عبدالكريم المدي
اليمنيون معروف عنهم رقّة القلوب ولين الجانب والنخوة العربية الأصيلة والكرم ..ونجدة الملهوف والمضطر.. والتعاون مع المحتاج وعابر السبيل ..

نعم ..كانت هذه هي صفات السوادالأعظم من بني قومي ..!

أمّا الآن، بل ومنذ سنوات خلت .لم يعد لذلك أثر حقيقي..حيث قد صرنا - بالفعل - نخاف ، وبشكل جدّي من أن هذه الصفات الحميدة قد أخذت في الذّبول والتآكل..ولم يعد هناك مواقف ونماذج وحالات لها تستحق التوقّف والإشارة لها أو الثناء عليها ..

أنا على الصعيد الشخصي .. ألمسّ الإنكسار الواضح لإيمان هذا المجتمع بذاته القديمة وصفاته وقيمه النبيلة منذ حين .. فعلى سبيل المثال . يمرض أحدهم ونطلق الدعوات تلو الدعوات . وخاصة إذا كان فقيرا ومن أبناء او فئة الطبقة المسحوقة و محدوي الدخل .الذين يستحقون التعاون واللفتة الإنسانية ،،ومع ذلك لم نجد أيّ ردة فعل أوموقف أصيل من قِبل "قطيع" المقتدرين والمهنجمين ..سواء كانوا مسؤلين أو مغتربين أو تجّار.. إلا ما ندر .!

ويموت أحدهم - مثلا - وقد يكون وحيد أسرته والمنفق أو العائل الوحيد لها. ولم تلق هذه الأسرة، أو تلك.. يد العون أو أي مسحة إنسانية وتضامنية ومعنوية تخفّف عنها واقعها وصدمتها ومخاوفها من القادم ..

الأمثلة على ذلك كثيرة ومريرة .. مثلا ..يحتاج أبناء منطقة ما أو قرية ما لمشروع مياه أو مدرسه أو حاجز أو أو الخ ..وقد يكون هناك من أبنائها من كبار التجار أو المغتربين أو المسؤلين ..ومع هذا لا نجد لهم أي مساهمة أو مبادرة محترمة..!

تتقطّع السبل بهذا المرء الضعيف أو ذاك ولم تجد من يلفت له أو يعطه شربة ماء وكسرة خبز ..إلا من رحم ربّي.. !

تقام قطاعات عدّة للصوص أو قطاعات قبيلة من تلك المعروفة في مجتمعنا ..في مختلف الطرقات العامة والفرعية ويحدث فيها إعتداءات على النساء ونهبهنّ وتفتيشهنّ وترويع الأطفال ووالخ .ولا نجد من يدين هذه السلوكيات ويجرمها ..كما كان يحدث من قبل..

أمّا الأسوأ الذي لم نصل إليه بعد ..فيتعلّق بأولئك المتخمين بالأموال.. الذين يتصدّقون .. أو قل يتبارون ويستعرضون عضلاتهم النقدية.. ويهدون أموالا كبيرة ومواد غذائية وغيرها في المواسم كما يحصل في شهر رمضان الكريم..حينما يغالطون أنفسهم .ويعتبرون ما يقومون به " تأدية لفريضة الزكاة " بين هلالين ( على طريقتهم ) فهوءلاء قصتهم قصة عجيبة ..وتستحق عشرات الكتابات. فتناولة ومساحة كهذه غير كافية بدون شكّ..

لكن لا يمنع من أن نضيف ونعطي لمحة مختصرة عن هذا الصنف من " البيهات الذين يقومون بذلك لغرض الشهرة وطلب " المغنى " مثلما كانت تقول لي جدتي - رحمة الله عليها - كلما حدّثتني عن أمثال هوءلاء أو مواقف بمستوى درجات إنحطاطهم ولؤمهم وكبريائهم. وأمراضهم النفسية ..!

صحيح أن نسبة لابأس بها ممن يعطونهم نزرا يسيرا .. هم مستحقون له..لكن المختلف عليه هو طريقة العطاء أولا : وثانيا : إن نسبة كبيرة - أيضا - من المشمولين بكرم هوءلاء المانحين الجدد.. الذين يجودون بالصدقات أو قل التبرّعات والهدايا ..هم أغنياء وقد يكونون من الطبقة البرجوازية جدا .. ولا يحتاجون أي هبة أو مساعدة أبدا.. فما بالك إذا كانت تحت بند الزّكاة التي أوجبها الله تعالى على أصحاب المال لتأديتها لأهل الحاجة والفقراء والمساكين وكل المحتاجين والغارمين وغيره ..!

حول الموقع

سام برس