دون حق – وأنتهاء بأولئك الذين سعوا الى التحالف مع الشيطان دون وازع – هؤلاء جميعا كان يناسبهم أن يتوقف العدد عند 1967 ولايتواصل بعده الى حرب الأستنزاف التى مهدت لحرب 1973 ( كما يقول هيكل) .

كان الهدف من ذلك تثبيت حالة الهزيمة وتعميق الشعور بها الى النخاع وتكفير الناس بكل زعامة وطنية تحاول ان تصعد بها الى أفاق التحرر والتنمية واذابة الفوارق بين الطبقات ( كما فعل جمال عبد الناصر)- واذا تم النجاح فى ذلك – فان الأمة المهزومة فى اعماقها – تكون راضية قابلة بأى حل تجود به سماحة الغالبين من الصهاينة وعملائهم – واذا وقع ذلك فان أصدقاءالغالبين وحلفائهم فى الداخل العربى , تخلو لهم الأرض وماعليها و وهو ماحدث فعلا – يقول (هيكل) فما كادت جيوش الحرب تتوقف , حتى بدات جيوش النهب تزحف , وهى مازالت الى يومنا هذا تنهب وتنهب حتى صار شعبنا تحت خط الفقر وقد كبلته قروض البنك الدولى بقيود لافكاك منها اِلا اذا .....
ويتفاعل هذا كله مع بعضه البعض ومع الظروف – فان الأمة هذه ..تصير أسيرة لحالة من الأحباط واليأس , مغلوبة على أمرها وهو المطلوب , وقد صار الآن .

ولهذا كان قرار الكونجرس الأمريكى بتكريم السادات ومن ستفوز بالميدالية الذهبية سيده مولوده لأب يحمل الجنسية البريطانية وأم بريطانية الأصل - وهى "جيهان صفوت رؤوف".

*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس